استعرض
تقرير لمجلة "إيكونوميست" البريطانية مجريات وتداعيات اتفاق
التطبيع المرتقب بين
السعودية والاحتلال، مبينة أن التوقيع عليه بمساعدة أمريكية يمكن أن يمنح الرياض التكنولوجيا النووية.
وقالت المجلة إن ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان لم يخف استمتاعه بمنظور معاهدة استراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة.
وأضافت، أن العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين السعودية وإسرائيل، كانت قادمة على كل الأحوال، حيث التقى محمد بن سلمان ومنذ توليه ولاية العهد في 2017 مرة واحدة سرا مع نتيناهو.
وبينت أن "هناك علاقات تجارية هادئة بين تل أبيب والرياض، ولهما منافس مشترك هي إيران، لافتة إلى أن "قليلين توقعوا أن يتم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الإسرائيلية السعودية خلال حياة العاهل السعودي الملك سلمان، الذي ينتمي إلى جيل لم يكن من الممكن بالنسبة له إقامة أي علاقة مع إسرائيل".
وترى المجلة أن "دافع السعودية للتطبيع هو توقيع معاهدة استراتيجية جديدة مع الولايات المتحدة حيث ترتبط الدولتان بعلاقة أمنية، حيث تريد الرياض معاهدة دفاع رسمية، كون طهران تزيد من برامجها النووية وتقف على أعتاب إنتاج الأسلحة النووية، مما سيقلب التوازن الأمني في المنطقة رأسا على عقب".
وتشمل المحادثات تطوير مفاعل للطاقة النووية حيث سيتم تخصيب اليورانيوم في داخل السعودية وتحت إشراف أمريكي، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، وعلى نفس الطريقة التي أدارت فيها الولايات المتحدة شركة أرامكو العملاقة في البداية.
ومع أن هذه الجهود ستكون مدنية الطابع، إلا أن الهدف الأمريكي النهائي هو منع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.
في المقابل يقول ولي العهد السعودي إن بلاده لها الحق في امتلاك الأسلحة النووية إذا امتلكتها إيران، حيث صرح "لو حصلوا على سلاح، فنسنحصل على مثله، لكننا لا نريد رؤية هذا".
وأكدت المجلة أن الإطار الأمني الدبلوماسي الذي ستدعمه الولايات المتحدة معتمدة على السعودية وإسرائيل سيكون إنجازا مهما في السياسة الخارجية لإدارة بايدن قبل الانتخابات.
وأشارت المجلة إلى "التغير في مواقف بايدن من السعودية خلال حملته الانتخابية التي لم يرد التعامل معها كما قال حينها، لكن الواقعية السياسية هي التي تحكم اليوم".
وترى إدارة بايدن في الصفقة وسيلة للتكيف مع العصر الجيوسياسي الجديد والذي ستظل فيه الولايات المتحدة الضامن الوحيد لأمن دول الخليج على مدى العقود القادمة، حتى لو استمرت اقتصاديات هذه الدول تتجه نحو آسيا، ما يعني إحباط محاولات إيران وتهدئة أسواق الطاقة ومنع الصين من دفع الشرق الأوسط نحوها.
وتابعت المجلة، "أن هناك عقبات داخلية كبيرة أمام الاتفاق، لا سيما أن الأنظمة الملكية شبه المطلقة يجب أن تأخذ في الاعتبار الرأي العام، مشيرة إلى أن 2 بالمئة فقط من الشباب السعودي يدعمون التطبيع بحسب دراسة لمسح الشباب العربي عام 2023، مقارنة مع 75 بالمئة في الإمارات".
ووفقا للمجلة، "فإن هذا يفسر إحالات ولي العهد المستمرة في مقابلته للاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، حيث قال "بالنسبة لنا، فالقضية الفلسطينية مهمة جدا ونحن بحاجة لحل هذا الجزء".
من جهة أخرى تؤكد المجلة، أن المحادثات بين السعوديين والفلسطينيين تتواصل، حيث من المقرر أن يزور وفد فلسطيني رسمي الرياض الشهر المقبل، ناهيك عن زيارة المسؤولين الفلسطينيين للرياض بشكل أسبوعي تقريبا خلال الأشهر القليلة الماضية، وفقا لمصدر في الضفة الغربية.
وأردفت، "أن محمد بن سلمان لم يذكر في مقابلته التلفزيونية مبادرة السلام العربية، وهي الخطة التي أقرتها السعودية ودول عربية أخرى عام 2002، وتقوم على علاقات مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها عام 1967، بما فيها القدس الشرقية وإنشاء الدولة الفلسطينية".
"وبدلا من ذلك، قدم بن سلمان وعودا غامضة مثل منح الفلسطينيين احتياجاتهم والتأكيد على توفير حياة جيدة لهم، وفي الوقت الذي تتحدث الأطراف كلها عن صورة "شرق أوسط جديد" تربطه المواصلات والطاقة، حيث تتغلب الفرص الاقتصادية على العداوة"،بحسب المجلة.
وبالنظر إلى الأشهر التسعة الأولى الفوضوية من رئاسته الأخيرة للوزراء يمكن معرفة السبب الذي يدفع
نتنياهو الذي ظل لسنوات عديدة يتحدث بصوت عال عن مخاطر البرنامج النووي الإيراني، على استعداد لتأييد تخصيب اليورانيوم السعودي كجزء من أي صفقة، وفقا لتقرير المجلة.
وتوقعت "أن يؤدي الاتفاق إلى إحداث صدمة في السياسة الإسرائيلية وعواقب لا يمكن التنبؤ بها، حيث يضم ائتلاف نتنياهو المتشدد أحزابا تمثل المستوطنين اليهود المتدينين في الضفة الغربية المحتلة الذين يعارضون أي تنازلات للفلسطينيين، حيث توعدوا بمعارضة أي تنازلات أو صفقة تتخلى فيها إسرائيل عن المناطق الفلسطينية".
وبحسب المجلة، "فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تيقن أن السعوديين لن ينتظروا بعد الآن قيام دولة فلسطينية قبل إقامة علاقات مع إسرائيل، إلا أنه يريد أن تتوقف إسرائيل على الأقل عن بناء مستوطنات جديدة وتضمن قدرا أكبر من الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية".
ويعتقد كاتب التقرير، أن هذه الخطوات قد تسقط ائتلاف نتنياهو الحالي، إذ يقول أحد كبار السياسيين اليمينيين إن الصيغة الوحيدة التي سيؤيدها الائتلاف هي حصول الفلسطينيين على أموال سعودية لتلبية احتياجاتهم، بدون المزيد من الحقوق".
وتقول المجلة إنه إذا دعم ابن سلمان ولو جزءا من المطالب الفلسطينية، فمن المحتمل أن يخسر نتنياهو دعم بعض أعضاء ائتلافه وأغلبيته في الكنيست، وسيكون خياره الوحيد هو استخدام احتمال التوصل إلى اتفاق تاريخي لكسب دعم أحزاب الوسط التي رفضت حتى الآن الانضمام إلى حكومته وستطالب بتغييرات سياسية كبيرة للقيام بذلك الآن.
وتابعت، "ورغم دعم أحزاب الوسط بقيادة بيني غانتس ويائير لبيد لصفقة سعودية، إلا أن الأخير طرح بعض التحفظات حول تخصيب اليورانيوم في السعودية، كما أن الاثنين لديهما تجربة سيئة في التعامل مع نتنياهو ولديهما الأسباب لعدم المشاركة في حكومة أخرى".
وختمت المجلة تقريرها بالقول، "إن بايدن وجد صعوبة في تسويق الصفقة، لاسيما أن حصول السعودية على مفاعل نووي قد يقلق الأمريكيين الخائفين من انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، كما أن التقدميين المعارضين للسعودية والجمهوريين الذين يصوتون ضد أي شيء يقترحه بايدن سيحاولون عرقلة الصفقة".