مع دخول عدوان الاحتلال على غزة يومه العاشر،
تتزايد الدعوات الإسرائيلية للمسارعة في تنفيذ العملية البرية في أسرع وقت ممكن، قبل
انقضاء المدة الزمنية الممنوحة له، وسط تحذير من الغطرسة الإسرائيلية، والاستهتار بالعدو،
والمبالغة بالحديث عن القدرات الاستخباراتية والعملياتية، لأن ذلك قد يساعد في نجاح
خديعة المقاومة، كما أن الاحتلال لن يتمكن من تعلم الدروس إلا إذا فحص إخفاقاته، مما
يستدعي استيعابها، ونقلها من جيل إلى جيل، وإلا سنتفاجأ مرة أخرى.
المؤرخ الإسرائيلي يعكوب لازوبيك رأى أن "الدعوات لإسقاط
حماس تستدعي الحاجة لاستراتيجية مزدوجة، وأهمها أن يحصل الفلسطينيون على مستقبل أفضل حيث يمكنهم العيش على أرضهم بكرامة دون احتلال أو حصار، صحيح أن هجوم حماس المفاجئ أوجد إجماعا إسرائيليا جديدا على الإطاحة بحماس، أو تدميرها، دون فرق بين اليمين واليسار، الجميع يتفقون، لكن جزءًا من الاتفاق ينبع من مشاعر الانتقام، رغم أن إسقاط حماس لن يتم دون التضحية بحياة مئات وآلاف من الجنود، فهل نريد حقاً قتلهم وهم يقاتلون في منطقة مبنية مزدحمة من أجل الردع".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
معاريف"، وترجمته "عربي21" أن "من ينادي بإسقاط حماس يتناسى أنها ليست حركة سياسية وعسكرية مسلحة فحسب، بل هي فكرة ومعتقد ديني ونظرة عالمية تقول إنه لا بد من محاربة العدو الصهيوني بأي شكل من الأشكال، حتى من يقولون إن حماس هي داعش، تبدو مقارنة سخيفة، فداعش لم يكن لديه سوى آلاف المقاتلين، بلا شعب، واستغرق الأمر سنوات حتى تتمكن القوى العالمية من القضاء عليه، وهذا ما هو غير حاصل مع حماس".
يوسي أحيمائير الكاتب في صحيفة "
معاريف"
أكد أنه "لم تمض 24 ساعة على إحيائنا لهزيمة أكتوبر 1973، حتى ضربتنا المفاجآت
بشدة من خلال هجوم حماس في أكتوبر 2023، إلى الدرجة التي نسينا فيها حرب يوم الغفران
ودروسها، وقد تم القبض علينا مرة أخرى على حين غِرّة، وكان الثمن المدفوع باهظًا للغاية
بحيث لا يمكن تحمله، وفي يوم واحد، قُتل أكثر من 1300 مستوطن وجندي، وكما هو الحال
مع خط بارليف على الضفة الشرقية لقناة السويس الذي تم اختراقه بسهولة في 1973، فإن
السياج المحيط بقطاع غزة لم يتمكن من الصمود في وجه جرافات حماس، حيث اقتحمه مئات من
مقاتليها".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"
أنه "من الصعب أن نفهم كيف لم نتعلم الدرس، والنتيجة أننا صدمنا جميعا، ومع تزايد
عدد القتلى لم ندرك بعد حجم الكارثة، ومنذ عشرة أيام، لم يرفع أحد في إسرائيل عينيه
عن شاشة التلفزيون، فالقنوات تبث على مدار الساعة التطورات الحالية، وقال المعلقون
كل شيء تقريبًا، وحلّلوا سبب الفشل، وتحدثوا عن أهداف حماس، وأجروا مقابلات مع الناجين،
وأفراد عائلات، وضباط في الجيش، في الاستوديوهات أو في الميدان".
وأكد أنه "يجب أن نقول بوضوح إن المسؤولية
النهائية عن هذه الكارثة تقع على عاتق من يقف على قمة الهرم، رئيس الوزراء، وقادة الأجهزة
الأمنية المختلفة والقيادة الجنوبية ورئيس الأركان، لأنهم أغفلوا جميعا التدريبات والمناورات
التي قامت بها حماس لمدة عام، ولم يتم تفسيرها على أنها تحضيرات للاختراق الكبير، ومهما
كان السياج قويا، فلا قيمة له إذا لم يعهد إليه بحراسته ليل نهار، وهكذا أتى الوقت
ليتم اكتشاف إخفاقات الجيش والحكومة، والآن بات وقت الحرب لإسرائيل".
وأشار إلى أن "هناك إغفالا آخر يتطور
ببطء، مما قد يقلب الصورة المؤيدة للاحتلال، وما زالت جبهة مناصرته متكاسلة، أمام الدعاية
الفلسطينية المتصاعدة، ولم يعد صعباً رؤية المظاهرات الصاخبة الداعمة لحماس، ليس فقط
في شوارع عمان، بل وفي قلب نيويورك، متظاهرون يحملون الأعلام الفلسطينية، ويلوحون بعلامات
الكراهية المناهضة لإسرائيل".