أول شيء فعله مجرم الحرب ناتنياهو بعد أن
استفاق من صدمة ضربة 7 أكتوبر، هو دعوة قادة المعارضة إلى تشكيل حكومة طوارئ وطنية
دون شروط مسبقة، "على غرار تلك التي تم تشكيلها مع مناحيم بيغن عشية اندلاع
حرب الأيام الستة أي حرب 1967 ". وأهم ما قاله في دعوته أن "الشعب موحد
والآن لا بد للقيادة من أن تتحد". ولبى قادة المعارضة النداء رغم العداء
الشديد بينهم وبين رئيس الحكومة والمسيرات الاسبوعية الحاشدة ضده التي تدوم من
أشهر طويلة بسبب الخلافات الكبرى حول السياسات الداخلية وخاصة حول مشروع تدجين السلطة
القضائية الذي مضى فيه منذ وصوله لرئاسة الحكومة بالتحالف مع أحزاب يمينية متطرفة.
نتنياهو استند في دعوته هذه إلى القاعدة
التي أرساها "دافيد بن غوريون" مؤسس دولة الكيان الغاصب منذ سنة 1948
والتي تقول "كل الشعب جيش، كل البلاد جبهة" …
نتنياهو ليس حكيما وليس قدوة.. ولن ينتصر
وتحالفه قطعا في معركة الإرادات أمام أصحاب حقّ متمسّكين بحقّهم.. ولكن..
أين نحن من هذا؟
رغم هبّة الشعوب العربية وشعورها بوحدة
الألم والغضب والأمل، وانتظاراتها لمواقف مشرّفة من حكوماتها فيها انتصار للحق
الفلسطيني وتصدٍّ للعربدة الاسرائيلية وتحدٍّ للغطرسة الأمريكية، لم تحصل، إلى حد
الان، أي خطوة توحي بأن القادة العرب يتّبعون بوصلة شعوبهم، أو على الاقل يفهمون
متطلبات المرحلة كما فهمها العدو المعتدي.
لم تحصل، إلى حد الآن، في أي من الدول
العربية بما فيها دول الطوق المعنية مباشرة بتبعات
العدوان الإسرائيلي، أي خطوة في
اتجاه تعزيز الجبهات الداخلية في مواجهة العدوان المسنود من أغلب القوى الدولية
وفي مواجهة المخططات الخطيرة التي يتم الترتيب لها ليس فقط لغزة ولكن لكامل
المنطقة.
لم تحصل، إلى حد الآن، أي خطوة لتنفيس
الاحتقانات الداخلية مثل إطلاق سراح المساجين السياسيين والرفع "الوقتي"
للإجراءات القمعية وتجميد النزاعات الداخلية، ناهيك عن تجميع القوى السياسية
والمجتمعية المحلية في تلك الدول على أساس تعزيز الوحدة الوطنية وتوحيد الجهود
للتصدي للعدوان.
لم تحصل، إلى حد الآن، أي خطوة في اتجاه
تجميد النزاعات والخلافات البينية بين بعض الدول العربية. والاعلان عن هدنة في
الجبهات العديدة في الأمة وأساسا سوريا واليمن والسودان. والحال أن التحدّي
الخارجي يوفّر عادة فرصة مهمّة لتجاوز الأزمات وبناء الجسور.
كرّرنا مرارا عبارة "إلى حد الآن"،
لأن الوضع في العالم العربي مفتوح على كل الاحتمالات، والاستقرار الظاهر للأنظمة
الحالية يغطّي على ديناميكيات متحرّكة داخلية متأثّرة حتما بتطورات الأوضاع في
غزة، بشكل قد يؤدّي إلى تغييرات تفاجئ ليس فقط بعض الحكاّم بل حتى الجهات التي تخطّط
لمصير كامل المنطقة.
هل يوحّد العدوان الجبهة الداخلية
الفلسطينية؟
تخوض فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة
معركة حياة أو موت بجهودها الذاتية وتضحياتها التي تهدّ الجبال، دون تنسيق ظاهر أو
توحيد جهود أو تبادل أدوار، إلى حد الآن، مع قيادات الفصائل في باقي ربوع فلسطين
في الضفة الغربية وال48. وتكتفي قيادات تلك الفصائل وعلى رأسها رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس ببيانات الشجب وإعلانات الحداد والخطابات الرنانة. وتكتفي
إطارات أغلب تلك الفصائل بالمظاهرات ووقفات التضامن وكأن الأحداث الدامية تجري في
قارة أخرى.
وقد أدّى ضعف الموقف الرسمي لرئيس السلطة
تجاه العدوان على غزة، وتبرّئه من المقاومة وانتقاده لها، ومواصلة الأجهزة الأمنية
للسلطة التنسيق الأمني مع قوات
الاحتلال وقمع التحرّكات الشعبية في عموم ربوع
الضفة، إلى تصاعد الاحتجاجات في الأيام الأخيرة على "سلطة أوسلو " والتي
وصلت إلى المطالبة بإسقاط الرئيس.
موقف السلطة الفلسطينية، إلى حد الان،
متخاذل جدا ومناف لمتطلبات المرحلة وللحد الأدنى من فهم المخططات التي تحاك ضد
الفلسطينيين جميعهم وضد حقوقهم التاريخية، وليس فقط ضد حماس.
لا أحد في الداخل الفلسطيني يفهم التلكؤ، إلى
حد الآن، في عقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل أو على مستوى منظمة التحرير
الفلسطينية، لتوحيد الموقف الفلسطيني ووضع إستراتيجية تصدي للعدوان سياسيا وشعبيا،
تكريسا لشعارات وحدة الصف وتنفيذا لمخرجات مؤتمر الحزائر .
لا أحد يفهم المصلحة في تواصل التنسيق
الأمني مع الاحتلال، ومواصلة احترام الاتفاقيات الأمنية معه (من جانب واحد)،
ومواصلة اعتقال أجهزة عبّاس لعديد القيادات الميدانية لفصائل المقاومة، والحال أن
العدوان الغاشم يمثل فرصة للتخلص من أعباء تلك الاتفاقيات والتكفير عن سنوات من
الارتهان للعدو.
محور المقاومة.. البوصلة المضطربة
في الأيام الماضية، وفي نفس الوقت الذي كانت
طائرات الجيش الإسرائيلي الغاشم تدكّ غزة بآلاف القنابل المدمّرة، كانت مدافع نظام
بشار الأسد المدعوم من إيران وحزب الله تدكّ مدن وقرى الشمال السوري لتنشر الدمار
والقتل، تماما كما تفعل إسرائيل في فلسطين. إلى درجة أن صور الضحايا والناجين من
القصف اختلطت على
الرأي العام العربي، لا يكاد الواحد يفرز أيها في حي الرمال بغزة
وأيها في دارة عزة في ريف حلب ….
كل الأعين في الشارع العربي مشرئبة منذ
بداية العدوان الإسرائيلي على غزة إلى "محور الممانعة" متى يتحرك لنصرة
أهالي غزة ومنع استفراد الجيش الاسرائيلي بهم، إلا قادة المقاومة الفلسطينية الذين
عبّروا في مناسبات عديدة في الأيام الماضية عن خيبة أملهم في موقف ذلك المحور. حيث
صرّح خالد مشعل "أن ما تنتظره حماس من محور المقاومة مازال دون المطلوب"
مضيفا أن "ما يجري لا بأس به لكن غير كافٍ، وأن التاريخ لا يُصنع باللعب
والخطوات المحددة والخجولة والمترددة، بل بالمغامرات المدروسة". كما صرح موسى
ابو مرزوق عضو المكتب السياسي للحركة قبل ذلك أنه كان يتوقع "أن يكون التفاعل مع الحدث أكثر
بكثير مما جرى لليوم".
كل الأعين في الشارع العربي مشرئبة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة إلى "محور الممانعة" متى يتحرك لنصرة أهالي غزة ومنع استفراد الجيش الاسرائيلي بهم، إلا قادة المقاومة الفلسطينية الذين عبّروا في مناسبات عديدة في الأيام الماضية عن خيبة أملهم في موقف ذلك المحور.
ليس المجال هنا للمزايدة وللحكم على
المستقبل، ولكن واضح أن حسابات الربح والخسارة والمصالح الذاتية القومية لدولة إيران
هي الأساس.. إذا تقاطعت تلك الحسابات مع المعركة الحالية قد تدفع للانخراط دون
أدنى تغيير لسياساتها في الجبهة الداخلية في لبنان وسوريا واليمن والعراق.. وإذا
تنافرت لن يحصل انخراط ولا تحريك جدّي للجبهة الشمالية .. فقط بعض الخطابات
الحماسية والتأكيدات على أن "كل
الخيارات مفتوحة اذا ما استمرت الجرائم"، والاشتباكات المحدودة في الجبهة
الشمالية ضمن قواعد التوازن المعهودة بين حزب الله واسرائيل.. ربما لا أكثر. إلّا
إذا طرأ طارئ أخلّ بالتوازنات الهشّة.
مصر.. تفويض شعبي عوض وحدة وطنية
كانت الأزمة السياسية على أشدّها في مصر عند
اندلاع الأحداث في غزة. حيث كانت البلاد تشهد انقسامات حادة بسبب إعلان السيسي عن
ترشحه للانتخابات الرئاسية التي قرر عقدها في يناير المقبل، وبسبب التضييقات
الشديدة التي تعرّض لها المرشح الجدّي الوحيد للمعارضة أحمد الطنطاوي للحصول على
التوكيلات المطلوبة مما دفعه للانسحاب من السباق، بشكل زاد في التشكيك في نزاهة
الانتخابات وفي شرعية السيسي الذي يتحمّل مسؤولية الأزمة المعيشية الخانقة والمرشحة
لمزيد الاستفحال، والأزمة الإنسانية المتمثلة في وجود عشرات الآلاف من المساجين
السياسيين في المعتقلات.
لا شك أن النظام المصري ينظر الآن الى الحرب
المتصاعدة في غزة بحسابات الفُرص والمخاطر. الفرص في ترميم الشرعية الشعبية
المهترئة داخليا وفي كسب شرعية خارجية تُعوّض الشرعية الداخلية المهتزّة والتي
ستزداد تآكلا في الانتخابات الصورية القادمة. والمخاطر في التورط في نزاع كل
نتائجه المحتملة، سواء كانت انتصار المقاومة أو غلبة الجيش الاسرائيلي، لا تخدم
مصالحه الضيقة.
ليس لدينا أي وهم أن السيسي ونظامه سيختار
الشرعية الخارجية، المصحوبة بجزرة الدعم الاقتصادي والوعد "الكاذب"
بتصفير الديون، على الشرعية الداخلية التي تقتضي مدّ اليد للقوى السياسية المعارضة
وإحداث انفراج جدّي في البلاد لتوحيد الصفوف خلف القيادة السياسية والعسكرية
للتصدّي لأكبر تحدّي لمصر منذ حرب 1973. وما يقتضيه ذلك بدرجة أولى من إطلاق سراح
مساجين الرأي والسماح بعودة المغتربين لتنقية المناخات الداخلية.
ولكن إلى أي مدى يمكن أن يصل السيسي ونظامه
في تنفيذ الأجندة المطلوبة منه؟ وهل سيقبل بلعب الدور الأقذر في وأد القضية
الفلسطينية عبر القبول بتوطين الغزاويين في سيناء والمشاركة في تصفية المقاومة؟
الشكوك متزايدة في مصر والعالم العربي أن
السيسي وبعض قيادات الجيش مستعدون للعب هذا الدور القذر، خاصة بعد التفويض الذي
طلبه السيسي "لاتخاذ ما يلزم للحفاظ على أمن مصر القومي". في خطوة عكسية
تماما لما يتطلبه الموقف الخطير من توسيع دائرة القرار واستقواء الرئيس وجيشه
بعموم الشعب وقواه الحيّة لمواجهة المؤامرات. فهل سينجح في ذلك أمام شارع مصري
استعاد الحركة والحياة بعد طول سبات؟
تونس.. هل تعزز القضية الفلسطينية الجبهة
الداخلية أم تُستعمل لمواصلة الانقسام؟
تكاد تكون تونس الدولة العربية الوحيدة التي
شهدت في الأيام الماضية تماهيا بين الخطاب الرسمي والخطاب الشعبي في موضوع
الانتصار للقضية الفلسطينية. حيث اعتمد الرئيس سعيّد خطابا حماسيا دافع فيه عن
المقاومة وهاجم فيه جرائم "الكيان الصهيوني" المدعوم من الغرب وتعرّض
فيه لأكاذيب الاعلام الغربي، وعبّر فيه عن الالتزام "بمواصلة النضال بالكلمة
الأمينة المعبّرة عن الطلقة الشجاعة من أجل تحرير كامل الوطن المحتلّ بالجماهير
العربية معبّأة ومنظّمة ومسلّحة وبالحرب الثورية طويلة الأمد أسلوبا… ".
وترافق ذلك الموقف بتحرّكات شعبية غاضبة في جهات عديدة من البلاد بما في ذلك أمام
السفارة الفرنسية في العاصمة مع مطالبات بطرد السفير، دون تضييق من الجهات الأمنية،
على عكس ما كان يجري في تحرّكات المعارضة التونسية.
ليس هناك أدنى شكّ أن القضيّة الفلسطينية
تمثّل للتونسيّين بمختلف توجهّاتهم الايديولوجية القضيّة المركزية التي تعلو على
القضايا المحلّية، وتكاد تشكّل نقطة الالتقاء الوحيدة بين مختلف التيارات. وقد
شهدت التظاهرات المؤيدة للقضية في الأيام الماضية مشاركة كل مكوّنات الطيف السياسي
وغير المتسيّس، بما في ذلك أنصار القوى السياسية التي يهاجمها الرئيس سعيّد كلّ
يوم، وبما في ذلك أقارب مسجوني الرأي الموجودين في السجون منذ مدد متفاوتة قاربت
العام للعديد منهم دون محاكمة عادلة.
أدّى ضعف الموقف الرسمي لرئيس السلطة تجاه العدوان على غزة، وتبرّئه من المقاومة وانتقاده لها، ومواصلة الأجهزة الأمنية للسلطة التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال وقمع التحرّكات الشعبية في عموم ربوع الضفة، إلى تصاعد الاحتجاجات في الأيام الأخيرة على "سلطة أوسلو " والتي وصلت إلى المطالبة بإسقاط الرئيس.
عديد التونسيين يعتبرون أن خطاب سعيّد ليس
سوى ركوب للموجة و استغلال للشعور العام الغالب للتونسيين من أجل تعزيز شرعيته
التي اهترأت بسبب الأزمة الاقتصادية وسوء ادارة البلاد في السنتين الاخيرتين وعدم
انجاز الوعود الخيالية، وكذلك بسبب الانتكاسة الانتخابية والانقسام المجتمعي الذي
كرّسه. ويقارنون كلامه الجميل اليوم بتصريحه الشهير الذي كرّره ثلاث مرة في
المناظرة مع خصمه نبيل القروي في ختام الحملة الانتخابية الرئاسية في 2019
“التطبيع خيانة عظمى"، والتي يعتبرها الكثيرون من أبرز الورقات التي رجّحت
كفّته آنذاك. خاصة وأن موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة أضحى على الأبواب.
لم تترافق
مواقف الرئيس الثورية المتواترة
هذه الأيام بخصوص القضية الفلسطينية بأي موقف عملي أو دبلوماسي ولو كان رمزيا. ولم
تترافق بأي توجّه داخلي لتخفيف الاحتقان ورأب الصدع الذي أحدثه مع أغلب مكونات
المشهد السياسي.
كان سيكون كلامه الذي قاله لمحمود عباس
"إن وحدة الصف الفلسطيني هي وحدها الكفيلة بتحرير فلسطين” ذا مصداقية اذا ما
حرص في الان ذاته على وحدة الصف التونسي، وجمّع المختلفين معه حول الأولويات
المشتركة وكم هي عديدة وأكبر بكثير من نقاط الاختلاف.
كان سيستعيد حدودا من شرعيته لو بادر، في ظل
هذا الظرف التاريخي الخطير، الذي تجتمع فيه على البلاد والأمة تحديات العدوان
الخارجي والازمة الاقتصادية والتغييرات المناخية، بالاعلان عن خطوات لتجسيد الوحدة
الوطنية وأعلن عن عفو تشريعي عام عن سجناء الرأي وايقاف التتبعات في حق من لم
يُحكم بعد.
ولكن الأحقاد الشخصية والطموحات الانتخابية
والحسابات الفئوية الضيقة أكبر في النفوس
من تقديرات المصلحة العامة ومسؤولية التجميع والتوحيد.
أين الجزائر؟
سؤال يحمل في طيّاته الجواب!
المملكة السعودية.. القائد الغائب
في الليلة الظلماء يُفتقد البدر. وفي الحرب
الشعواء يُفتقد القائد. لم تمرّ على الامة العربية والعالم الاسلامي السنّي مرحلة
من اليُتم أشدّ من هذه الفترة. لا منظّمة جامعة تؤطّرهما، ولا دولة قائدة تأخذ
المبادرات وتقود المفاوضات وتُجمّع الشتات وتُنظّم المؤتمرات العاجلة والقمم
الاستثنائية لتنسيق المواقف وتنظيم الضغوط باستعمال الأسلحة الفعالة المتوفرة من
نفط وغاز ومعابر بحرية ومجالات جوية وغيرها.
تركيا حاولت خلال السنوات الماضية سدّ هذا
الفراغ نسبيا. ولكن ظلّت مصالحها القومية قبل كل اعتبار وهذا طبعا من حقّها. ومنذ
اندلاع الأزمة الحالية اختفت تركيا أو تكاد من المشهد، وكانت مواقفها باهتة لا
تكاد تتميّز عن مواقف الرسميّات العربيّة. بشكل يجعلها غير مؤهّلة لقيادة موقف
اسلامي موحّد ضد العدوان.
المملكة السعودية تمتلك اليوم شروط قيادة
جهود الدول العربية والاسلامية السنّية في معركة الوجود هذه ضد مخططات وأد القضية
الفلسطينية وتغيير الخارطة الاقليمية، لو توفرت لدى قيادتها الارادة والبصيرة.
المملكة قادرة بوزنها الجيواستراتيجي
والمالي، وورقات الضغط التي تمتلكها خاصة في موضوع البترول والسيولة المالية،
ومكانتها الدينية لدى عموم المسلمين على لعب دور مركزي في تجميع مختلف الدول
العربية وأغلب الدول الاسلامية حول عمل مشترك من أجل التصدي لحرب الابادة ضد غزة
ولمخططات التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة. ومن أجل الضغط على حلفاء
اسرائيل ليفرضوا على دولة الكيان وقف العدوان.
المملكة قادرة على قيادة جهد عربي ودولي
لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة،
ولاعادة إعمار غزة عند توقّف الحرب. وهو ما سيمنحها شرعية شعبية عربية عالية.
هناك اليوم فرصة ذهبية للنظام السعودي لو يلتقفها
يستعيد المبادرة والريادة وشرعية القيادة في الأمة للسنوات القادمة. خاصة اذا ما
أوقف مسارات التطبيع مع العدو التي كاد أن يتورط فيها، وأخذ مسافة من سياسات
التبعية التي رهنت قرار البلاد ومقدراتها لعقود، وراجع سياساته الداعمة للانظمة
الانقلابية والاستبدادية الفاشلة في المنطقة، ومدّ يديه لقوى الأمّة الحيّة. ولو
يضيف لهذه الخطوات الخارجية خطوة داخلية في اتجاه اطلاق سراح مساجين الرأي
الموجودين في سجونه منذ سنوات طويلة، فسيعزز جبهته الداخلية بما يعطيه مناعة أكبر
ضد الضغوطات الخارجية.
ليتهم يدركون هذا الحظ العظيم ولا يضيعون
على أنفسهم وعلى الأمة هذه الفرصة النادرة.
وليت باقي الأنظمة العربية تستثمر هذه
المناخات من الهبة الشعبية للالتحام مع شعوبها ومع قواها السياسية والمدنية،
لتعزيز وحدتها الداخلية، وبالتالي شرعيتها واستقرارها ومناعتها أمام محاولات
الاخضاع وفرض الإرادة الأجنبية.
أفلا يعقلون!