قال سيرغي شميمان، الصحفي الأمريكي في "نيويورك تايمز" إنه بعد مقتل أكثر من ألف إسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وآلاف
الفلسطينيين بغزة في الحرب ضد حماس، فقد يبدو من غير اللائق التركيز على الاشتباكات الصغيرة نسبيا بين المستوطنين والفلسطينيين في
الضفة الغربية.
واستدرك شميمان في مقالته بالصحيفة: "لكن سيكون من الخطأ التغاضي عن خطر تصاعد عنف المستوطنين خلال الشهر الماضي".
https://www.nytimes.com/2023/11/11/opinion/west-bank-settler-violence.html
وتابع: "يبدو أن هذه هي حسابات المستوطنين المتشددين والمتطرفين القوميين في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهم المدافعون المتحمسون عن توسيع الوجود اليهودي في الأراضي المحتلة".
بكل المقاييس، ارتفع عدد الفلسطينيين الذين شردوا أو قُتلوا في الاشتباكات مع الجيش الإسرائيلي بشكل حاد منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وقد استشهد المتطرفون اليمينيون بهجوم حماس كمبرر لهم، ولكن يبدو أنهم يدركون تمام الإدراك أن تحول الاهتمام العالمي والإسرائيلي بعيدا عن الضفة الغربية، يوفر غطاء لمزيد من عمليات الاستيلاء على الأراضي.
والخطر المباشر هو أن الضفة الغربية سوف تنفجر أيضا في أعمال عنف واسعة النطاق، والتي قد تكون أكثر دموية وتدميرا من الانتفاضات السابقة.
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، قام الجيش الإسرائيلي بتشديد القيود على السفر حول الضفة الغربية وزاد من عدد الغارات ضد مخابئ المسلحين المشتبه بها.
وقال الفلسطينيون الذين تحدثت إليهم عبر الهاتف إن الناس يدركون مدى فظاعة العواقب التي قد تترتب على الانتفاضة.
لكنهم قالوا إن المزاج العام في الضفة الغربية غاضب، وأي حادث يمكن أن يثير موجة من الغضب في الشوارع.
ويوم الخميس، قُتل ما لا يقل عن 10 فلسطينيين في غارة للجيش الإسرائيلي على مخيم للاجئين في جنين، وهو هدف متكرر.
وأوضحت إدارة
بايدن أنها على علم بالتوترات، وقال الرئيس مؤخرا: "ما زلت أشعر بالقلق إزاء هجمات المستوطنين المتطرفين على الفلسطينيين في الضفة الغربية. وهذا يشبه صب الزيت على النار. ويجب أن يتوقف الآن".
واتخذت الإدارة خطوة غير معتادة بالسعي والحصول على ضمانات من إسرائيل، بأن أيا من آلاف الأسلحة الهجومية الأمريكية التي طلبتها إسرائيل لن تذهب إلى المدنيين في
مستوطنات الضفة الغربية.
ومع ذلك، فإنه لم يُظهر نتنياهو سوى القليل من الاهتمام بكبح جماح حلفائه، وعلى الرغم من أنه قام بتشكيل حكومة حرب خاصة مع زعماء المعارضة لإدارة الحملة ضد حماس، إلا أن حكومته الائتلافية الأصلية لا تزال سليمة، بما في ذلك المتطرفون الدينيون القوميون بتسلئيل سموتريتش وزير المالية، وإيتمار بن غفير وزير الأمن القومي..
وكلاهما من المدافعين بشكل لا لبس فيه عن توطين اليهود في الضفة الغربية، التي يشيرون إليها باسم يهودا والسامرة التوراتية.
قبل غارة حماس، كانت الحكومة اليمينية المتطرفة تضغط من أجل "الإصلاح القضائي" الذي أثار معارضة واسعة ومستمرة في إسرائيل كمحاولة لتحرير الحكومة من القيود القضائية على تصرفاتها في الأراضي المحتلة.
على الرغم من الانشغال بغزة خلال الشهر الماضي – أو ربما بسببه – فإن المتعصبين استمروا في ذلك.
وقد دعا سموتريتش إلى توسيع المناطق المحظورة على الفلسطينيين حول المستوطنات الإسرائيلية، بما في ذلك فرض حظر على الفلسطينيين الذين يقطفون الزيتون بالقرب من المستوطنات.
وقد رفض بن غفير المخاوف التي أثارتها وكالات الاستخبارات الإسرائيلية بشأن عنف المستوطنين، مشيرا إلى أنها ليست أكثر من "كتابات على الجدران" من قبل الشباب الإسرائيليين على الممتلكات الفلسطينية، ويقال إنه تساءل عن سبب الاهتمام الكبير بها.
إنها بالكاد كتابة على الجدران، ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قُتل 150 فلسطينيا، من بينهم 44 طفلا، على يد القوات الإسرائيلية، وثمانية آخرون على يد المستوطنين الإسرائيليين، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وتم تهجير ما لا يقل عن 111 أسرة فلسطينية تضم 905 أشخاص.
وفي الوقت نفسه، قُتل ثلاثة جنود إسرائيليين في هجمات شنها فلسطينيون، ويمثل ذلك زيادة من متوسط مرتفع بالفعل يبلغ ثلاثة اعتداءات على الفلسطينيين يوميا حتى الآن هذا العام إلى متوسط 7 اعتداءات يوميا.
الأرقام لا تعطي القصة الكاملة للطرق التي يتم من خلالها ترويع الفلسطينيين: اقتلاع المئات من أشجار الزيتون، وتخريب الممتلكات، والضرب وإطلاق النار، والطرق والبؤر الاستيطانية التي أنشأها المستوطنون وأحيانا الجيش، لربط المستوطنات والبؤر الاستيطانية.
وفي حادثة أوردتها صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي، كان بائع فلسطيني وعائلته يقطفون الزيتون عندما ظهر أربعة مستوطنين يهود مسلحين وبدأوا بالصراخ.
وفر الفلسطينيون، لكن البائع بلال محمد صالح عاد ليأخذ هاتفه، وقُتل بالرصاص، وهو الفلسطيني السابع الذي يقتل على يد المستوطنين منذ 7 تشرين الأول/ كتوبر.
وعثر الفلسطينيون أيضا على منشورات تهديد تحت مساحات زجاج سياراتهم، تحمل رسائل مثل: "سوف تحل كارثة عظيمة على رؤوسكم قريبا.. سنهلك كل عدو ونطردكم بالقوة من أرضنا المقدسة التي كتبها الله لنا، نحن قادمون لك".
المستوطنات ليست مشروعا جديدا. لقد بدأت تظهر على الفور تقريبا بعد أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية في حرب الأيام عام 1967.
ومنذ ذلك الحين، وعلى الرغم من أن أغلب دول العالم تعتبر المستوطنات غير قانونية، فقد توسعت المستوطنات وتضخمت بشكل مضطرد.
وبموجب اتفاقيات أوسلو لعام 1993، التي منحت الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا، تم وضع المستوطنات جانبا كواحدة من القضايا التي يجب حلها في المفاوضات المستقبلية. لكن هذه المشكلة لم يتم حلها أبدا، واستمروا في التوسع. وبموجب القانون الإسرائيلي، يتم التعامل مع اليهود الذين يعيشون في المستوطنات كمواطنين إسرائيليين، بينما يعيش جيرانهم الفلسطينيين عديمي الجنسية تحت الاحتلال العسكري.
هناك مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية أكبر مما تعترف به إسرائيل رسميا، وأكثر من 100 بؤرة استيطانية غير قانونية.
ووفقا للإحصاءات السكانية التي يحتفظ بها موقع المستوطنين، فقد تجاوز عدد سكانهم الـ500 ألف نسمة في كانون الثاني/ يناير، ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى مليون نسمة بحلول عام 2047.
وقال باروخ غوردون، أحد مؤلفي التقرير، إن النمو السكاني يعد شهادة على استمرار الوجود اليهودي في الضفة الغربية.
وأدف غوردون، إن معارضي المستوطنات "يقولون إنهم سينتهون في نهاية المطاف باتفاق سلام يتم التفاوض عليه عالميا". لكن "الوقائع على الأرض تقول إننا تجاوزنا عتبة النصف مليون، وهذه علامة كبيرة ونحن هنا لنبقى".
لقد أظهرت إدارة بايدن والشعب الأمريكي دعما استثنائيا لإسرائيل، على المستويين المعنوي والمادي، وهناك الكثير في الطريق.
وهذا أمر جيد ومناسب؛ فإسرائيل حليف وثيق وتواجه عداء هائلا في جوارها وفي العالم. وإن إدانة الأقلية المتطرفة التي لا تؤدي أهدافها وأساليبها إلا إلى تقويض أي فرصة للسلام في نهاية المطاف والأمن الحقيقي الذي يسعى إليه الإسرائيليون بحماس شديد، لا يدل على عدم احترام للدولة اليهودية، وكفاحها.
ويجب أن يكون بايدن ومعاونوه واضحين في مطالبتهم، بأن تتخذ إسرائيل إجراءات جادة لكبح جماح المتعصبين، بما في ذلك الموجودون في الحكومة.