نشرت صحيفة "
نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، جاء فيه أن "الحرب على
غزة أطلقت العنان لخطاب ناري في داخل إسرائيل، ويقول الخبراء إن الخطاب التحريضي من قبل مسؤولين إسرائيليين بارزين يعمل على تطبيع ما كان محرما، بشأن قتل المدنيين والترحيل الجماعي".
وأضافت الصحيفة، في تقرير مراسلها، مارك لاندلر، أن عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، التي أطلقتها المقاومة الإسلامية على دولة الاحتلال الإسرائيلي، "أدّت إلى تعطش للإنتقام، والذي يقوم قادة البلد بتحويله إلى لغة، يقول النقاد إنها تتجاوز الحدود إلى التحريض".
وأشارت الصحيفة، إلى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت، "نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف بناء على ذلك"، وبعد يومين من عملية "طوفان الأقصى" وصف الطريقة التي سترد فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي. بقول رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، "نحن نقاتل النازيين".
وتابعت
الصحيفة، نقلا عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: "عليك أن تتذكر ما فعله العماليق لك، كما قالت التوراة المقدسة، ونحن نتذكر"، في إشارة إلى النصوص الدينية والتي فسرها الباحثون بأنها "دعوة لمحو رجالهم ونسائهم وأطفالهم وأجنتهم".
وكشفت الصحيفة نفسها، أن "عبارة محو غزة، وتسويتها بالتراب وتدميرها، تم ذكرها من طرف الصحافيون والساسة والمؤثرين والجنرالات المتقاعدين والنجوم، حوالي 18.000 مرة في منشورات بالعبرية"، وذلك بحسب منصة "إكس" (تويتر سابقا)، منذ تشرين الأول/ أكتوبر.
وبحسب موقع "فيك ريبورتر" الذي يتابع خطاب الكراهية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، فإن "هذه الكلمات لم يشر إليها إلا 16 مرة قبل الهجمات. فيما يقول الخبراء إن الأثر التراكمي هو تطبيع مناقشة فكرة كان يمكن النظر إليها خارج التصور قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر والحديث عن "محو" سكان غزة والتطهير العرقي وإبادتهم بالسلاح النووي في القطاع".
وقالت الصحيفة إن "الخطاب الناري ليس حصرا على إسرائيل وقادتها، بل وتعهد غازي حمد، أحد قادة حماس، بتلقين إسرائيل درسا وأن الحركة ستكرر ما فعلت مرة ومرات. إلا أن انتشار اللغة هذه فتحت الباب أمام النقاش في إسرائيل التي يحاول فيها المتطرفون القوميون والساسة بامتحان حدود الخطاب المقبول، وحتى قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر".
وأردفت
الصحيفة، أن "لدى المستوطن، إيتمار بن غفير، الذي أصبح وزيرا للأمن، في حكومة بنيامين نتنياهو، تاريخ طويل في إطلاق التصريحات النارية عن
الفلسطينيين. وقال في التلفاز إنه يجب "سحق" أي شخص يدعم حماس".
إلى ذلك، تُعلق الصحيفة أن "القلق بشأن انتشار الخطاب المتطرف هو امتداد للمعركة الدائرة في إسرائيل منذ سنين. أي بين حكومة نتنياهو، والمعارضة التي تخشى من أن هذا الخطاب قد يؤدي لوقوع الخسائر بين المدنيين في غزة".
وتابع المصدر نفسه، أن "وزير متطرف، أثار فكرة ضرب القطاع بقنبلة نووية في الأسبوع الماضي، حيث أخبر أميخاي إلياهو، وزير التراث، محطة إذاعية، إنه لا يوجد شيء اسمه مدنيون في غزة، وعلق نتنياهو، الوزير قائلا إن تصريحاته منفصمة عن الواقع. وقال نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي يحاول منع تعرض المدنيين للأذى".
واسترسل المصدر نفسه، بالقول إنه مع زيادة عدد الشهداء إلى أكثر من 11.000 مدني، حسب أرقام وزارة الصحة الفلسطينيية، فقد "تم تلقي مزاعمه بنوع من الشك، وحتى في الولايات المتحدة والتي ضغطت على إسرائيل لهدنة إنسانية مؤقتة، لمدة أربع ساعات يوميا".
وتابع بأن "تأكيدات نتنياهو تتناقض مع اللغة التي يستخدمها أمام الجمهور الإسرائيلي، فقد استخدم العماليق في خطاب ألقاه بالعبرية، يعلن فيه عن بدء الهجوم البري في 28 تشرين الأول/ أكتوبر. ورغم ما يراه الباحثون اليهود من مجاز في الإشارة إلى العماليق، لكن كلامه تردد بشكل واسع في منصات التواصل الإجتماعي".
ويقول مايكل صفرد: "هذه ليست تصريحات عفوية، جاءت في حمى اللحظة؛ وعندما يصدر الوزراء تصريحات مثل هذه، فهي تفتح الباب للجميع". فيما يقول مدير معهد البحث أوفيك في القدس، يهودا شول، إنه "جمع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 286 تصريحا تحمل إمكانية التحريض على السلوك غير القانوني. وتضم قائمته مغني البوب إيال غولان، وسارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء، وينيون ماغال، مقدم برنامج في القناة 14 المتطرفة".
وتابعت
الصحيفة، أنه "في مقابلة مع نفس القناة، قال غولان: "أمح غزة ولا تترك أحدا هناك". وقالت سارة نتنياهو: "لا أصفهم بالحيوانات البشرية لأن هذا سيهين الحيوانات". وكتب ماغال، على منصة "إكس" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر "حان وقت النكبة". وفي الأسبوع الماضي أشار أكاديميون ومسؤولون في الضفة الغربية إلى تصريحات إلياهو، على أنها: تعبير عن نية خلق نكبة جديدة للفلسطينيين".
وقال وزير الزراعة، آفي ديختر، السبت الماضي، إن "الحملة العسكرية في غزة تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على الرحيل القسري، نحن نقوم الأن بنكبة غزة؛ ونكبة غزة 2023"؛ فيما أكدت الصحيفة على أن "اللغة النارية والتحريضية، تأتي على خلفية ما يجري في الضفة الغربية، حيث قتلت القوات الإسرائيلية منذ هجمات حماس أكثر من 150 شخصا من بينهم 40 طفلا، وقتل المستوطنون ثمانية فلسطينيين، أحدهم طفل، حسب أرقام الأمم المتحدة".
ويرى إيران هالبرين، إن "استخدام الساسة في إسرائيل اللغة النارية ليس مستغربا بل ومفهوما في ضوء عمليات حماس. ولأول مرة منذ عام 1973 أصبح مصير إسرائيل معلقا بالهواء، وتواجه تحديات على عدة جبهات من حماس وحزب الله. وقال إن تصوير خطر حماس بطريقة قاتمة، تساعد الساسة على الطلب من المواطنين تقديم تضحيات، مثل التعبئة الإجبارية لـ 360.000 جندي احتياط في غزة وترحيل أكثر من 126.000 من بلدات الجنوب القريبة من غلاف غزة".
وحذر سفرد، من أن "تجريد سكان غزة من الإنسانية قد يزيد من التمييز العنصري والتحرش ضد الفلسطينيين في داخل إسرائيل، وربما جعل إسرائيل أكثر تقبلا للضحايا المدنيين في غزة، فقتل ما بين 10.000 – 20.000 لن يكون رقما كبيرا في نظرهم. وعلى المدى البعيد فإن اللغة النارية هذه قد تقضي على فرصة إنهاء النزاع مع الفلسطينيين، وتآكل الديمقراطية في إسرائيل، وتفرخ جيلا من الشباب يسهل عليه استخدامها في حواراتهم مع أصدقائهم".