تتفاقم معاناة أهالي قطاع
غزة مع
انقطاع الاتصالات بشكل تام، في ظل تواصل جرائم
الإبادة الجماعية الإسرائيلية، التي تزيد حالة القلق والخوف من المجهول والأخبار المفجعة.
والخميس الماضي، انقطعت الاتصالات عن غزة بشكل تام، وامتد الانقطاع حتى ساعات متأخرة من مساء الجمعة، ورصدت "عربي21" معاناة بعض الغزيين واشتدادها بافتقاد التواصل.
عبدالرحمن، مريض بالفشل الكلوي، نزح من غزة إلى مدينة خانيونس، يقول إنه حاول الوصول إلى مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح أثناء تغطيته المباشرة من مستشفى ناصر، للظهور من خلفه لتطمين أخواته المقيمات في الخارج.
وأكد عبدالرحمن لـ"عربي21" أنه فعل ذلك سابقا أثناء مؤتمر مباشر لوزارة الصحة، وأوضح أن "هذه الطريقة الوحيدة التي أطمئنهم بها".
ومن جهته، قال المواطن الغزي "سعد" إن الساعات في الحرب بطيئة ومقلقة ومملة، وحال انقطاع الاتصالات تكون أسوأ الساعات.
ويذكر سعد أنه مع عودة الإرسال يبدأ في التواصل مع من يجهل أخبارهم قائلا: "أحيانا يلتقط الاتصال وأحيانا لا.. وحينها أرسل لهم رسالة وانتظر الرد".
وتابع: "انقطاع الاتصالات يعلقني بين الموت والحياة، ويجعلني عند عودتها أتصل بمن أعرفهم داخل غزة قبل الاتصال بأفراد عائلتي، وأسمع عن أحوالهم وأعمل على تأجيل السؤال السيئ قدر الإمكان وهو "طيب مين استشهد؟ ومين من أصحابنا ارتحل؟".
وكشف لـ"عربي21": "أفكر بمدى كارثية الحدث.. فمجرد أن تتعرض للقصف فهي مصيبة، لكن أن تنجو من هذا القصف المجنون فقط لتموت عاجزا عن طلب الإسعاف أو الدفاع المدني لنفسك أو أهلك فهي مصيبة أكبر".
وزاد: "مع عودة الاتصالات آخر مرة، عرفت باستشهاد أحد أصدقائي الذي أعرفه منذ الطفولة، واستشهدت معه زوجته وأولاده وكل إخوانه وزوجاتهم وأولادهم مع أمه وأبيه، وفقط أخواتهم المتزوجات هن الناجيات".
ومن ناحيتها، قالت سهير (28 عاما)، وهي فلسطينية من غزة عالقة في القاهرة، إن فترة انقطاع الاتصالات قد تكون الأسوأ في حياتها منذ اللحظات الذي توفي فيها والدها قبل عدة سنوات.
وأضافت لـ"عربي21" أن زوجها وعائلته في مدينة خانيونس، وأمها وأشقاؤها نزحوا إلى مدينة دير البلح، بينما أختها نزحت مع عائلة زوجها إلى مخيم النصيرات.
وأشارت إلى أنها تتابع الأخبار على مدار الساعة، وتفكيرها ينصب على ثلاثة أماكن تتواجد فيها عائلتها، قائلة: "مع كل قصف يطال هذه المناطق، يأكلني قلق مرهق، حتى أسمع منهم خبرا".
وبدوره، قال محمد (32 عاما) إنه تمكن من توفير شريحة اتصال دولية يعمل على وضعها ضمن نظام التجوال على إحدى شبكات الاتصالات داخل الأراضي المحتلة، من أجل فتح بيانات الهاتف والحصول على الإنترنت.
ولفت إلى أن الاتصال يكون ضعيفا للغاية ومتقطعا بسبب بعد المسافة، إلا أنه يفي بالغرض لمجرد إرسال رسالة "الحمد لله نحن بخير" للأقرباء والأصدقاء خارج
قطاع غزة.
وأضاف لـ"عربي21" أن جيرانه ومعارفه يعطونه أحيانا أرقام أقربائهم في الخارج من أجل إرسال رسالة الاطمئنان أيضا، وأحيانا حال كان الاتصال قويا فإنه يعمل لهم "نقطة اتصال" من هاتفه من أجل أن يتصلوا بالإنترنت أيضا.
وكان
الاحتلال الإسرائيلي، قطع الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة مرات عدة، خلال عدوانه المتواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي، ارتكاب المجازر وجرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وسط مخاوف من تسبب انقطاع الإنترنت والاتصالات في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق أهالي قطاع غزة.