أكدت الأسيرة المُحررة شروق دويات أن
فرحتها بالتحرر من الأسر كانت ممزوجة بالألم نتيجة لما يحدث لأهالي قطاع
غزة من
قتل وتدمير للبيوت، ولتركها لـ 51 أسيرة خلفها في المعتقل، موضحة أن
الاحتلال
عاقب الأسرى وعاملهم بقسوة أكبر بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين
الأول/ أكتوبر الماضي.
ولفتت ابنة بلدة صور باهر جنوب القدس
المحتلة خلال حديثها لـ"عربي21"، إلى أن الاحتلال منع أهالي الأسرى
المُفرج عنهم من الاحتفال بأبنائهم لينغص عليهم فرحتهم بخروجهم من الأسر.
وبينت أن الاحتلال صعد ضد الأسرى
وقمعهم بشدة بعد بدء طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وحرمهم من حقوق انتزعوها عبر نضالهم المتواصل، كما قام
بعزلهم عن العالم الخارجي، ومنع زيارات أسرهم لهم.
وكانت دويات قد اعتقلت وأطلق عليها الرصاص في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2015 داخل
البلدة القديمة، بعد ادعاء مستوطن عليها بأنها قامت بطعنه، ولهذا قام بإطلاق 4
رصاصات عليها.
وكانت وقتها تبلغ من العمر 18 عاما، وكانت قد التحقت بجامعة بيت لحم لتدرس
تخصص التاريخ والجغرافيا، بعد أن حصلت على معدل 90 في المائة بنتائج الثانوية
العامة، وخرجت من السجن وهي تبلغ من العمر 26 عاما بعد قضاء نصف محكوميتها
بالسجن الفعلي.
ماذا تقولين عن التحرر من الأسر ولقائك أسرتك؟
أحمد الله الذي من علي بهذا الفرج، وأدعو
الله بالفرج لبقية الأسرى والأسيرات، كذلك أترحم على شهداء غزة وأدعو الله أن يصبر
أهالي قطاع غزة وأن يكون فرجهم قريبا ويتوقف العدوان عليهم وأن يثبتهم الله.
أشعر بالفرح للتحرر من الأسر، ولكنه
فرح ممزوج بالألم، بسبب ما يحدث لأهلنا في قطاع غزة، ولأني تركت خلفي 51 أسيرة،
بعضهن أمضين سنوات في المعتقل، منهن مثلا الأسيرة شاتيلا أبو عيادة والتي حكم
عليها بـ 16 عاما بقي لها منها 8 سنوات.
وهناك ثلاث أسيرات كانت أسماؤهن مدرجة
في قائمة الإفراج التي خرجت فيها، وهن ياسمين شعبان وعطاف جرادات ونفوذ حماد،
ولكن لم يتم الإفراج عنهن حتى الآن.
كيف كان وضع الأسيرات قبل وبعد 7
أكتوبر؟
قبل 7 أكتوبر الماضي كان هناك في
السجون نوع من التفاهم بيننا وبين إدارة المعتقل بشأن حقوقنا، والتي بالطبع
انتزعناها انتزاعا ولم تأت بسهولة، وهذه الحقوق حاربنا وناضلنا كثيرا للحصول
عليها.
ولكن بعد 7 أكتوبر كان هناك سياسات
وإجراءات تم التعامل فيها معنا بقمع وقسوة شديدتين، وقالت لنا إدارة المعتقل بشكل
صريح – تم منحنا الضوء الأخضر للتعامل معكم بأي طريقة كانت- في تهديد واضح ونوع
من الانتقام.
واتبعوا معنا سياسة التجويع والتعطيش، وأصبحوا
يقدمون لنا الطعام بكميات أقل لا تتناسب وعدد الأسيرات، وكان الطعام رديئا وسيئا،
وقاموا بسحب جميع الإنجازات التي تحصلنا عليها بنضالنا، وعلى رأسها التلفاز
والراديو ولهذا انقطعنا عن العالم الخارجي بشكل كامل.
أيضا تم سحب أدوات الطبخ من غرفنا، على
الرغم من أنها بسيطة جدا، وتم قمعنا عدة مرات خلال الحرب على غزة، حيث دخلوا
علينا القسم في 7 أكتوبر بطريقة وحشية جدا واعتدوا علينا بالضرب، ثم قاموا بعزل
بعض الأسيرات.
وتكرر القمع مرة أخرى في 19 أكتوبر
ولكن كانت هذه المرة أصعب، حيث دخلت قوة كبيرة للقسم، وقامت بتفتيش الغرف بطريقة
مستفزة جدا، ورشوا وجوهنا بغاز الفلفل، وأغلقوا الغرف علينا ومنعونا حتى من غسل
وجوهنا من الغاز.
وكانت هذه القوة مدججة بالدروع وكأنها
متجهة للحرب، وليس على قسم لأسيرات لا يمتلكن أي شيء. ولم يبقوا لنا أي شيء
بالغرف، فقط تركوا لنا الفرشة التي ننام عليها، وهي رقيقة جدا، أيضا أصبح هناك
نقص في الأغطية والملابس الشتوية خاصة في ظل اعتقال أسيرات جدد.
أيضا زاد الاكتظاظ بغرف السجن، وذلك
نتيجة الاعتقالات التي حدثت في الفترة الأخيرة، وخاصة لفتيات من الداخل المحتل
بعضهن قاصرات، وحدثتنا الأسيرات الجدد عن ممارسات قاسية مورست ضدهن، كالضرب
الشديد وعدم احترام خصوصيتهن، مثلا هناك فتاة كانت حاملا بشهرها السابع ورغم ذلك تم
ضربها بشدة.
أيضا قالت الأسيرات الجدد لنا إنه تم
تهديدهن بتهديدات كبيرة وسيئة وغير معتادة ولم تحدث من قبل، وتم التعامل معهن
والأسيرات الأقدم بوحشية، ولم تقتصر هذه الوحشية على الأسيرات بل جميع الأسرى،
وبالطبع قد يكون هذا القمع نوعا من الانتقام بعد 7 أكتوبر، ونوعا من التنغيص خاصة
أن المعركة الأخيرة في غزة كانت قضية الأسرى أحد عناوينها الرئيسة.
وسقط عدد من الأسرى شهداء نتيجة الضرب
نترحم عليهم جميعا، ولهذا نتمنى أن يلتفت العالم أجمع لما يحدث للأسرى والأسيرات،
فأنا مثلا بقيت في السجن 8 سنوات ولم تمر علي فترة قاسية مثل التي مررت بها خلال
الحرب على غزة.
نعم كان يمر علينا فترات قمع ولكن ليس
كالفترة الأخيرة، حيث لم تكن الإدارة معنية هذه المرة بأن يكون هناك هدوء في
أقسامنا، ناهيك عن الشتائم والاستفزازات، واستخدام الدروع.
ومن الممارسات القاسية التي حدثت بعد 7
أكتوبر، عزلنا عن العالم الخارجي، حيث طوال الحرب لم نعلم أي شيء عن أهالينا وهم
كذلك لم يعرفوا أي شيء عنا، وتم قطع الاتصال بيننا عبر منع الزيارات، وتم منعنا
من استخدام الهاتف، وهذا شكل ضغطا نفسيا علينا لأنه تم عزلنا عن العالم الخارجي.
كذلك تم منعنا من التواصل مع المحامين،
حيث كان هناك بعض المحامين من مؤسسات حقوقية يزوروننا تم التشديد عليهم، وأصبح من
الصعوبة عليهم أن يحصلوا على حق زيارتنا، لكن بالطبع الأغلب كان يتم منعهم،
وبالتالي يبدو وكأنهم أرادوا منعنا من توصيل أي شيء أو معلومات للخارج وبالمقابل
منع توصيل أي معلومة لنا عما يحدث في الضفة والقدس وغزة.
ولكن برغم الصعوبات والقسوة في الفترة
الأخيرة بقيت الأسيرات عائلة واحدة ومتماسكة، وكن قويات وصابرات وثابتات،
وبالتأكيد لم يهزنا أو يكسرنا شيء ولن يكسرنا.
برأيك لماذا منع الاحتلال أهالي الأسرى
المُفرج عنهم تحديدا سكان القدس من الاحتفال بخروجهم؟
كان عدم احتفال أسرنا بنا من ضمن
الشروط التي اشترطها الاحتلال علينا قبل الإفراج عنا، وبالنهاية هو احتلال، ماذا
تتوقع منه؟ هو يحاول التنغيص علينا حتى بفرحنا، مع العلم أنه لم يكن في نيتنا أن
يكون هناك مظاهر فرح واحتفال بالتحرر ليس لأنهم فرضوا ذلك علينا، بل كرامة
واحتراما لما يحدث في غزة.
البعض ربط هذا المنع بعدم رغبة
الاحتلال بشمول أسرى القدس بأي صفقة تبادل، ما رأيك؟
نعم هذا أحد الأسباب، أيضا هناك سبب آخر وهو أنهم لا يرغبون بالإفراج عن أي أسير، كما أن تحرير الأسرى هذه المرة تم
رغما عنهم، وهم لم يكونوا يريدون ذلك، ولهذا حاولوا تنغيص الفرحة.
ماذا تقولين للشعب الفلسطيني بشكل عام،
ولأهالي قطاع غزة بشكل خاص؟
أدعو الله أن ينال بقية الأسرى حريتهم
كما نلتها أنا، لأن طعم الحرية جدا جميل، وأقول للشعب الفلسطيني كافة إن شاء الله
في القريب العاجل ربنا سوف ينصرنا ونتحرر.
هناك دعم دائم من الشعب لقضية الأسرى،
ولكن أيضا نطلب منهم تتبع ماذا يحدث مع الأسرى وما هي ظروفهم وأن يكون هناك دائما
دعم أكبر لهم.
أقول لأهلنا في قطاع غزة اصبروا
وصابروا، وأعلم أن ثمن المجد كان غاليا، رحم الله شهداءكم وصبر قلوبكم وثبتكم.