نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أشار إلى أن نجوما مثل سوزان سراندون وسينثيا نيكسون يرفعون أصواتهم دعما لفلسطين، ولكن الكثير منهم يعاقبون ويدفعون الثمن الباهظ لتعاطفهم مع
غزة.
وقال معد التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، ديفيد سميث: في يوم بارد خارج البيت الأبيض، حيث كان السياح يتجولون، ووقف الحرس السري في مواقعه ومجموعة من المحتجين رفعوا لافتة تطالب: "أكثر من 14,850 فلسطينيا قتلوا، كم تحتاجون من القتلى بعد حتى يتوقف القتال؟".
ومن بين الناشطين الخمسة الذين أعلنوا إضرابهم عن الطعام، وجه من السهل تمييزه في سلسلة "سيكس أند سيتي" و"غيلدد إيج"، سينثيا نيكسون التي تتبع تقاليد طويلة للممثلين واستخدام المنصة العامة لدعم القضية في واشنطن، لكنها أيضا تدخل في الصدع داخل
هوليوود.
وأضاف التقرير، أنه في الوقت الذي كشفت فيه صناعة الترفيه، في السنوات الماضية، وحدة مثيرة للإعجاب أثناء رئاسة دونالد ترامب، وحياة السود مهمة وحق الإجهاض، فإن الحرب بين "إسرائيل" وغزة أثارت الانقسام، فالجو كثيف ومحمل بمصطلحات مثل معاداة السامية والإبادة، مشيرا إلى أن النجوم الكبار الذين يعبرون عن موقف، يواجهون الانتهاكات والنبذ وأحيانا الطرد.
وقالت نيكسون: "الناس يواجهون عقوبات" و"لكن هناك الكثير من الممثلين والعاملين في فن الأداء يتحدون ويقولون: حسنا، هذا أمر ليس جيدا، وربما لا نتفق على أي شيء وبعضنا يعبر عن نفسه بطريقة أكثر حذرا، ولكن هذا لا يعني أن يخسر الناس مصدر معاشهم".
وتقول الصحيفة، إن "إسرائيل" طالما تمتعت بدعم قوي في داخل هوليوود، وتم الاحتفال بميلادها عام 1948 في مسرح هوليوود "هوليوود باول" حيث استمع الفنانون إلى رسالة من ديفيد بن غوريون.
وفي عام 1967 شهد المكان نفسه "مسيرة لنجاة إسرائيل" وتم فيها التضامن مع حرب الأيام الستة، وشارك فيها نجوم مثل فرانك سيناترا وبيتر سيلرز وباربرا سترايسند، بحسب الصحيفة.
وذكر التقرير أنه مع مرور الوقت أصبح الكثيرون في هوليوود ينظرون إلى "إسرائيل" على أنها ليست الطرف الأضعف أولا وأخيرا ولكنها المدعومة من الولايات المتحدة لاضطهاد
الفلسطينيين، وتقودها أكثر الحكومات تطرفا في تاريخها، موضحا أن القصف الإسرائيلي على غزة الذي أدى إلى سقوط حوالي 15 ألف شخصا، أثار غضبا واسعا ودفع للمطالبة بوقف إطلاق النار.
وقال ديفيد كلينون، الحائز على جائزة إيمي والمدافع الطويل عن الفلسطينيين في رسالة إلكترونية: "طالما أجمعت هوليوود على إظهار الدعم والإعجاب بإسرائيل. لكن جيلا جديدا من صناعة الفن الاستعراضي بدأ بتحدي هذه الأيديولوجية السائدة".
وأشار التقرير إلى أن "الحرس القديم سيحاولون عمل كل ما لديهم من قوة لاستفزازهم"، أي أفراد الجيل الجديد.
وقال كلينون في لقاء مع الصحيفة: "فكرت بطلب عدم الكشف عن هويتي لهذا اللقاء، ولكنني رجل قديم وليس لدي ما أخسره مثل الجيل الشاب والذين يشعرون بالتعاطف والتضامن مع الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "تم طرد آخرين من ممثلين وكتاب وموظفين في الصناعة لانتقادهم أيديولوجية وممارسة الصهيونية، وهي نفس الانتقادات التي أطلقها الإسرائيليون أنفسهم، مثقفين وناشطين سياسيين. ومن المفارقة أن هناك نقاشا مفتوحا في إسرائيل عن الصهيونية أكثر من هوليوود".
ومن بين الذين دفعوا الثمن بحسب الصحيفة، سوزان سراندون، الحائزة على الأوسكار، حيث تم التخلي عن خدماتها في "يونايتد تلانت إيجنسي" بعد تعليقات في مسيرة متضامنة مع فلسطين في نيويورك، قالت فيها إن "هناك الكثيرين من الناس يخشون أن يكونوا يهودا في هذا الوقت ويحصلون على مذاق أن تكون مسلما في هذا البلد، ويتعرضون دائما للعنف".
وذكرت مجلة "فريتي" أن عددا من الوكلاء في "يونايتد تلانت" طالبوا بعزل الكاتب تا-نيسي كوتس بعدما قاد حملة لرسالة ورد فيها "دخل مسلحو حماس من غزة وقتلوا أكثر من 1,300 إسرائيلي"، لكنه نجا.
وتعرضت "كريتيف آرتس إيجنسي" إلى هزة، ففي الشهر الماضي، استقالت واحدة من أهم الوكلاء البارزين من مجلسها، منى الدخيل، بعد مشاركتها على منصات التواصل منشورا اتهم إسرائيل بالإبادة، واعتذرت لاحقا. وأعلن كاتب النصوص، أرون سوركين أنه سيترك الوكالة قائلا: "منى ليست معادية للسامية ولكنها مخطئة".
وبحسب "فريتي" فقد هددت مجموعة من المساعدين في الوكالة بالاعتصام ضد ما رأوه من معاملة للدخيل، إذا لم تواصل العمل كوكيل.
وأضافت المجلة: "لم يضرها أن أهم عميل لها وهو توم كروز كان واضحا في دعمها. والتقى كروز معها في مكتبها في كرييتف آرتس إيجنسي في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، وقال مصدر على معرفة بالأمر إنه اتخذ خطوة نادرة للذهاب شخصيا والتعبير عن دعمه إياها".
لكن الوكالة قطعت علاقاتها مع جمعة بركات، الذي وصف المشاركين في مسيرة مؤيدة لـ "إسرائيل" بأنهم من دعاة تفوق العرق الأبيض، وكذلك الكاتبة ريجينا جاكسون وسايرا راو، بعد نشرهما على منصات التواصل: "يشعر الصهاينة بالفزع مع رؤية المزيد والمزيد من العالم لهم كغيلان إبادية متعطشة للدماء"، بحسب تقرير "الغارديان".
وفي الوقت ذاته، تم عزل ميليسا باريرا من دورها في فيلم "سكريم 7" من شركة الإنتاج "سباي غلاس ميديا" بسبب منشور على التواصل الاجتماعي نظر إليه بأنه معاد للسامية.
ووصفت باريرا "إسرائيل" بأنها ترتكب الإبادة والوحشية وقتل الأبرياء الفلسطينيين، أمهات وأطفالا، وبذريعة تدمير حماس. وتثير موجة معاقبة الممثلين والعاملين في صناعة الفن المدافعين عن حرية التعبير، مثل دونزاليه أبرانثي، الممثلة والناشطة وابنة المدافع عن الحريات المدنية رالف أبرانثي، وحفيدة مارتن لوثر كينغ.
وقالت: "أشعر بالحزن على الممثلين الذين عانوا لأنهم عبروا عن رأيهم، ولا أعتقد أن هذا عادل. والحد الأدنى هو أنه يجب البحث عن طرق لإنقاذ الحياة والتوقف عن معاقبة بعضنا البعض، وهل تعرض دعاة الحرب للعقوبة أو التمييز؟ لا أعرف، ولكن يجب وقف الحرب وتحرير الرهائن".
وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من الممثلين في هوليوود يواصلون التعبير عن مواقفهم، مثل برادلي كوبر وألفونسون كوارون وسلينا غوميز وجانيل موني ولوبيتا نينغو وجينا أورتيغا وواكيم فونيكس ومارك رافالو ومارك ريلانس، الذين كانوا من بين 260 ممثلا وعاملا في الصناعة وقعوا على رسالة حثوا فيها جو بايدن على وقف إطلاق النار في غزة.
وكذا نيكسون التي كانت مرشحة سابقة لمنصب حاكم نيويورك، حيث جلست أمام البيت الأبيض بين الناشطين المسلمين واليهود والمشرعين في الولاية وناقشت أن مصطلح معاداة السامية يساء استخدامه لإسكات النقاد، بحسب التقرير.
وقالت: "اثنان من أبنائي يهوديان وأجدادهما نجوا من الهولوكوست. وابني الأكبر، تحديدا هو ناشط جدا في المظاهرات واعتقل قبل أسبوع أو أكثر".
وأضافت أن "معاداة السامية ليست مزحة، فهي مخيفة، قتل 6 ملايين يهودي في الحرب العالمية الثانية. وأن ترى البعض يقول إن انتقاد حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية التي لا تحظى بشعبية هو معاداة للسامية؟ ومعاداة السامية ليست كرة قدم سياسية يركلها دعاة الحرب، وهي أمر خطير وعلينا ألا نشوهها ويساء استخدامها ويلوح بها في كل مرة يختلف معنا أحد أو يقول أمرا يثير خوفنا".
ونوه التقرير إلى أن نفس الخطاب هز غرف الاجتماعات في الشركات الكبرى وحرم الجامعات وأروقة الكونغرس وحتى البيت الأبيض. ونفس الكلام يقوله التقدميون اليهود الذين يشتكون من عدم التعاطف معهم ممن تحالفوا معهم في قضايا أخرى. ويشعرون أن دعاة وقف إطلاق النار لا يعترفون بحجم ما حدث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وكتب مايكل سيتزمان، الكاتب ومقدم برنامج رسالة على موقع "ديدلاين" ظلل فيها هذا الموقف، قائلا: "لم يحيرني نقدهم الضروري لإسرائيل، ولكن حيرتي جاءت من الطريقة التي تجاهلوا فيها 7 تشرين الأول/ أكتوبر".