صحافة دولية

كيف تؤثر عمليات "الحوثيّين" في البحر الأحمر على الشحن العالمي؟

قال الحوثيون إنهم مستمرون في استهداف مصالح الاحتلال حتى نهاية عدوانه على غزة - الأناضول
نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسيّة تقريرًا تحدثّت فيه عن مواصلة جماعة أنصار الله اليمنية "الحوثي" مهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر ردًا على القصف الإسرائيلي في قطاع غزة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الحوثيّين يتصرّفون لمصلحة إيران، التي تحاول بهذه الطريقة الضغط على المجتمع الدولي ووضع حدّ للحرب في فلسطين. ومن شأن عدم الاستقرار الإقليمي والتهديدات التي تتعرض لها حركة الشحن في أهم شريان تجاري في العالم التأثير على سلاسل التوريد الدولية.

ماذا يجري في البحر الأحمر؟

تواصل جماعة أنصار الله مهاجمة السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، في حين تنفي إسرائيل انتماء السفن التي تعرّضت للهجوم إليها. وفي الثالث من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، قال المتحدث باسم "أنصار الله" يحيى سريع إن البحريّة التابعة للجماعة هاجمت سفينتين إسرائيليتين - "يونيتي إكسبلورر" و"رقم تسعة" - في مضيق باب المندب باستخدام طائرات دون طيار وصواريخ تعبيرا عن دعمها للشعب الفلسطيني وحركة حماس. وأكّد سريع: "ستواصل قواتنا البحريّة مهاجمة السفن الإسرائيلية إلى حين توقّف العدوان على قطاع غزة. وقد تعرّضت السفن للقصف بعد تجاهلها الرسائل التحذيرية".



نقلت الصحيفة عن مؤسسة "أمبري"، التي تُعنى بقضايا الأمن البحري، أن صاروخاً أصاب سفينة تجارية بريطانية ترفع علم جزر البهاما بالقرب من الساحل الغربي لليمن. وقد أعربت عن مخاوفها من تدهور الوضع في منطقة البحر الأحمر بسبب تصرّفات الحوثيين، ناصحةً جميع السفن بتوخّي الحذر والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

تمارس إيران نفوذًا كبيرًا على أنصار الله وتقوم بنشاط بتدريب وتزويد الجماعة اليمنية بالسلاح، مما فتح المجال لاعتقاد الكثيرين أن طهران تستخدم الحوثيين في الحرب الفلسطينية الإسرائيلية اليوم.

وحسب الباحث في العلاقات الدولية يوسف مرعي، فإن اليمنيّين تمكّنوا من نقل الصراع في قطاع غزة إلى المستوى الإقليمي، مشيرًا إلى الدور الخطير لإيران في تصرفات الحوثيين. وذكر مرعي أنه "كان لدى طهران خرائط الضغط الخاصة بها منذ بداية الحرب في فلسطين". وهو يعتقد أن اقتراب موسم البرد ومشاكل إمدادات الطاقة ستصبح عاملاً مهمًا للغرب للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في فلسطين.



ذكرت الصحيفة أن هذه الأحداث قد لا تؤثّر على اقتصاد إسرائيل نفسه فحسب، بل يمكن أيضًا أن تتسبب في ارتفاع أسعار السلع  ومنتجات التأمين في المنطقة والعالم. حيال هذا الشأن، قال الباحث في التاريخ المعاصر للشرق الأوسط وشمال أفريقيا غريغوري لوكيانوف إن تكاليف التأمين سترتفع في الخليج العربي، مما سيزيد من تكلفة النقل ويؤثر بالتالي على كل من شركات النقل وعملائها. يتعلق الأمر بقناة السويس والبحر الأحمر، كونها واحدة من أكثر الطرق كثافة لنقل البضائع.

ونبّه لوكيانوف إلى أن عدم الاستقرار سيؤدي إلى زيادة التكاليف، خاصة أن "الطرق البديلة أكثر تكلفة ما سيدفع شركات التأمين إلى رفع الأسعار". ووفقًا لموقع "غلوبس" الإسرائيلي، تسبّبت هجمات الحوثيّين في البحر الأحمر بالفعل في ارتفاع أسعار الشحن من الصين إلى إسرائيل بنسبة تتراوح بين 9 و14 بالمئة مقارنة بالأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي. ويعترف رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة "فريتوس"، يهودا ليفين، بالزيادة في أسعار الشحن للسفن المغادرة والقادمة من الصين إلى إسرائيل.

الحوثيون يستولون على غالاكسي ليدر

هاجم الحوثيون بالفعل السفن في البحر الأحمر. وقد أعلنت الجماعة اليمنية، في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، استيلاءها على السفينة الإسرائيلية "غالاكسي ليدر" التي تبحر تحت علم جزر البهاما مع طاقمها في إشارة إلى التضامن مع حماس.

الإمكانات العسكرية للحوثيين

تمتلك جماعة "أنصار الله" عددا كبيرا من الأسلحة ذات المنشأ السوفيتي والروسي والصيني والإيراني، بما في ذلك الطائرات العسكرية والصواريخ الباليستية متوسطة وقصيرة المدى وصواريخ كروز. كما يحتفظ الحوثيون بـ 14 مقاتلة تكتيكية من طراز "ميكويان ميغ 29" باعتها روسيا للحكومة اليمنية في أوائل العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين. إلى جانب المقاتلات، نقلت روسيا 60 صاروخًا مضادًا للسفن يُطلق جوًا من طراز "كيه إتش 31"، والمصممة لتدمير أهداف محميّة بأنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية.



ذكرت الصحيفة أن طهران لم تكشف عن عدد الأسلحة المنقولة إلى حلفائها وأنواعها، بينما أظهر الحوثيون في العديد من المناسبات أسلحة صاروخية جديدة إيرانية الصنع في المسيرات ومعارض المعدات العسكرية، بما في ذلك صاروخ "خليج فارس" شبه الباليستي القادر على ضرب أهداف سطحية كبيرة برأسه الحربي الذي يزن 650 كيلوغراما على مسافة 300 كيلومتر. ويستطيع صاروخ "غدير" المضاد للسفن ضرب أهداف سطحيّة على مسافة 250 كيلومترا.

يمتلك الحوثيّون طائرات هجوميّة دون طيار من طراز صماد 1 وصماد 2 وصماد 3، القادرة على التحليق لمسافة تتراوح بين 500 و1.5 ألف كيلومتر، وتحمل رأسًا حربيًا قويًا وتستهدف أهدافًا ثابتة وهو ما أظهره الهجوم على مصفاة النفط في منطقة الشيبة السعودية.

وأوردت الصحيفة أن القوات البرية للحوثيين عبارة عن وحدات غير نظامية مسلحة بعدد كبير من الصواريخ المضادة للطائرات والمضادة للدبابات. وتضم صفوف الحوثيين عددًا كبيرًا من المدرّبين من حزب الله والحرس الثوري الإيراني ويتراوح العدد الإجمالي وفقًا لمصادر مختلفة بين 30 و60 ألف شخص. كما تمتلك الوحدات مدفعيات ودبابات ومركبات قتالية مدرعة. ويتفق معظم الخبراء على القدرات القتالية العالية لأنصار الله وكذلك البنتاغون، خاصة بعد إرساله الأسبوع الماضي مجموعة حاملات طائرات هجومية إلى المنطقة بقيادة حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية يو إس دوايت دي أيزنهاور.

قبالة سواحل اليمن، تتولى مدمرة الصواريخ الموجهة الأمريكية من طراز "یو إس‌ إس کارني" مهام أمن الشحن. وقد ذكرت القيادة الأمريكية في اليوم السابق أن المدمّرة صدّت أربع هجمات صاروخية على سفن مدنيّة من سواحل اليمن في يوم واحد.