تثير الزيارة التي يجريها رئيس حكومة
النظام السوري،
حسين عرنوس، على رأس وفد اقتصادي لإيران، تساؤلات بشأن أهدافها غير المعلنة، خاصة أنها تأتي في توقيت تشهد فيه المنطقة زيادة في التوتر على خلفية الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
وخلال الزيارة، وقع النظام السوري وإيران اتفاقيات للتبادل التجاري بالعملتين الوطنيتين، وإعادة تأهيل مصافي النفط السورية، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم ضريبية وجمركية.
وأكدت مصادر النظام، السبت، أنه "جرى التوقيع على ملحق
اتفاقية التجارة الحرة السورية
الإيرانية الموقعة بين البلدين في 2011"، إلى جانب مذكرات تفاهم للتعاون بين مصرف سوريا المركزي والمصرف المركزي الإيراني، ومذكرات تفاهم أخرى في مجال السياحة والتعاون في مجال الآثار والمتاحف والرياضة.
وعن الجانب الإيراني، أكد رئيس ديوان الرئيس الإيراني للشؤون السياسية، محمد جمشيدي، أن المحادثات تشمل "التعاون الاقتصادي المكثف في مجالات الجمارك والمصارف ومناطق التجارة المشتركة والسياحة والطاقة وإمدادات الطاقة".
ما أهداف الزيارة؟
وعن أهداف الزيارة، يقول الخبير والباحث الاقتصادي يونس الكريم، لـ"عربي21"، إن إيران تريد تأكيد نفوذها "الإداري" في سوريا، بعد تثبيت وجودها العسكري، موضحاً أن "عرنوس بمنصبه يمثل مؤسسات الدولة".
أما على الصعيد الاقتصادي، يعتقد الباحث أن زيارة عرنوس تهدف كذلك إلى وضع حلول لمشكلة الديون الإيرانية المستحقة على النظام السوري، ويضيف أن "إيران تريد إحكام السيطرة على المزيد من الاستثمارات، وكذلك تريد إنشاء بنية اقتصادية مستقلة من خلال المناطق الحرة للتحكم بالموانئ الجافة في سوريا".
وفي السياق ذاته، يقول الباحث الاقتصادي رضوان الدبس، إن إيران تعد من أقوى الشركاء الاقتصاديين للنظام السوري، وطهران اليوم تعتبر المتنفس شبه الوحيد لاقتصاد النظام، لذلك من الطبيعي ألّا تتوقف الزيارات الاقتصادية المتبادلة بين الجانبين.
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف الدبس أن إيران قدمت للنظام في العقد الأخير الكثير من القروض وخطوط الائتمان وشحنات النفط، واليوم تحاول استرجاع بعض ديونها من خلال الحصول على عقود استثمارية طويلة الأمد، وكل ذلك يحتاج إلى ترتيب اقتصادي، وهذا ما يجري في الزيارات.
لكن المستشار الدولي هادي دلول رفض في حديثه لـ"عربي21" الحديث عن ديون إيرانية على النظام السوري، وقال: "الزيارة معتادة، علماً أن الوفود الاقتصادية الإيرانية والسورية تجري زيارات دورية".
وكانت وثائق مسربة من قبل مجموعات معارضة إيرانية أكدت أن مجموع ما أنفقته إيران منذ العام 2011 تجاوز 50 مليار دولار، في حين أن الاتفاقيات التي تم إبرامها مع النظام السوري لاستعادة هذه الأموال لا تتجاوز 18 مليار دولار، لكن لم تعلق أي مصادر إيرانية رسمية على دقة الوثائق.
إيران تترقب انفتاحاً على النظام
من جانب آخر، أشار الباحث الاقتصادي رضوان الدبس إلى ما يبدو تسريعاً من جانب إيران لوتيرة النشاط الاقتصادي في سوريا، وقال: "قد يُفسر ذلك زيادة الانفتاح العربي على النظام، خاصة بعد تعيين الأخير سفيراً له في المملكة العربية السعودية، والأنباء عن إجراء مماثل من قبل الرياض، مطلع العام الجديد".
واعتبر أن طهران تترقب تحسناً على الصعيد السياسي في سوريا، وهو ما يمكنها من جني المكاسب الاقتصادية.
ولفت الدبس إلى تصريح رئيس حكومة النظام حسين عرنوس من طهران، الذي قال فيه إن "دمشق ستحاول بالتأكيد أن تجعل إيران الشريك الرئيسي والدولة الأولى في إعادة إعمار سوريا".
وعلى حد تأكيد الباحث المختص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي، تحاول إيران الهيمنة على مصادر الثروة في سوريا لأسباب عديدة، أهمها تحصيل ثمن شحنات النفط للنظام السوري بشكل مستمر.
ويضيف لـ"عربي21" أن إيران ماضية في تعزيز مكتسباتها في سوريا، من خلال إبرام الصفقات الاقتصادية لتمكين وصولها إلى سوريا، وخلق مصادر تمويل لمشروعها طويل الأمد.
يذكر أن حسين عرنوس التقى، السبت، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، محمد باقر قاليباف، في مبنى البرلمان، وقالت وكالة "مهر" للأنباء إن قاليباف استقبل عرنوس في مراسيم رسمية أقيمت في مبنى البرلمان بالعاصمة طهران.