نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرا، عن زعيم حركة "حماس" في
غزة، يحيى السنوار، الذي قالت إنه "درس النفسية الإسرائيلية وهو في السجن ورهن حياته لما تعلمه؛ حيث إنه قضى في السجن عقدين من الزمان وشرح لمسؤول إسرائيلي نظرية أصبحت مركزية في الحرب بغزة الآن".
وتابع التقرير أن "ما تراه إسرائيل قوة، وهي أن معظم الإسرائيليين يخدمون في الجيش ويتمتع الجنود بمكانة في المجتمع، هي ضعف يمكن استغلاله، وذلك حسب يوفال بريتون، الذي عرف السنوار عندما كان مسؤولا عن وحدة المخابرات في السجون".
وأوضح التقرير نفسه، أن "صحة النظرية ثبتت خلال عام 2011 عندما أفرج عن السنوار مع 1027 سجينا فلسطينيا مقابل سجين إسرائيلي واحد"، مردفا أن "لدى السنوار الآن 138 أسيرا إسرائيليا، بمن فيهم الجنود، ويراهن زعيم حماس على إجبار إسرائيل على الإفراج عن آلاف السجناء
الفلسطينيين وتحقيق اتفاق وقف إطلاق النار".
وأشار التقرير الذي أعدّه مجموعة من المراسلين، إلى أنه "بنى حكمه على المجتمع الإسرائيلي من خلال تجربة عقدين في السجن وتعلم العبرية من خلال متابعة الأخبار المحلية وفهم النفسية الإسرائيلية. وقبل هذا يجب أن تنجو حماس من الهجوم المضاد القاتل والقوي الذي نفذته إسرائيل. ولو أساءت التقدير فسيراقب السنوار دمار غزة ويفقد حياته".
واسترسل: "جاء رهان السنوار بثمن باهظ، بما في ذلك تدمير مناطق واسعة من غزة واستشهاد 17.700 فلسطيني أو أزيد"، فيما "تقول إسرائيل إنها تخطط لتدمير قيادة حماس في القطاع، بمن فيها السنوار ومنع الجماعة من بناء قوة تهدد إسرائيل بعد الهجوم الذي نفذته في 7 تشرين الأول/ أكتوبر".
وأضاف: "إلا أن الحكومة الإسرائيلية تتعرض للضغوط بعد فترة وجيزة للتوقف عن إطلاق النار للإفراج عن النساء والأطفال، للعمل مع السنوار كي يتم الإفراج عن بقية الأسرى. ويقول بريتون: يعرف أن إسرائيل ستدفع ثمنا باهظا ويفهم أن هذه نقطة ضعفنا".
وأوضح أن "أسلوب السنوار الذي أصبح زعيما للحركة في 2017، يقوم على تذكير الإسرائيليين بأنهم في نزاع مع الفلسطينيين، فمرة يتعامل بشكل بناء مع الإسرائيليين وبعد ذلك استخدام أساليب العنف من أجل تحقيق أهداف سياسية، ولديه تاريخ بملاحقة العملاء الفلسطينيين مع إسرائيل، كما أن محاولاته للتفاوض بشأن الإفراج عن الأسرى يعتبرها الإسرائيليون جزءا من الحرب النفسية".
واستطرد: "في الفترة الأخيرة من التفاوض على الأسرى، قطع كل الاتصالات لعدة أيام ووضع ضغوطا على الإسرائيليين للموافقة على فترة توقف تعطي حماس فرصة لتجميع نفسها، حسب مفاوضين مصريين. وعندما أفرج عن الأسرى، أفرج عنهم من خلال مجموعات كل يوم، بدلا من مجموعة واحدة وفي يوم واحد، بشكل خلق قلقا يوميا في داخل المجتمع الإسرائيلي".
وأردف: "أخبر السنوار، وهو في بداية الستينات من عمره، المفاوضين المصريين أن الحرب لن تنتهي بسرعة، وأنها قد تستمر لعدة أسابيع، مما يشير إلى أنه يريد أن يعتصر قدر ما يستطيع من الإسرائيليين مقابل الإفراج عن بقية الأسرى. وفي الوقت الحالي، يعتبر السنوار الشخص الرئيسي الذي يصدر القرارات السياسية في غزة، ويعمل مع الجناح العسكري للحركة".
وأضاف: "أما رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، فهو مقيم حاليا في الدوحة، أما نائبه صالح العاروي، فهو في بيروت. وفي الوقت الذي يتخذ فيه قادة حماس القرارات بالإجماع، في الأوقات العادية، إلا أن إسرائيل تعتقد أن السنوار والجناح العسكري في غزة يديرون الحرب الحالية. ورفض المتحدثون باسم حماس التعليق على السنوار أو استراتيجية الحركة".
وأفاد أنه: "بعد نهاية وقف إطلاق النار، قالت حماس إن الأسرى لديها هم جنود أو مدنيون يعملون في الجيش ولن تفرج عنهم إلا في حالة أوقفت إسرائيل الحرب. وقالت الحركة إنها مستعدة للإفراج عن الأسرى حالة أفرجت إسرائيل عن السجناء الفلسطينيين في سجونها وعددهم 7.000 سجين. وتقوم استراتيجية إسرائيل لتأمين الإفراج عن بقية الأسرى على تحقيق إنجازات في ساحة المعركة وإجبار حماس للإفراج عنهم".
إلى ذلك، نقلت الصحيفة، عن مسؤولين من دولة الاحتلال الإسرائيلي، قولهم: "إن حماس كانت مستعدة للإفراج عن الأطفال والنساء لأن الجيش غزا غزة وبدأ بالضغط عليها عسكريا. وتخوض القوات الإسرائيلية معارك في خان يونس، التي ولد ونشأ فيها السنوار وحاصرت في الأسبوع الماضي منزله "كتحرك رمزي" حسب زعم الصحيفة لأنه قد يكون مختبئا في مكان آخر".
وتابعت: "أقسمت إسرائيل على قتل السنوار وكل قادة حماس، لكن قادة إسرائيل البارزين أرسلوا رسائل مزيجة فيما إن كانت حكومتهم ستسمح لمقاتلي حماس من الصفوف الدنيا بمغادرة القطاع. وكان واحدا من الأسباب التي قادت حماس لتنظيم عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، هو اختطاف جنود ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين حسب محللين سياسيين فلسطينيين".
وأضاف: "عندما أفرج عنه في صفقة التبادل قال السنوار إن المفاوضين الفلسطينيين كان عليهم أن يضغطوا من أجل أعداد كبيرة، وعندما كان يحضر نفسه للخروج قال للذين لم تشملهم الصفقة إنه سيعمل من أجل تحريرهم. وقال مخيمر أبو سعدة، الذي درس قبل الحرب في جامعة الأزهر "هذا أمر شخصي" و"لم يشعر بالراحة لمغادرة السجن عام 2011 ويترك خلفه بعضا من رفاقه".
ويستبعد المفاوض الإسرائيلي السابق، غيرشون باسكين، رضوخ إسرائيل لمطالب السنوار لو استؤنفت المفاوضات من جديد، وبخاصة فيما يتعلق بالسجناء الذين تعتبرهم إسرائيل خطيرين. ويقول باسكين إن "إطلاق سراح السنوار هو الخطأ الذي ارتكبته إسرائيل وهو السبب الذي يجعلهم يرفضون مطالبه، وارتكبوا ذلك الخطأ مرة".
وأردف: "قبل دخوله السجن كان السنوار مقربا من زعيم الحركة، الشيخ أحمد ياسين، الذي أفرج عنه بصفقة 1.000 سجين فلسطيني مقابل 3 جنود إسرائيليين. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن السنوار عمل في البداية على ملاحقة العملاء، وكانت الوحدة التي أنشأها الأساس الذي ولدت منه كتائب عز الدين القسام. واعتقل السنوار في 1988 وأخبر المحققين كيفية ملاحقته العملاء وأنه كان يخطط في بداية 1989 لإنشاء وحدة خاصة تقوم بقتل واختطاف الإسرائيليين. وكان له دور في اختطاف وقتل إسرائيليين وحكم عليه بالمؤبد حيث قضى 22 عاما في السجن".
وتابع: "عندما سجن كانت حماس في المهد، ولكنه ظل في السجن مؤثرا، حيث أن سجناء الحركة هم واحد من قواعد حماس إلى جانب الضفة الغربية وفي الخارج وغزة. وسجنت السلطات الإسرائيلية أفراد الفصائل في مناطق منفصلة، وأنشأت حماس هيكلية داخل السجن، حسب مسؤولين سابقين، واختاروا قائدا في كل سجن، وزعيما لكل السجون وتم اختيار السنوار مرتين كزعيم لكل معتقلي حماس في السجون الإسرائيلية".
وأضاف: "في الفترات التي لم يكن فيها مسؤولا، كان له أثر على القادة. ولا يعرف دور السنوار في الانتفاضة الثانية. وفي عام 2004 بدا وكأن لديه مشاكل في الدماغ، وعندما فحصه الأطباء وجدوا ورما في الدماغ، وأجروا له عملية في مستشفى بئر السبع. وبعد تعافيه عاد إلى السجن وشكر الأطباء على إنقاذ حياته. وأعطى السنوار الإسرائيليين انطباعا أنه ضد العنف، وفي مقابلة أجراها صحافي إسرائيلي معه من داخل السجن في 2005، قال إن الحركة منفتحة على هدنة طويلة، ولكنه لم يقبل بإسرائيل وأن الحركة لديها فهم بأنها لا تستطيع هزيمة إسرائيل عسكريا".
وقال: "إن الحركة عنيدة وكما جعلنا حياة اليهود مرة أثناء المواجهات، فسوف نجعل حياتهم صعبة في الحوار على وقف إطلاق النار"؛ وفوجئ الجنود في نقطة عسكرية قرب قطاع غزة عندما اختطف جيلعاد شاليط، في 2006، وكان أحد المشاركين في العملية، محمد، الشقيق الأصغر للسنوار. وفي السجون اعتقلت إسرائيل أفراد حماس في زنازين تتسع لثمانية سجناء، حيث كان يسمح لهم بالخروج مرتين في اليوم للتمشي لساعة ونصف، ودرسوا بعضهم الإنكليزية والعبرية ودرسوا القرآن.
وكان السنوار محوريا في المفاوضات التي أدت للإفراج عن شاليط، حيث كان يريد الإفراج عن السجناء المتهمين بتفجيرات في الانتفاضة الثانية. ووافقت إسرائيل على إطلاق سراح سجناء خطيرين بمن فيهم السنوار. وقال أحد المحققين معه في السجن: "كان الإفراج عنه أسوأ خطأ في تاريخ إسرائيل".
وأخبر السنوار وكالة أنباء محلية، في غزة، عام 2011 أن أفضل طريقة للإفراج عن بقية السجناء هي اختطاف المزيد من الجنود. ووصل إلى غزة مختلفة، حيث أصبحت حماس الحاكم له. ولكن مساره بعد الخروج من السجن وتوليه قيادة حماس في 2017 و2021 لم يتغير بشأن ملاحقة العملاء وتحرير السجناء الفلسطينيين عبر اختطاف الجنود الإسرائيليين.