مع تواصل العدوان الإسرائيلي على
قطاع غزة تتباين
الآراء داخل
دولة الاحتلال مع الخسائر الكبيرة التي يتكبدها جيشها في غزة.
تظهر آراء متناقضة حول النزاع مع الفلسطينيين لدى منظمات
يهودية ومن بينها تبرز منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" التي ترفض
الاحتلال وتدعو إلى وقف الحرب، في حين تؤكد منظمة "حباد" على ضرورة
السيطرة على
الضفة الغربية وغزة والجولان السوري لضمان أمان "أرض إسرائيل" وفق تصريحات وآراء لعدد من عناصر الحركة وقادتها.
ويعمل عناصر من هذه الجمعية اليهودية على دعم جيش الاحتلال
الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة حيث تدور
معارك برية، في بيت حانون، ويرفع جنود "إسرائيليون" لافتة تعلن
"أول بيت لحباد" في غزة.
فيما يشير عضو في الحركة إلى أن هذا البيت في
شمال قطاع غزة يستقبل مقاتلين يقاتلون ضمن صفوف حباد، حيث سيوزعون أنوار الحانوكا
على جنود الجيش الإسرائيلي في العطلة.
ويبرز دور منظمة
حباد في دعم السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة، مستندة إلى قوانين دينية وفلسفة
خاصة.
يسعى أعضاء المنظمة إلى نشر شموع حانوكا في مواقع
متعددة في إسرائيل وحول العالم، بما في ذلك غزة، وهو ما يعكس تصاعد المواقف
الداعمة للسيطرة الإسرائيلية على القطاع.
إلا أن هذه المبادرة التي قادها الجنود في غزة ليست
مركزًا رسميًا لحباد ولم يتم تنظيمها أو ترخيصها من قبل حركة حباد لوبافيتش، وهو
ما أكده عضو في الحركة.
وكتب موقع "
جوش بريس" أنه عندما يقول لك اليهود حباد في كل
مكان "فإنهم لا يمزحون".
وأضاف الموقع أن مبعوثي حباد الحاسيدية حرصوا على إيجاد طريقهم
إلى غزة لمرافقة قوات الجيش الإسرائيلي أثناء معركتها من أجل وجود إسرائيل ضد "حماس".
وأشار الموقع إلى أن
منظمة حباد تعمل على "وضع الشمعدان العام في
أكبر عدد ممكن من الأماكن في إسرائيل وحول العالم والآن قاموا بتوسيع هذا التفويض
ليشمل غزة".
تثير هذه المواقف مخاوف
دولية وأمريكية، خاصة بعد التصريحات التي أشار فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى
خلافات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حول مستقبل الصراع والحل
للدولتين.
يحذر بايدن من فقدان إسرائيل للدعم العالمي بسبب
القصف "العشوائي" لغزة، ويدعو إلى تغيير مواقف نتانياهو لتحقيق حل طويل الأمد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
من هي منظمة
"حباد"؟
تعتبر إحدى المؤسسات
اليهودية الأورثوذكسية البارزة والكبيرة في العالم، حيث تمتد جذورها إلى القرن
الثامن عشر وتتبنى التقاليد الدينية اليهودية.
تأسست المنظمة في عام 1788 على يد الحاخام شنيور
ملادي، الذي كان مؤمنًا بأهمية الحفاظ على السيطرة على كل أرض إسرائيل التوراتية.
يقع مقر المنظمة في بروكلين، نيويورك، وهي توفر
بيوت حباد حول العالم لليهود المحليين والمسافرين، حيث يمكنهم الحصول على طعام
كوشر ومكان للصلاة، إلى جانب خدمات دينية أخرى.
تطورت حركة حباد من
مدارس اليهودية الأورثوذكسية في بيلاروسيا إلى أن أصبحت حركة عالمية تهتم
بالاحتياجات الروحية والمادية لليهود في جميع أنحاء العالم.
وبعد المحرقة، أشرف الحاخام يوسف يتسحاق شنيرسون
وخليفته الحاخام مناحيم شنيرسون على توجيه الحركة نحو تلبية احتياجات الجاليات
اليهودية في مختلف البلدان.
تعتمد حركة حباد على
تعاليم "بعل شيم طوف"، الذي كان يهوديًا في القرن الثامن عشر، ويعني
اسمه "سيد الاسم".
وتستضيف بيوت حباد دروسا ومحاضرات وورش عمل حول
المواضيع اليهودية، وتقدم الخدمات الدينية بما في ذلك وجبات السبت، وتنظم
المناسبات الخاصة وفقًا لاحتياجات المجتمع.
تسعى المنظمة إلى
توحيد اليهود في جميع أنحاء العالم باستخدام تكنولوجيا الإنترنت، وتعزيز ارتباطهم
بتقاليد يهودية تمتد لأكثر من 3300 عام، وتعزيز فهمهم الأعمق لطقوس اليهودية
وإيمانها. كما تعتبر كلمة "حباد" اختصارًا عبريًا للملكات الفكرية
الثلاث: الحكمة، والفهم، والمعرفة.
في حين ترتبط كلمة "لوبافيتش" باسم
المدينة التي نشأت فيها الحركة في بيلاروسيا. يستمد أنصار المنظمة إلهامهم من
تعاليم القادة السبعة ("Rebbes")، بدءا
من الحاخام شنور زلمان من ليادي.
حباد وموقفها من
العرب؟
تتخذ منظمة
حباد-لوبافيتش موقفًا متشككا إزاء إمكانية التوصل لسلام بين إسرائيل والدول
العربية المحيطة بها. ترى المنظمة أن إسرائيل تسعى لتحقيق هدفين أساسيين من خلال
أي اتفاق سلام، وهما ضمان أمانها ضد أي هجوم من الدول العربية المجاورة وضمان أمان
مواطنيها من التهديد الإرهابي.
ترى المنظمة أن هذه الأهداف تتعلق في المقام الأول
بالجوانب العسكرية، وعليها أن تُستشار في هذا السياق من خبراء عسكريين لتحديد
المعايير التي يجب أن تستند إليها أي مفاوضات.
تشدد المنظمة على رفض فكرة التنازل عن الأراضي
مقابل السلام، مع التركيز على أهمية الحفاظ على مرتفعات الجولان ودورها الحيوي في
تأمين الحياة اليومية للمواطنين الإسرائيليين. ترى المنظمة أن السيطرة على هذه
الأراضي تُعزز الدفاع الاستراتيجي لإسرائيل وتمنع أي هجوم محتمل من القوات السورية.
فيما يتعلق بالضفة الغربية، تعتبر المنظمة أن تسليم
هذه المنطقة لإقامة دولة فلسطينية قد يشكل تحديًا أمنيًا بسبب الموقع الاستراتيجي
الذي تشغله، حيث يمكن للقوات العدوة تقسيم إسرائيل إلى نصفين بسهولة. كما تشير
المنظمة إلى أن وجود السكان العرب في تلك المناطق قد يسبب مشاكل أمنية، وتروج
للفكرة أن السيطرة الإسرائيلية على هذه المناطق تسهل تجميع المعلومات الاستخبارية.
انتقادات لاذعة لقادة الاحتلال
ترى
المنظمة أن قادة سياسيين وعسكريين في إسرائيل
هم من قدموا تنازلات مقابل السلام، لأنهم يشعرون أن السلام سيحل كل هذه الصعوبات،
وأن الاعتبارات الأمنية لن تكون ضرورية بمجرد إحلال السلام.
لكن المنظمة تقول إنه إذا سئل هؤلاء ما هو المطلوب
من الناحية الأمنية البحتة؟ فإنهم "يجيبون بأنه لا ينبغي إعادة هذه الأراضي ومع
ذلك، فإنهم يوضحون أنهم على استعداد للمخاطرة من أجل السلام".
وتعتقد المنظمة أنه "عندما يتعلق الأمر بمسائل
الحياة والموت، لا يخاطر المرء بناء على ما قد يحدث أو لا يحدث في المستقبل.
ومن كيف يمكن المخاطرة بحياة الناس لأن الوضع ربما
يتغير في المستقبل؟ من الذي يتم أخذ حياته بهذا الاستخفاف؟"، في إشارة إلى أن
المنظمة تعارض السلام مع العرب على أساس الاعتقاد بأنه سينهي الخطر الأمني القادم
من الجيران.
وتسأل المنظمة: "كيف يمكننا أن نعرف ما سيحدث في المستقبل؟ لنفترض أن زعيما عربيا سيكون
مستعدا للدخول في معاهدة سلام كاملة وشاملة مع إسرائيل. هل ينبغي تخفيف الاعتبارات
الأمنية بسبب مثل هذا العرض؟".
وتجيب بأنه "بالطبع لا، الأنظمة العربية هي في
معظمها دكتاتورية شمولية وعرضة للانقلابات والتغييرات غير المتوقعة. ماذا سيحدث لو
سقط القائد الذي صنع السلام؟ فهل سيواصل خليفته الاتفاق؟ في مثل هذا السيناريو
تكون إسرائيل قد عرضت أمنها للخطر، وقربت عدوها، من دون أن يكون لديها أي ضمان
لسلامتها المستقبلية".
وتقدم المنظمة نقدا لسياسة إسرائيل، معتبرة أن
"الدولة تواجه صعوبة في مواجهة صورتها الذاتية".
وتقول إن "من الصعب أن نتصور أن إسرائيل تجد
صعوبة في التصالح مع هويتها كدولة يهودية. ولهذا السبب، هناك الكثير من الخطابات
ضد الأرثوذكس والملتزمين. وبسبب هذه الصعوبة، لم تخرج إسرائيل قط لتقول: هذه أرض
يهودية، وهبها الله لنا، وهي ضرورية لأمننا. وبدلا من ذلك، فإنها تقدم كل أنواع
الحجج لمحاولة تبرير حيازتها للأرض وفقا للقيم العالمية".