يواصل أهالي قطاع
غزة التشبث بأرضهم ويحلمون بلحظة العودة إلى بيوتهم أو ما تبقى منها رغم استمرار حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية لقرابة الثلاثة أشهر.
وعمل الاحتلال خلال العدوان غير المسبوق على القطاع على
تهجير الفلسطينيين إلى المناطق الجنوبية ما أدى إلى تشكل مئات آلاف النازحين ضمن مناطق ضيقة تعاني صحيا وإنسانيا ومعيشيا.
وترصد "عربي21" أحوال الفلسطينيين الذين يرفضون مخططات التهجير وإفراغ أراضيهم من أجل الأهداف الإسرائيلية.
يقول أبو أحمد (60 عاما) إنه يفكر يوما في لحظة العودة إلى غزة وإلى بيته وأرضه الصغيرة، ويضيف: "أرجع ولو بدي أنصب خيمة على ركام بيتي".
ويقول أبو أحمد لـ"عربي21": "أنا غير مستعد لترك أرضي ولو بدهم يعطونا بدل رمالها ذهب، أنا كل ما أسمع أحد يتكلم عن التهجير إلى سيناء حتى وهو غير مقتنع، أقول له ’قوم انصرف من جنبي’ ".
ويكشف أنه "منذ بداية الحرب فقدت اثنين من أولادي شهداء اندفنوا تحت ركام بيتي المدمر، أنا طلعت من خوفي على الأولاد الصغار وأمهم، وبستنى اللحظة اللي أرجع فيها باليوم والدقيقة".
ويوضح أن الفكرة ليست حول قيمة البيت أو ثمنه، قائلا: "الأغلى من البيت راح.. مش رح أبكي على البيت رغم غلاوته، لكن هينا شايفين كيف العالم ساكت على موتنا وما عمل شي.. أروح أعيش عندهم؟ ما حدا بحس فيك إلا ابن بلدك اللي بعرف المعاناة تبعتك".
بدوره، يقول أنس (32 عاما): "أنا في رفح تواصلت مع أحد الأصدقاء الذي نزحوا من غزة لأسأله عن بعض الأمور ولترتيب لقاء بيننا وسألته بشكل عفوي: إنت وين ساكن؟ ليرد علي بحدة: أنا نازح في منطقة حي السلطان مش ساكن، إوعا تتعود على النزوح أو تتأقلم معه".
ويضيف أنس لـ"عربي21": "استوقفتني جملة صديقي جدا، وتذكرت كم أنا حاقد وكاره لنفاق العالم والمجتمع الدولي والدول التي تدعي الحرية والديمقراطية وتوافق على قتلنا وترسل لنا مساعدات تافهة".
ويوضح أن "مخطط التهجير فاشل منذ بدايته، كيف يتوقعون منا أن نترك بلادنا التي ولدنا وتربينا بها ولا نعرف غيرها؟".
ويذكر أنس أنه يبحث دائما في الأخبار عن أي حديث عن العودة إلى غزة، قائلا: "طلعت من غزة بطولي (لا أحمل شيئا) ومستعد أرجع بطولي وأرمي ورا ظهري كل شي يذكرني بالنزوح، نار غزة ولا جنة العالم".
من جهته، يقول محمد إنه يدعو الله في آخر ركعة من كل صلاة من أجل سلامة أهله وبيته والعودة إليه سريعا، مضيفا أنه يدعو أيضا دعاء "اللهم أغننا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عن من سواك".
ويكشف أنه يقصد بهذا الدعاء "الخلاص من حياة الذل والمهانة وانتظار المساعدات واستقبال الدول للاجئين الفلسطينيين تحت أهداف سياسية".
بدورها، تقول آية التي تحمل الجنسية اليونانية إنها غير مستعدة لمغادرة البلاد وترك عائلتها وبيتها وجميع من تعرفهم لمصير مجهول.
وتكشف آية (40 عاما) أن السفارة اليونانية في مصر تواصلت معها من أيام الحرب الأولى وعرضت إخراجها مع زوجها وأولادها لكنها رفضت.
وتقول: "هي أجت علي وعلى اولادي؟ طيب وباقي عائلتي وعائلة زوجي؟ لا أنا ضايلة هنا وزينا زي الناس".
وتضيف: "آه صحيح اليونان حلوة.. لكن والله بنظري غزة أحلى، فيها العيلة والحبايب والناس اللي بتوقف معك وتسندك، يا رب تخلص الحرب وما بدنا جميلة أحد الله خلقه".