نشر موقع "
بي بي سي" في
نسخته التركية تقريرًا وضّح فيه أسباب تراجع مؤشّر بورصة إسطنبول في الفترة
الأخيرة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته
"عربي21"، إن مؤشر بورصة إسطنبول تراجع في أول يوم تداول لها هذا
الأسبوع بنسبة تقترب من 4 بالمئة. وقد أغلق المؤشر التداول بنسبة انخفاض قدرها
3.87 بالمئة. كما سجّل مؤشّر البنوك تراجعًا بنسبة 3.8 بالمئة، بينما انخفض مؤشر
الصناعة حوالي 3.5 بالمئة خلال اليوم. وقد لوحظ أن معظم الأسهم المدرجة في المؤشر
الرئيسي لبورصة إسطنبول BIST 100 قد تكبدت خسائر خلال الفترة الأخيرة.
لكن استمرار تراجع أداء بورصة إسطنبول
في الأسبوع الماضي بعد أن شهدت العام الحالي عددًا قياسيًا من المستثمرين
والاكتتابات العامة، يثير تساؤلات حول اتجاه البورصة في الأيام المقبلة.
حسب الخبيرة
الاقتصادية توبا أوزاي فإن
السبب الرئيسي لتراجع مؤشر البورصة هو ارتفاع معدلات
الفائدة على الودائع. ففي
الأشهر التي كانت فيها معدّلات التضخم مرتفعة والفائدة منخفضة نسبيًا، كانت
البورصة هي الأداة الرئيسية للمستثمرين لحماية أموالهم أو تحقيق عائد عليها. ومع
ارتفاع معدل الفائدة الأخير، الذي وصل إلى 42.5 بالمئة وإلى ما يقارب 50 بالمئة في
الأسواق، تحوّل المستثمرون إلى الفائدة على الودائع بدلاً من البورصة.
ومن جهته، أشار الاقتصادي سردار بازي
إلى أن انخفاض الأسبوع الماضي كان مدفوعًا أيضًا بانخفاض السيولة بسبب إغلاق
الأسواق الخارجية تزامنًا مع عطلة عيد الميلاد.
مزاعم وجود "عمليات تلاعب"
مفتعلة
ذكر الموقع أن قضيّة انخفاض مؤشّر
بورصة إسطنبول احتلت صدارة اهتمامات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تردّدت مزاعم
حول وجود "عمليات تلاعب ومضاربات" تستهدف السوق. وقد أصبح مؤشر BIST 100 أحد أكثر المواضيع إثارة
للجدل على منصة إكس وكذلك على مواقع بعض المنتديات.
وأورد الموقع أن المزاعم التي تفسّر
الانخفاض الأخير في البورصة بوجود تلاعب تستند إلى بعض الأخبار والشائعات التي
تنتشر في السوق. فقد ادعى الصحفي رحيم أك من صحيفة خبرتورك أن "بيع اثنين من
المستثمرين الكبار الذين لديهم مراكز في أسهم شركة "غوبريتاش" للمواد
الغذائية قد هزّ السوق، وأن هذين المستثمرين اللذين لم يتمكنا من استكمال
ضماناتهما لدى بعض شركات الوساطة المالية، اضطرا إلى بيع أسهمهما الأخرى
أيضًا".
وأعرب الكاتب ممدوح ألب نورك من صحيفة
صباح عن مزاعم مماثلة. من ناحية أخرى، زعم الكاتب رمزي أوزدمير في مقال رأي له في
صحيفة "يني تشاغ" أن "الشرطة ستجري عملية في بورصة إسطنبول".
وكل ذلك أدى إلى تكثيف مزاعم المضاربة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار الموقع إلى أن الرئيس رجب طيب
أردوغان دعا هيئة الأوراق المالية والبورصة وبورصة إسطنبول إلى اتخاذ إجراءات ضد
عمليات التلاعب في البورصة في حفل الذكرى السنوية الـ 150 لبورصة إسطنبول الأسبوع
الماضي. وحيال هذا الشأن قال: "لا يمكننا ترك المجال مفتوحًا لأولئك الذين
يحاولون التلاعب بالسوق المالية، سواء كانوا اقتصاديين أو سماسرة. نتوقّع من هيئة
الأوراق المالية والبورصة وبورصة إسطنبول مزيدًا من الحساسية والجهود في هذا
الصدد. كما أود أن أؤكد أن جميع إمكانيات الدولة تحت تصرفكم في هذه العملية".
رقم قياسي للمستثمرين والاكتتاب العام
تعود أهمية هذه المزاعم إلى حقيقة أن
بورصة إسطنبول قد حققت أرقامًا قياسية هذا العام. تم تسجيل رقم قياسي جديد في عدد
المستثمرين في بورصة إسطنبول هذا العام بلغ خمسة ملايين مستثمر جديد. وبذلك، وصل
إجمالي عدد المستثمرين إلى 8.5 ملايين. مع ذلك، يشير الاقتصادي سردار بازي إلى أن
معظم هؤلاء المستثمرين لديهم معرفة ماليّة محدودة وتحمّل منخفض للمخاطر. كما تشير
الخبيرة الاقتصادية توبا أوزاي إلى أن معظم هؤلاء المستثمرين انضموا إلى السوق
بسبب طفرة الاكتتاب العام التي شهدتها بورصة إسطنبول هذا العام.
وحسب رئيس هيئة تنظيم السوق المالية
إبراهيم عمر غونول، فقد تم تسجيل رقم قياسي جديد في عدد الشركات التي تم طرحها
للاكتتاب العام هذا العام وصل إلى 54 شركة. وجمعت هذه الشركات ما يقارب 79.3 مليار
ليرة من السوق. ولخصت أوزاي هذا الوضع بالقول: "نظرًا لارتفاع تكاليف الاقتراض
وتشديد الائتمان، فقد اختارت الشركات الاكتتاب العام للحصول على التمويل".
حطمت تركيا الرقم القياسي الأوروبي في
الاكتتاب العام
وفقًا لتقرير شركة التدقيق والاستشارات
"إرنست يونغ"، شهد العالم خلال سنة 2023 انخفاضًا بنسبة 8 بالمئة في
عمليات الاكتتاب العام مقارنة بسنة 2022. ومع ذلك، تمكنت بورصة إسطنبول من احتلال
المرتبة الحادية عشرة من حيث عدد عمليات الاكتتاب العام في العالم، والمرتبة
العاشرة من حيث الحجم. كما تصدرت تركيا أوروبا بقيمة 3 مليارات دولار من عمليات
الاكتتاب العام. ومع ذلك، تم انتقاد إدراج الشركات في البورصة رغم عدم امتلاكها
لبيانات مالية قوية أو احتوائها على إمكانات إنتاجية.
وتعتقد الخبيرة الاقتصادية توبا أوزاي
أن هذا العامل يساهم أيضًا في انخفاض بورصة إسطنبول، وأن هناك احتمالًا بظهور
تمييز بين الشركات التي لديها إمكانات النمو وتلك التي لا تملكها. وذكرت أوزاي أنه
عادةً ما تكون هناك نماذج إفصاح قبل عمليات الاكتتاب العام. وتتعلق هذه النماذج
بالشركة، وقصتها، وخططها الاستثمارية. ولم يكن لهذه النماذج أي أهمية، حيث تم
النظر إلى عمليات الاكتتاب العام فقط على أنها فرصة "لدخول السوق، وجني
الأرباح، والخروج".
سيتم الكشف عن القيمة الحقيقية للشركات
من خلال "محاسبة التضخم"
ذكر الموقع أن "محاسبة التضخم" مصطلح يطلق
على العمليات التصحيحية التي تهدف إلى إزالة آثار التضخم على البيانات المالية
للشركات في فترات التضخم المرتفع. ومع دخول محاسبة التضخم العام المقبل، ستظهر
صورة أكثر واقعية لأرباح الشركات.
وأوضح الموقع أن محاسبة التضخم تساعد
الشركات على جعل بياناتها المالية أكثر واقعية وتجنب دفع ضرائب أعلى. وقد أعلن
وزير المالية والخزانة محمد شيمشك في الأشهر الأخيرة أن محاسبة التضخم ستسري على
الشركات غير المصرفية والمؤسسات المالية. وقالت أوزاي إن المستثمرين يريدون رؤية
نتائج محاسبة التضخم، وقد كان هناك الكثير من الشركات التي حققت مكاسب كبيرة على
مدار العام، ومع محاسبة التضخم، سيتم عرض الحقائق وستصل الشركات إلى قيمتها
الحقيقية.