يوشك هذا العام على الانقضاء، تاركا خلفه أحداثا ومشاهد قاتمة في
ليبيا، لعل أبرزها كارثة فيضان درنة، الذي قضى فيه آلاف الضحايا، إضافة إلى تعثر إجراء
الانتخابات، رغم كل المبادرات والحراك المستمر داخليا وخارجيا.
كارثة درنة
توصف هذه الكارثة بأنها الأسوأ في تاريخ ليبيا منذ تأسيسها عام 1951، ففي 10 أيلول/ سبتمبر الماضي، كانت مناطق الشرق الليبي على موعد مع الإعصار المتوسطي "دانيال" الذي أسفر عن فيضانات غيرت ملامح مدينة درنة، وأثرت على مناطق أخرى كبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، وخلفت دمارا واسعا أودى بحياة الآلاف، لتكون تلك الكارثة أسوأ الكوارث الطبيعية التي وقعت في تاريخ البلاد.
أحدث الإعصار أزمة كبيرة لدى سكان المدينة نتيجة تأثيره المدمر، حيث واجه الأهالي العديد من الصعوبات خلال النزوح بحثا عن مأوى، نتيجة الأضرار الواسعة التي لحقت بالبنية التحتية وتوقف أكثر من نصف المرافق الصحية عن العمل جزئيا أو كليا.
وفي حين لا توجد حتى اليوم حصيلة نهائية لضحايا فيضانات شرق ليبيا، إلا أن عدد القتلى وصل حتى 2 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 4333، وفق منظمة الصحة العالمية التي أوضحت أيضا أن المفقودين المسجلين بلغوا 8500 شخص.
وبين فترة وأخرى، تعلن السلطات عن انتشال عدد إضافي من جثث ضحايا الفيضانات، والتي تخضعها لفحوصات الحمض النووي في محاولة لتحديد هوية أصحابها قبل الشروع بعملية دفنها، غير أن العديد من الجثث اعتبرت لأشخاص مجهولي الهوية، علما أنه يوجد قوائم بأسماء مفقودين حتى الآن.
وكانت التقديرات المحلية أشارت إلى أن 8 بالمئة من سكان درنة الليبية قتلوا أو فقدوا في الفيضانات، وربع أحيائها مُسح من الخريطة، في مدينة يقدر عدد سكانها بنحو 200 ألف نسمة.
"فشل كبير"
ويرى الكاتب الصحفي، عبد الله الكبير في حديث لـ "عربي21" أن
كارثة درنة نموذج على فشل القيادات شرقا وغربا في الاتحاد رغم حجم الكارثة. قائلا في الوقت ذاته، إن "الأدهى هو محاولة البعض استغلال الأزمة لتحقيق مكاسب مالية وسياسية".
ووقت حدوث الكارثة، قال ناشطون من درنة لـ"عربي21" إن "المدينة كانت في حالة غضب وتذمر من الممارسات التي تقوم بها قوات اللواء المتقاعد حفتر في المدينة من سرقة ونهب لأملاك المهجرين وكذلك القبضة الأمنية التي دفعت كثيرين لترك المدينة، كما أن قوات حفتر أحكمت قبضتها قبل العاصفة ومنعت تحرك الناس أو سفرهم"، وفق شهاداتهم.
وقال أحد الناشطين، طلب عدم ذكر اسمه لوجود عائلته في درنة، إن "قوات حفتر تعمدت تعطيل المساعدات الغذائية وفرق الإنقاذ بعد العاصفة حتى تدخل هي أولا كما أنها منعت أي مساعدة إلا عن طريق مطار "بنينا" الذي تسيطر عليه قوات اللواء طارق بن زياد التي يترأسها صدام نجل خليفة حفتر وسط شكوك بسرقة بعض المساعدات".
انتخابات ضائعة
وتشهد ليبيا صراعا على السلطة بين حكومة عيّنها مجلس النواب مطلع 2022، وحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.
ورغم أن مجلس النواب الليبي أعلن إصدار قوانين الانتخابات التي أقرتها لجنة "6+6" المشتركة مع المجلس الأعلى للدولة ليجري بموجبها انتخاب رئيس الدولة، ومجلس الأمة، إلا أن هذا المسار ظل متعطلا ولم تجر الانتخابات هذا العام كما كان يحلم الليبيون.
وبسبب خلاف بشأن تلك القوانين، فشلت ليبيا في إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021، بحسب ما كانت مقررة خلال جولات حوار بين أطراف النزاع برعاية الأمم المتحدة.
وتواصل البعثة الأممية مساعيها لجمع الفرقاء حول منضدة التفاوض للتوصل إلى صيغة توافقية تفضي إلى إجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة الموحدة التي ستشرف عليها، مسنودة بدعم أمريكي وأوروبي. لكن الكاتب الصحفي عبد الله الكبير قال، إن "بعض الأطراف المدعوة لجولة التفاوض ما تزال تماطل وتضع الشروط للمشاركة".
وحول مستقبل إجراء الانتخابات خلال العام القادم، قال الكبير لـ"عربي21"، إن
الصراع سيستمر في هذا المستوى المنخفض الحدة لأن كل طرف كما يبدو راض بما لديه ولا يرى فرصة متاحة للوصول إلى المزيد.
ويعتقد الكبير أنه "في سياق إقليمي ودولي مضطرب ليس من المتوقع إجراء الانتخابات، فالقرار الدولي عبر مجلس الأمن معطل بسبب الصراع الغربي الروسي وليبيا إحدى ساحات هذا الصراع".