أكد
حزب الله اللبناني أن خطاب أمينه العام حسن نصر الله ما زال في موعده الأربعاء كما كان مقررا مسبقا، على الرغم من عملية اغتيال نائب رئيس حركة
حماس، الشهيد صالح
العاروري، والتي سبقت الخطاب بيوم.
وكان هناك توقعات بأن يتم إلغاء الخطاب أو تأجيله، والذي كان ضمن الاحتفال التكريمي، الذي أعلن عنه الحزب، في الذكرى الرابعة، لاغتيال قائد فيلق القدس الراحل قاسم سليماني، وقائد كتائب حزب الله العراق، أبي مهدي المهندس.
وكان حسن نصر الله، قد هدد في خطاب سابق له إسرائيل في حال نفذت اغتيالا لأي شخصية لبنانية أو فلسطينية على الأراضي اللبنانية، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت عملية اغتيال العاروري ستكون ضمن خطابه المرتقب، وما هي القضايا الرئيسية التي سيناقشها نصر الله فيه.
ومن المقرر أن يتحدث الأمين العام لحزب الله، اليوم عند الساعة السادسة مساء بتوقيت لبنان المحلي في الاحتفال التكريمي الذي يقيمه حزب الله في الذكرى السنوية الرابعة لاغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري، ورئيس الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس ورفاقهما بضربة أمريكية قرب مطار بغداد.
رفع سقف الخطاب
بلال الشوبكي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، يتوقع "أن تكون نبرة هذا الخطاب مختلفة عن الخطاب السابق، لكن دون أن يفضي لتغيير جذري في سياسة حزب الله في ما يتعلق بالحرب الدائرة حاليا، وسيترك الأمور مفتوحة الاحتمالات وسيحتفظ بحق الرد لحزب الله على عملية الاغتيال".
وتابع الشوبكي في حديث خاص لـ"عربي21": "برأيي سيكون رد فعل حزب الله غير انفعالي، وبحكم أن هناك قراءات كثيرة تشير إلى رغبة بنيامين نتنياهو بتوسيع هذه الحرب وفتح جبهات جديدة، وبالتالي فالأمر سيكون عند حزب الله الاحتفاظ بحق الرد دون أن يفتح جبهة كاملة".
وأوضح أن "المسألة غير مرتبطة فقط بطبيعة رد حزب الله وإنما بطبيعة رد إسرائيل على رد الحزب، بمعنى أن المسألة ما زال فيها عوامل أخرى وطريقة تحرك الولايات المتحدة".
ويرى الشوبكي أن "هناك عاملين الآن يمكن أن يطوقا المشهد، أولا عدم رغبة حزب الله وإيران في أن تكون الجبهة جبهة كاملة، إضافة إلى ذلك عدم رغبة الولايات المتحدة في الانجرار إلى حرب في المنطقة خلال هذه المرحلة التحضيرية للانتخابات، تضطر فيها إلى الدخول بشكل كبير، لكن العامل الأخر هو العامل الإسرائيلي وأظن أنه الأضعف الان".
وحول احتمالية حديث نصر الله عن اغتيال العاروري، قال الشوبكي: "سيعرج عليه بدون شك وسيؤثر على مجمل الخطاب، لكن الخطاب كان معد له مسبقاً، وسيكون موقف الحزب برأيي، أنه منخرط فعلياً في الحرب ولا يعيش حالة هدوء، وبالتالي الاستمرار في ما هو عليه الاحتمال الأرجح مع رفع سقف الخطاب ليتناسب مع الحدث".
قراءة للحرب
الكاتب والمحلل السياسي اللبناني قاسم قصير، قال إن "السيد سيتحدث عن كل المواجهة في المنطقة وافق الصراع وموقف قوى المقاومة وطبيعة الرد على عمليات الاغتيال".
وأكد قصير خلال حديثه لـ"عربي21"، أنه "من الواضح أن اغتيال العاروري سيكون أحد النقاط الأساسية وكذلك موقف المقاومة منه، وفي تقديري سيتحدث عن المعركة الكلية في المنطقة، وسيقدم قراءة لنتائج المعركة بعد ثلاثة أشهر من بدء الصراع في غزة وإلى أين وصل الصراع في المنطقة وموقف قوى المقاومة".
وتابع: "بالتأكيد لن يأتي ويقول إننا سنطلق صاروخ اليوم أو غدا، وتقديري أن رد المقاومة لن يكون ردا تقليديا كما يتخيل البعض، فنحن الآن أمام مرحلة من الصراع وليس كما كنا قبل طوفان الأقصى، واليوم كل الجبهات مفتوحة على إسرائيل، ولا يمكن تقدير ما الجديد الذي سيكون اليوم، والأكيد أن الحزب تواصل مع الإخوة في حماس حتى يكون الرد متكاملا وليس مجرد رد تقليدي".
رد حزب الله على الاغتيال
ومن ضمن القضايا التي يترقبها المراقبون في خطاب نصر الله هو كيف سيكون رد الحزب على اغتيال صالح العاروري في الضاحية الجنوبية معقل الحزب، خاصة أن أمينه العام حسن نصر الله كان قد توعد إسرائيل بالرد في حال اغتالت أي قيادي في لبنان.
وكان الحزب قد شارك في معركة "طوفان الأقصى" عبر قصف المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، وقصف عدد من نقاط تجمع جنود
الاحتلال الإسرائيلي، وإلى الآن فإنه من غير الواضح كيف سيكون رد الحزب على اغتيال العاروري، وهل سيوسع هجماته على الاحتلال الإسرائيلي ويفتح جبهة كاملة معه أم لا.
قاسم قصير يقول إنه "حتى الآن لا توجد معلومات عن طبيعة رد حزب الله المتوقع، ونحن أمام عملية عسكرية وأمنية كبيرة جدا تستهدف قادة المقاومة، وهي لا تستهدف فقط حركة حماس بل أيضا حزب الله وكل قوى المقاومة، وتقديري أن طبيعة الرد ستكون بمستوى هذه العملية".
وحول احتمالية تنفيذ حزب الله لتهديد سابق له بالرد على أي اغتيال لأي شخصية على الأراضي اللبنانية، قال قصير لـ"عربي21": "مواقف السيد حسن نصر الله اطلقها قبل معركة طوفان الأقصى وقبل اندلاع كل هذه المواجهات في المنطقة، ونحن الان أمام معركة مفتوحة، لكن مستوى وطبيعة الرد يعود تقريره لقادة المقاومة، لأنه يمكن أن يكون أحد أهداف إسرائيل جر المنطقة إلى حرب كبرى، وإذا قادة المقاومة كانوا يريدون الذهاب إلى حرب كبرى، فهذا الأمر ينبغي التنسيق به".
وأوضح أنه "لا يستطيع تحديد طبيعة الرد"، مضيفا: "لكن بتقديري أنه لا يمكن السكوت عن عملية الاغتيال، لأن هذا يعني إعطاء إسرائيل ضوءا أخضر لتنفيذ عمليات أخرى تستهدف كل قادة المقاومة، سواء في حزب الله أو الجهاد أو حماس بأي مكان، من هنا خطورة هذا الأمر، وعلينا انتظار ما سيصدر من قادة الحزب والمقاومة".
وأضاف: "نحن أمام معركة ومواجهة مفتوحة، وفي تقديري سيكون الرد من كل الجبهات وبشكل تصاعدي، لكن هل ستفتح الجبهة بشكل كبير؟ لا يمكن الآن تحديد هذا الأمر".
وتابع: "لكن في تقديري أن التصعيد طبيعي وحجم الرد سيكون غير تقليدي لكن إلى متى؟ غير معروف، لأنه في ذات الوقت سيؤخذ في الاعتبار طبيعة كل الجبهات، لأن أي رد كبير يعني الذهاب إلى حرب كبرى في المنطقة، بمعنى هل هناك قرار بذلك؟ أنا لا أستطيع تأكيد هذا الأمر، لكن مرة أخرى أقول إن عدم الرد يعني إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ عمليات اغتيال أخرى".
وحول ما إذا كانت قواعد الاشتباك بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي قد تغيرت قال قصير: "قواعد الاشتباك أساسا هي سقطت، حيث يحدث كل يوم قصف للمستوطنات الإسرائيلية، وفي الأساس كان في السابق إذا تم إطلاق صاروخ واحد تتغير قواعد الاشتباك، نحن أمام قواعد اشتباك متغيرة، وطبيعي أن نكون اليوم أمام مرحلة جديدة، وعلى الأغلب نحن متجهون لمعركة طويلة المدى وليس معركة سريعة وفعل ورد فعل سريع".
منحى خطير
المحلل السياسي سليمان بشارات يعتقد أن "المنحى الأكثر حرجا في عملية اغتيال صالح العاروري، هو كيف سيكون موقف ورد حزب الله اللبناني على عملية الاغتيال هذه، وذلك لعدة اعتبارات، أولا هذه العملية تمت في الضاحية الجنوبية وهي معقل الحزب، وبالتالي فإنه في ظل هذا الاستهداف المقدم على كل المواقف يجب أن تكون هناك تبعات في تغيير خطوط ونقاط الاشتباك".
وتابع بشارات خلال حديثه لـ"عربي21": "بمعنى أنه منذ بداية هذه الحرب وحتى منذ عام 2006 في أعقاب الانسحاب من جنوب لبنان وانتهاء الحرب وقرار 1701 من مجلس الأمن كان هناك الحديث عن خطوط الاشتباك بشكل مباشر، الان الاحتلال الإسرائيلي اخترق كل هذه الخطوط، وتابعنا خلال الأسابيع الماضية أن حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله هددوا بشكل مباشر بأنه إذا ما تم ضرب بيروت أو استهداف أيا من القيادات الفلسطينية في الضاحية فسيكون ذلك تغيرا في الرؤى ومنهجية وشكل انخراط حزب الله في المواجهة وبالتالي فالآن ربما الأنظار ستتجه جميعها إلى حزب الله".
وحول طبيعة رد حزب الله المتوقع، قال بشارات: "أعتقد أننا أمام سيناريوهين، الأول وهو الأكثر واقعية وإمكانية لأن يحدث، وهو أن حزب الله سينطلق لتوجيه ضربة، ولكن طبيعة وشكل هذه الضربة ربما لا نستطيع الحكم عليها أو توقعها، فقد تكون إما بعمليات القصف أو عمليات نوعية، ولكن عدم توجيه ضربة من قبل الحزب في ظل هذا التغير بالمعادلة سيشكل حالة ضعف وحرج شديدة جدا للحزب وهذا ما لا يريده ولا يستطيع أن يضحي بتاريخه النضالي وباسمه ضمن معادلة المقاومة".
وتابع: "السيناريو الآخر، هو أن يكون هناك رد محدود، ولكن هذا الرد يكون على حساب أمر آخر، وهو أنه قد يكون هناك أطروحات سياسية تسارع إليها بعض الأطراف بحيث تمنح أثمانا سياسية للحزب، وبالمقابل قد يكون جزء منها وقف الحرب على قطاع غزة، وبالتالي فإن هذا الأمر قد يمنح أولا إسرائيل الفرصة لأن تعتبر أنها بعملية الاغتيال استطاعت تحقيق هدف ما وتروج له بنهاية هذه الحرب، وفي ذات الوقت المقاومة تحصل على الأثمان والمكاسب السياسية التي كانت تسعى إليها في نهاية الحرب".