قالت
صحيفة "
وول ستريت جورنال" إن
الحرب في
غزة تحولت بعد 100 يوم إلى نزاع مستعص
يهدد بالانتشار إلى أبعد من غزة، وسيعرقل
التجارة العالمية.
وأضافت
الصحيفة في تقرير أعده روري جونز، أن الحرب على غزة تعتبر أهم حدث جيوسياسي في القرن
الحالي، حيث استشهد أكثر من 23,000 فلسطيني،
معظمهم من النساء والأطفال، ودمرت كليا أو جزئيا 70 بالمئة من مساكن غزة البالغ عددها
439,000 بيتا.
وأضاف
جونز أن الولايات المتحدة سارعت إلى نجدة "إسرائيل" بشكل يضع سياسة جو بايدن
الخارجية محل فحص. وتردد النزاع وموقف بايدن الداعم بشدة في السياسة المحلية الأمريكية،
وأدى لتظاهرات في الجامعات، التي أضافت وقودا للحرب الثقافية في وقت يواجه فيه
الرئيس حملة إعادة انتخاب مثيرة للجدل.
وأجبرت
الحرب الولايات المتحدة إلى التركيز على الشرق الأوسط بعد سنوات من إعادة توجيه الدبلوماسية
والمصادر العسكرية لمواجهة صعود الصين، وحرفت الحرب انتباه الولايات المتحدة عن تقديم
الدعم لأوكرانيا. وخلط النزاع أوراق السياسة الأمريكية وأولوياتها، فقبل الهجمات كانت
واشنطن تركز جهودها بالمنطقة على التطبيع، وبخاصة بين السعودية و"إسرائيل"
بهدف إعادة تشكيل التحالفات الأمنية بالمنطقة واحتواء إيران. وقد توقف كل هذا، ولا يعرف
وقت استئنافها من جديد.
وأصبح
السؤال الآن يتمحور حول تسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني الذي تجاهلته "إسرائيل"
والمجتمع الدولي، لكنه أصبح في مركز الدبلوماسية الدولية، مع أن الطريق إلى حل الدولتين
بات صعبا وشائكا من ذي قبل. وتقول سنام وكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا: "مع أن المنطقة تدندن مع المعزوفة الأمريكية، إلا أن هذه الفكرة عن تهميش
القضية الفلسطينية هي سراب".
وتقول
الصحيفة إنه عندما تقرر "إسرائيل" إنهاء الحرب، فإنه سيترك أثره على عدة
جبهات، بما في ذلك أمنها وعلى المدى البعيد.
وبعيدا
عن ساحة الحرب في غزة، تعمل الولايات المتحدة على احتواء إيران الداعمة لحماس وحلفائها،
بمن فيهم حزب الله اللبناني والحوثيون في
اليمن. وأصبحت الهدنة الهشة التي كانت مركزا
للتقارب السعودي- الإيراني في العام الماضي، عرضة للخطر.
وتعتبر
الغارات التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد الحوثيين في اليمن ردا على الهجمات
ضد الملاحة في البحر الأحمر رحلة باهظة الثمن وهزت أسعار السلع المرتبطة بتدفقها عبر
البحر.
ونقلت
الصحيفة عن هيو لوفات من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قوله: "عندما
تنتشر الحرب إلى خارج غزة وخارج إسرائيل إلى المنطقة، وهو ما يحدث الآن.. عندها تحدث
التداعيات العالمية".
وتعلق
الصحيفة بأن الغارات رفعت من مستوى تورط الولايات المتحدة التي نشرت بوارج في المنطقة
في الأيام الأولى لحرب عزة لردع حزب الله عن استهداف "إسرائيل". وزودت الولايات
المتحدة "إسرائيل" بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات إلى جانب عشرات الآلاف من
الأسلحة وقذائف المدفعية. وقام وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأربع جولات بالمنطقة منذ
7 تشرين الأول/ أكتوبر لمنع انتشار الحرب فيها.
وأدى
النزاع لخروج تظاهرات في الغرب داعمة للطرفين؛ لدعم الفلسطينيين وشجب "إسرائيل"،
وأخرى ضد انتشار معاداة السامية. وأدى التوتر لاستقالة رئيستي جامعتي هارفارد وبنسلفانيا.
وفي يوم الخميس قدمت جنوب أفريقيا مرافعة ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل
الدولية في لاهاي، متهمة إياها بارتكاب إبادة جماعية.
ورفضت
"إسرائيل" الاتهامات، متهمة جنوب أفريقيا بدعم حماس التي تقول إنها تدعو لإبادتها.
وحدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أهداف الحرب بأنها تدمير حماس وتحرير
الرهائن التي أخذتهم، إلا أن الحرب تحولت إلى عملية دموية كشفت عن محدودية القدرات
العسكرية الإسرائيلية ودفاعات حماس الأرضية المتقدمة. وقتلت "إسرائيل" -كما تدعي- آلافا
من مقاتلي حماس وأضعفت قدراتها العسكرية، لكنها لم تحقق أيا من الأهداف التي وضعتها
بداية الحرب. ولا يزال الجيش الإسرائيلي يبحث عن وتدمير الأنفاق وقتل قادة حماس، مثل
يحيى السنوار.
ولا
يزال عشرات الآلاف في شمال "إسرائيل" بعيدين عن بلداتهم التي أجلوا عنها
بسبب الاشتباكات مع حزب الله. ورغم حديث "إسرائيل" وفي الشهر الرابع عن تحول
في مسار الحرب إلى مرحلة مستهدفة وأقل كثافة، إلا أنها "لا تزال مستمرة" كما
يقول عوزي أراد، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي ما بين 2009 – 2011، مضيفا أن
"هناك مخاطر قائمة للتصعيد".
وكشفت
الجهود عن صعوبة مواجهة إيران التي دعمت حماس ودربت مقاتليها قبل هجوم تشرين الأول/
أكتوبر. ونشرت "إسرائيل" آلاف الجنود في الشمال لمواجهة حزب الله. ويقول
غسان الخطيب، المحاضر بجامعة بير زيت في الضفة الغربية: "من الواضح أن ما حدث
هز ميزان القوة الإقليمي ضد إسرائيل والولايات المتحدة"، مضيفا: "لم تستطع
إسرائيل وبعد ثلاثة أشهر هزيمة واحد من وكلاء إيران".
ويقول
المحللون إن "إسرائيل" قد تقتل قادة حماس وآلافا من مقاتليها، إلا أن إنقاذ
الرهائن سيكون صعبا. وتواجه "إسرائيل" صعوبة في تحقيق أهدافها العسكرية في
الجنوب، بعدما شردت معظم سكان شمال ووسط غزة.
وفي
الوقت الحالي، ينقسم قادة حماس حول ما يمكن للحركة تحقيقه من الحرب. ويعتقدون أنهم
حققوا انتصارا بهجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وتسببوا بضربة أمنية وعسكرية على "إسرائيل"
من خلال تأمين قيادتهم بعد الغزو الإسرائيلي. والسؤال المهم إن كانت حماس قادرة على
استخدام ما تبقى لديها من رهائن لتحرير السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية،
وهو هدف السنوار، أو تظل في السلطة داخل غزة وقوة مؤثرة في السياسة الفلسطينية.
وحتى
لو سحقت "إسرائيل" حماس، فليس من الواضح من سيدير غزة أو يمول إعمار الدمار
الذي ستتركه. وتعتقد الدول العربية المؤثرة، مثل مصر، أن حماس يجب أن تلعب دورا، وقد
زادت الحرب من موقفها وشعبيتها مقابل السلطة الوطنية. وسيكون تحقيق أي من هذه الأهداف
صعبا بعدما توترت علاقات الدول العربية مع الولايات المتحدة؛ نظرا لدعم الأخيرة غير
المشروط لـ"إسرائيل". كما وتقوض دعم أمريكا في عالم الجنوب، حيث رفضت دوله
دعم الجهود الأمريكية في أوكرانيا عندما تواصل دعم احتلال الفلسطينيين. ويقول لوفات:
"من رؤية بكين وموسكو، فإن مراقبة الولايات المتحدة وهي تهدر مصادرها على دعم إسرائيل
ليس سيئا.. في النهاية تتفوق الصين وروسيا".