قال القيادي في حركة
حماس، رئيس المكتب السياسي الأسبق موسى أبو مرزوق، إن
الاحتلال الإسرائيلي يتخذ من قضية الأنفاق ذريعة لتدمير كل مظاهر الحياة في قطاع
غزة، مؤكدا أن المفاوضات غير المباشرة متوقفة الآن بسبب تعنت الاحتلال، ورفضه وقف إطلاق النار.
وأكد أبو مرزوق في مقابلة خاصة لـ"عربي21" أن الشعب
الفلسطيني يتعرّض لحرب إبادة مستمرّة منذ أكثر من 75 عاما، والاحتلال يستهدف جميع مظاهر الحياة في قطاع غزّة، ويمنع عن السكان الماء والغذاء والدواء والكهرباء والاتصالات، وهذا عقاب جماعي مجرَّم في الأعراف والقوانين الدولية.
وحول هجوم "طوفان الأقصى"، قال أبو مرزوق، إن هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي كان يستهدف فرقة غزّة في جيش الاحتلال التي تتمركز في عشرات المواقع العسكرية في منطقة غلاف غزّة، وهي في الواقع أراضي قطاع غزّة، مشيرا إلى أن الحركة لو أرادت أن تستهدف المدنيين لما توجّهت نحو المواقع العسكرية وإنما تقدمت داخل المدُن الرئيسية.
ولفت أبو مرزوق إلى أن معظم من سقط من المدنيين في أثناء الهجوم كان بسبب الاستهداف العشوائي من قبل دبابات جيش الاحتلال وسلاح الجو، وهذا باعتراف جنود الجيش، وباعتراف شهود عيان إسرائيليين، كما أن الجثث تُظهر أنها تعرضت لنيران إسرائيلية، كون الأسلحة الموجودة مع المقاومة أسلحة خفيفة.
وتاليا نص المقابلة مع أبو مرزوق:
يعد قتل المدنيين هو المبرر الأساسي لاتهام الحركة بالإرهاب، ووفقا لإعلان الاحتلال مقتل 1200 شخص يوم عملية طوفان الأقصى بينهم أكثر من 300 عسكري، فإن الحركة متهمة بقتل قرابة الـ900 مدني، فهل اندفع مقاتلو الحركة إلى قتل عشوائي للمدنيين؟
حركة حماس لا تستهدف المدنيين، واستهدفت عملية 7 أكتوبر فرقة غزّة في جيش الاحتلال التي تتمركز في عشرات المواقع العسكرية في منطقة غلاف غزّة، وهي في الواقع أراضي قطاع غزّة، وتكون هذه المواقع ملاصقة للكيبوتسات السكنية، ولو أرادت الحركة أن تستهدف المدنيين لما توجّهت نحو المواقع العسكرية وإنما تقدمت داخل المدُن الرئيسية، ولكن ليس من عقيدتنا القتالية استهداف المدنيين.
معظم من سقطوا من المدنيين في أثناء الهجوم كان بسبب الاستهداف العشوائي من قبل دبابات جيش الاحتلال وسلاح الجو، وهذا باعتراف جنود الجيش، وباعتراف شهود عيان إسرائيليين، كما أن الجثث تُظهر أنها تعرضت لنيران إسرائيلية، كون الأسلحة الموجودة مع المقاومة أسلحة خفيفة.
أما بالنسبة إلى أن قتل المدنيين هو المبرر الأساسي لاتهام الحركة بالإرهاب، فإن الحركة على قوائم الإرهاب الأمريكية والأوروبية وعدد من البلدان قبل هجوم 7 أكتوبر، ورغم أن الحركة تحصر عملياتها داخل الأراضي المحتلة، ولم تضر بمصالح أي من الدول التي تضعها على قوائم الإرهاب إلا أن هؤلاء وصموا الحركة بالإرهاب لأنهم أسرى للوبيَّات الإسرائيلية والسياسات الأمريكية.
بخصوص احتجاز المدنيين، هل كانت "حماس" هي التي اقتادتهم من المستوطنات، أم إن مواطنين هم الذين جلبوهم من المستوطنات وسلموهم إلى "حماس"؟
المقاومة الفلسطينية أسرت جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي أو العاملين داخل المواقع العسكرية، وبعد سقوط فرقة غزّة في جيش الاحتلال، وانهيار الجيش، حدثت فوضى، ودخلت فصائل ومواطنون إلى المستوطنات، وأسَرَ بعضُ المواطنين إسرائيليين لاستبدالهم بأقاربهم المعتقلين لدى الاحتلال الإسرائيلي، وبعضهم معتقل منذ عقود.
حركة حماس أعلنت أنها تريد الإفراج عن جميع المحتجزين، وتُبقِي لديها الأسرى الجنود فقط، وأخبرت الوسطاء منذ اليوم الأول أنها مستعدة للإفراج عنهم مقابل وقف إطلاق النار لساعات، لكن رفض الاحتلال الإسرائيلي ذلك، واستهدف أكثر من 60 محتجزا وأسيرا بشكل متعمد وقَتَلَهم، وشهادات المحتجزين الذين تم الإفراج عنهم تؤكد أن نيران جيش الاحتلال كانت تلاحقهم من مكان لآخر، ولمن لا يعلم فإن هناك بروتوكولا في جيش الاحتلال اسمه "هانيبال"، وهو تعليمات للجيش الإسرائيلي بقتل الأسرى والآسرين.
ما المعلومات المتوفرة لديكم عن ما حدث في حفل "رعيم"؟
لم تستهدف المقاومة الحفل، ولم تكن تعلم بوجوده، وقد أقيم الحفل بجوار قاعدة عسكرية إسرائيلية، وتحوّل إلى منطقة عسكرية بسبب تحرك قوات الجيش والأمن الإسرائيليين إلى الحفل قبل وصول المقاتلين إلى المنطقة، وتُظهر المقاطع المصوّرة وشهادات شهود العيان أن جيش الاحتلال استهدف كل من كان يتحرك على الأرض بالقذائف والصواريخ، ولهذا فإن غالبية القتلى الإسرائيليين كانوا بنيران جيش الاحتلال.
هل كنتم تتوقعون رد الفعل الإسرائيلي مع التغاضي الدولي عن نصرة المدنيين الفلسطينيين؟
شعبنا الفلسطيني يتعرّض لحرب إبادة مستمرّة منذ أكثر من 75 عاما، ونأسف لأن الموقف العالمي الرسمي والشعبي لم يمنع هذه الجرائم بحقّنا حتى اليوم، وما يحدث في قطاع غزة هو استمرار لإبادة شعبنا الفلسطيني، دون أن يكترث الاحتلال بالرأي العام الدولي، بل إنه يمنع دخول أي صحفي إلى قطاع غزة لأجل إخفاء جرائمه، وما يظهر من جرائم حاليًا لا يعكس الواقع المؤلم والصعب جدًّا في قطاع غزّة.
إن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف جميع مظاهر الحياة في قطاع غزّة، ويمنع عن السكان الماء والغذاء والدواء والكهرباء والاتصالات، وهذا عقاب جماعي مجرَّم في الأعراف والقوانين الدولية، بل إن الجيش استهدف جميع المستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزّة، كما أنه تعمّد استهداف عشرات سيارات الإسعاف والأطباء، وقد استهدف الجيش جميع مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزّة، وتعمّد اغتيال رؤساء عدد من هذه الجامعات، وعدد من أبرز الأكاديميين في قطاع غزة. كما أن الجيش استهدف الكنائس والمساجد في القطاع، وهو في الحقيقة يستهدف كل شيء على أرض غزّة سواء البشر أو الحجر.
تُلصق "إسرائيلُ" الدمارَ في غزة بالحركة التي بدأت القتال، فهل تعتقدون أنكم ورطتم أهالي القطاع في معركة غير متوقعة النتائج؟
التاريخ لم يبدأ في يوم 7 أكتوبر، وهناك احتلال إسرائيلي وحشي لقطاع غزّة منذ عام 1967م، كما أن قطاع غزّة يتعرّض لحصار منذ عام 1986، أي قبل نشوء الحركة، وتعرّض لحصار مشدد عام 2007، لعقاب الشعب الفلسطيني لأنه اختار حركة حماس لتمثيله في انتخابات حرّة ونزيهة.
الاحتلال الإسرائيلي لا يحتاج إلى مبرر لاستهداف شعبنا، وهو الذي ارتكب عشرات المجازر الموثّقة قبل هجوم 7 أكتوبر، سواء في غزة أو الضفة الغربية أو داخل أراضي عام الـ48، وهو لم يترك جريمة إلا واقترفها بحق شعبنا، فجنوده اغتصبوا النساء الفلسطينيات، وعقروا بطون الحوامل، وقتلوا الأطفال بأبشع صُور.
نحن استهدفنا جيش الاحتلال بعد أن أخذت الحكومة الإسرائيلية قرارًا بحسم الصراع، وتهجير الفلسطينيين مجددًا، وهدم المسجد الأقصى، ورفض الإفراج عن 5 آلاف أسير فلسطيني بعضهم تجاوز الأربعين عامًا في السجون، كل ذلك والعالم يراقب دون أن يتدخل لمنع آلة الإجرام الإسرائيلية.
هناك خطط متعددة لمهاجمة الأنفاق، إما بالإغراق أو بالقنابل الإسفنجية أو بالغازات.. إلخ، فما الذي يستخدمه جيش الاحتلال حتى الآن في تعامله مع الأنفاق؟
المشكلة ليست في الأنفاق، وهي مخصصة لمرور المقاتلين، ومواجهة جيش الاحتلال، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يُضخّم من الأنفاق لأجل تدمير البنية التحتية المدنية، وتدمير المدن السكنية، بهدف تحويل غزة إلى مكان غير قابل للمعيشة، وفي بعض الأحياء دمّر أكثر من 80% من الوحدات السكنية.
إلى أي مدى وصلت جهود التفاوض حول الهدنة أو وقف القتال؟ وما العوائق الحالية أمامها؟ وبخصوص الأسرى غير العسكريين، ما الذي تطرحه المقاومة للإفراج عنهم؟
لم يستطع جيش الاحتلال استعادة أي أسير من قطاع غزة إلا بالتفاهم مع المقاومة، رغم أن الحرب دخلت شهرها الرابع، ويجب أن يدرك الإسرائيلي أن استعادة الأسرى بالقوة هي خيار غير مُجدٍ، ولن يقود إلا إلى قتل الجيش أسراه، وقتل مزيد من جنوده.
جهود التفاوض حول الأسرى متوقفة حاليًا بسبب التعنت الإسرائيلي، ونحن أخبرناهم بموقفنا في البداية بأننا نريد أن نفرج عن المدنيين فورًا لكنهم رفضوا، وبعد شهر ونصف من القتال وافقوا، واليوم نقول لهم إننا لن نتفاوض في ظل استمرار الحرب على غزة، وسنفتح التفاوض بعد وقف العدوان على غزة، وحين يوافق جيش الاحتلال فسنبدأ عملية تفاوض جديّة لإنهاء هذا الملف.
إلى أي مدى تضمن الحركة التزام باقي الفصائل الفلسطينية بأي اتفاق مستقبلي مع الاحتلال خاصة أن هناك صعوبات ميدانية واجهتها لجمع الأسرى من خارج الحركة في التهدئة السابقة؟
في جميع المواجهات مع جيش الاحتلال، وما نتج عنها من تفاهمات، لم يخلّ أي فصيل فلسطيني بالالتزامات، وإنما كان الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يخترق التفاهمات، وهذا بشهادة الوسطاء، ولهذا فإن المشكلة ليست لدى الجانب الفلسطيني، وإنما في الاحتلال، ونحن مَن يبحث عن ضمانات من الاحتلال، فعلى سبيل المثال، عقدنا صفقة تبادل عام 2011، وأفرج الاحتلال عن 1027 أسيرا فلسطينيا، وبعد ذلك أعاد اعتقال العشرات منهم.
ألا تعد الضربات التي توجهها الحركة من لبنان انتقاصا من السيادة اللبنانية وتوريطا للبنان في معركة لم تختر مؤسساتها الانخراط فيها؟ فمثلا، الحركة تمنع الفصائل الفلسطينية من إطلاق الصواريخ من غزة إذا عقدت اتفاقات تهدئة، فكيف تورط دولة أخرى؟
أصل المشكلة هو الاحتلال، وإنهاء الاحتلال هو ضمان عودة الاستقرار للمنطقة ككل، وإسرائيل لا تزال تحتل أراضي لبنانية وفلسطينية أيضًا، ولهذا فإن الحالة الطبيعية لوجود قوة أجنبية تحتل أرضا عربية أن تكون هناك مقاومة حتى تحرير الأراضي المحتلة، لكن مشكلتنا مع كثير من الأطراف الدولية أنها ترى بعين واحدة وهي عين إسرائيل، ويجوز بالنسبة لها أن ترتكب إسرائيل الجرائم وتنتهك سيادة لبنان وسوريا والعراق واليمن وغيرها من البلدان، ولا يجوز لشعوب هذه البلدان أن ترد على جرائم الاحتلال.
هل تنسقون مع الحركات المسلحة الداعمة للفلسطينيين في اليمن والعراق؟
نحن نرحّب بدعم أي طرف غير فلسطيني، والشعوب اليمنية والعراقية هم جزء أصيل من نسيجنا العربي، لكن الغريب هو أن تتلقى إسرائيل الدعم من الولايات المتحدة ودول غربية وهم على بعد آلاف الأميال، ويغطون جرائم الاحتلال سياسيًا، ويمدونه بالمال والسلاح والذخيرة.
هل ترون التحركات الدبلوماسية العربية في مجلس الأمن وغيره مناسبة بحسب الإمكانيات العربية؟
أثبت مجلس الأمن في هذه القضية أنه عاجز، وأنه تحوّل إلى مجلس لتبادل المواقف لا مجلسًا مقرِّرًا يستطيع وقف الجرائم والتجاوزات، ومجلس الأمن لا يستطيع أن يلزم إسرائيل بإدخال المساعدات، وإخراج الجرحى للعلاج، وإيقاف استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية والنظام الصحي والتعليمي، ونحن نقدّر أي جهد سواء كان عربيا أو غير عربي، ولكن هذا العجز سينعكس على مختلف الملفات في العالم سلبًا.
ما الذي تطلبونه من القيادات العربية بشكل واضح؟ وهل هناك دعم عربي للمفاوض الفلسطيني أمام الاحتلال، أم إن هناك ضغطا عربيا عليكم؟
نحن نطلب من القيادات العربية أن يكون موقفهم داعما للشعب الفلسطيني في معركته لأجل استعادة أراضيه وحريّة شعبنا وعودته، وأن يمارسوا دورًا ضاغطًا على إسرائيل لوقف الجرائم وبأيديهم الكثير، ولكن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا كبيرة على البلدان العربية، ولهذا تمنعهم من أخذ موقف مؤثر في هذه المعركة.
ومواقف الدول العربية ليست واحدة، وتتباين، وهناك من يدعم شعبنا، وهناك من يميل إلى مصالحه الذاتية، وبكل الأحوال لا تستطيع الدول العربية أن تضغط على الحركة، لأن شعوب هذه الدول يؤيدون الحركة بشكل عارم، ومكانة الحركة والمقاومة لدى الشعوب العربية عالية بحيث إن ردة فعلها ستكون مؤثرة في حال اتجه النظام الرسمي نحو وقوف علني ضد المقاومة.
تتسارع الترتيبات الدولية للنظر في وضع القطاع بعد نهاية الحرب، فما تصوركم السياسي؟ مثلا، هل تقبلون بشراكة مع السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع بعد الحرب، أو وجود قوات أجنبية أممية أو عربية؟
جزء أساسي من المشكلة التي نعاني منها هو التدخلات الدولية، ولهذا فنحن نرفض أي تدخل دولي سلبي في الشأن الفلسطيني، ونحن نرحّب بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس وطنية وعلى أسس الشراكة، وهذا هو موقف الحركة الذي تعرفه العديد من الأطراف الدولية قبل 7 أكتوبر، ونحن نرى أن الوحدة الفلسطينية أولوية ويجب العمل عليها، لكن دائمًا ما كانت تواجه بفيتو أمريكي.
ونحن نرى أن الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينسحب من قطاع غزة ويوقف إطلاق النار، ومن ثمّ سنتفاوض على الأسرى ومختلف القضايا إلا شيئا واحدا وهو الترتيبات الفلسطينية-الفلسطينية فهذا شأن فلسطيني، ونرفض بشكل قاطع أن يكون ضمن تفاهمات مع العدو الإسرائيلي.
أما بالنسبة للقوات الدولية، فنحن نعتبر أي قوة غير فلسطينية قوة احتلال، ونرفض هذه المقترحات.
هل لديكم تخوفات من أن يحدث - في مرحلة ما - قبول من الدول المجاورة لتوطين الفلسطينيين؟
الشعب الفلسطيني يرفض التهجير، ورغم وقوع آلاف أطنان القنابل عليه، بما يعادل 5 قنابل نووية، إلا أنه متمسك بأرضه ورفض التهجير، ولا يريد أن يكرر سيناريو النكبة الفلسطينية عام 1948، كما أن دول الجوار ترفض هذه المخططات، ونحن سنكسرها على الأرض، ولكن هذه المخططات تؤكد مدى الإجرام الإسرائيلي، وكيف أنه لا يعتبر الفلسطيني إنسانا له كامل الحقوق.