أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان،
بأشد العبارات قتل الجيش الإسرائيلي 20 فلسطينيا وإصابة العشرات بجروح من خلال فتح
النار عليهم بشكل مباشر أثناء انتظارهم دخول إمدادات إنسانية إلى مدينة
غزة
وشمالها في إصرار على نهج تجويع المدنيين، وترويعهم في كل مكان، وفرض مزيد من
التعقيدات على عملية دخول وتوزيع واستلام المساعدات الإنسانية المحدودة أصلا في
قطاع غزة.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي، في بيان له
اليوم الخميس أرسل نسخة منه لـ
"عربي21"، أن القوات الإسرائيلية تعمدت
اليوم استهداف عشرات المدنيين الجوعى بقذائف مدفعية على دوار "الكويت"
المؤدي إلى مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل 20 منهم على الأقل وإصابة أكثر من 150
آخرين بجروح، حالة عدد منهم حرجة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن المدنيين
الفلسطينيين يدفعون ثمنًا باهظا لتجاهل المجتمع الدولي ومؤسساته المختصة نداءات
وقف قتل المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك الجوعى الذين ينتظرون الإمدادات
الإنسانية، في ظل ما يواجهونه من أزمة إنسانية ومجاعة وشيكة الحدوث ذات التداعيات
الخطيرة.
وكان المرصد الأورومتوسطي وثق يوم الاثنين
الماضي، 22 كانون الثاني/يناير، حادثة أخرى، استهدف فيها الجيش الإسرائيلي بقذائف
مدفعية المئات من المدنيين الجوعى الذين تجمعوا على طريق صلاح الدين جنوب شرق
مدينة غزة، بانتظار شاحنات للأمم المتحدة تحمل مساعدات محدودة، ما أدى إلى عدد من
القتلى والجرحى.
وبتاريخ 11 من الشهر الجاري، قتل الجيش
الإسرائيلي ما يقرب من 50 فلسطينيًّا وأصيب عشرات آخرون بعدما استخدم طائرات "كوادكابتر" لإطلاق النار تجاه فلسطينيين تجمعوا
لاستلام كميات من الطحين عبر شاحنات تتبع للأمم المتحدة على شارع الرشيد غربي
مدينة غزة.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن الجيش
الإسرائيلي يتعمد استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب ضد المدنيين في مدينة
غزة وشمالها، ليس فقط من خلال عرقلة دخول المساعدات إلى هذه المناطق، بل وبمواصلة
قتلهم وإصابتهم خلال محاولتهم الحصول على مساعدات محدودة، في تكريس لجريمة الإبادة
الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد السكان في القطاع.
وأشار الأورومتوسطي إلى تعمد الجيش
الإسرائيلي إحداث مظاهر من الفوضى واستهداف المسؤولين عن تنظيم توزيع الإمدادات
الإنسانية في قطاع غزة، وفي ذات الوقت يستخدم هذا الجيش ومسؤولوه أمام المحافل
الدولية حالة الفوضى كذريعة يعرقل تحت غطائها إدخال المساعدات الإنسانية، وهو
فاعلها ومسببها.
ونبه إلى تكرار الاستهداف الإسرائيلي بالقصف
وإطلاق النار على قوافل المساعدات، لا سيما خلال دخولها مدينة غزة وشمال القطاع،
وقتل وإصابة الطواقم المدنية والأمنية المكلفة بتأمين تلك القوافل وآليات توزيعها.
ومن ذلك استهداف مركبة تقل موظفين حكوميين
مسؤولين عن تنسيق دخول المساعدات إلى غزة يوم 21 كانون الثاني/يناير الجاري، ما أدى
إلى مقتل ثلاثة أشخاص بينهم "عماد جمال أبو منصور" الذي كان يشغل منصب
رئيس لجنة طوارئ وزارة التنمية الاجتماعية في السلطة الفلسطينية.
وفي يوم التاسع من الشهر ذاته، استهدف الجيش
الإسرائيلي بإطلاق نار كثيف مجموعة من عناصر الشرطة لدى محاولتهم تأمين دخول
الإمدادات الإنسانية في مدينة غزة ما أسفر عن قتلى وجرحى في صفوفهم.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الجيش
الإسرائيلي -عبر استهدافه المتواصل لفرق تنظيم وحماية المساعدات- يتسبب بالفوضى
وبالتالي منع وصولها إلى مستحقيها الأكثر حاجة؛ بغرض تكريس سياسة تجويع المدنيين
في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة منذ أكثر من مائة يوم.
وشدد على أن ما يجري خلال انتظار المساعدات
شرقي وغربي غزة يعد تعبيرًا صارخًا عن عجز المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة
عن ضمان آليات مناسبة لإيصال المساعدات للسكان، وتأكيدًا صريحًا على مضي إسرائيل
في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وسياسة التجويع دون أي رادع أو تدخل وعلى مرأى
العالم بأجمعه.
وحمّل الأورومتوسطي الأمم المتحدة ووكالاتها
الإنسانية المسؤولية عن القصور والعجز في توصيل المساعدات الإنسانية بشكل لائق
وسريع ومناسب لمئات آلاف السكان الذين يعانون جوعًا حقيقيًّا للشهر الرابع على
التوالي، وكذلك صمتها إزاء قتل الجيش الإسرائيلي مدنيين خلال محاولتهم استلام
المساعدات.
وأعاد المرصد الأورومتوسطي التذكير بأن
القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صارم استخدام التجويع والتعطيش كوسيلة من وسائل
الحرب، ويعتبرها انتهاكًا جسيمًا وعقابًا جماعيًا محظورًا. إلى جانب ذلك، تشكل تلك
الممارسات مخالفة للالتزامات المترتبة على عاتق إسرائيل بصفتها السلطة القائمة
بالاحتلال لقطاع غزة، ولواجباتها وفقًا للقانون الإنساني الدولي بتوفير احتياجات
سكان غزة وحمايتهم.
وينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية
الدولية على أن تجويع المدنيين عمدًا من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها
لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية، يعتبر جريمة حرب.
كما تنتهك إسرائيل من خلال استهدافها
العاملين في الإغاثة الإنسانية، التزاماتها الدولية التي تفرض عليها حمايتهم
وتأمين حرية الحركة اللازمة للقيام بوظائفهم، وضمان وصول المساعدات الإنسانية
لمحتاجيها بدون تحيز أو أي تمييز مجحف.
وختم الأورومتوسطي بأن فرض الحرمان الشديد
والمتواصل على المدنيين في قطاع غزة من احتياجات الغذاء والمياه الصالحة للشرب
بالكميات الكافية يعتبر شكلًا من أشكال جريمة الإبادة الجماعية عبر إلحاق أضرار
جسيمة بالسكان وإخضاعهم لأحوال معيشية يقصد بها تدميرهم الفعلي، وذلك وفقًا
لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ونظام روما الأساسي للمحكمة
الجنائية الدولية، والأحكام القضائية الدولية ذات الصلة.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الخميس،
إن إسرائيل ارتكبت "
مجزرة" جديدة بحق آلاف الأفواه الجائعة التي كانت
تنتظر حصولها على مساعدات قرب مفترق دوار الكويت جنوبي مدينة غزة راح ضحيتها
20 مواطنا و150 إصابة.
وأضاف المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة، في
بيان مقتضب: "
الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجزرة جديدة بحق آلاف الأفواه
الجائعة التي كانت تنتظر المساعدات الإنسانية عند دوار الكويت بغزة ".
وأوضح أن هذه "المجزرة أسفرت عن
استشهاد 20 فلسطينيا وإصابة 150 آخرين".
وبيّن أن عدد الضحايا "مرشح للزيادة
نتيجة عشرات الإصابات الخطيرة التي وصلت لمجمع الشفاء الطبي بغزة، والذي يفتقر
للإمكانيات الطبية".
وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها
الجيش الإسرائيلي تجمعات لمواطنين ينتظرون مساعدات إنسانية وإغاثية شحيحة نادرا ما
تصل لمحافظة غزة وشمال القطاع.
وأغلقت إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول
الماضي، المعابر الواصلة بين قطاع غزة والعالم الخارجي، فيما تم فتح معبر رفح
البري مع مصر بشكل جزئي لدخول مساعدات محدودة وخروج عشرات المرضى والمصابين وعدد من حاملي الجوازات الأجنبية.
وسمحت إسرائيل في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني
2023، بدخول كميات شحيحة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح، ضمن
هدنة استمرت أسبوعا بين الفصائل بغزة وإسرائيل، تم التوصل إليها بوساطة قطرية مصرية
أمريكية، تخللها صفقة تبادل أسرى.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن الجيش الإسرائيلي
حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الأربعاء "25 ألفا و700 شهيد و63 ألفا و740
مصابا معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار
هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.