مسؤول فلسطيني لـ"عربي21": إسرائيل تسببت في إعاقة 72 ألف شخص

كشف الأمين العام للاتحاد الفلسطيني للأشخاص ذوي الإعاقة، مجدي مرعي، أن هناك تقديرات تشير إلى أن أكثر من 72 ألف شخص أصبحت لديهم إعاقات مختلفة، وبدرجات متفاوتة، بسبب اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي عليهم خلال الحروب السابقة والعدوان الحالي.

وأضاف، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "معاناة ذوي الإعاقة الفلسطينيين تتضاعف كثيرا عن غيرهم؛ فهم يواجهون صعوبات لا وصف لها حينما يحاولون الهروب من القصف والهجمات الإسرائيلية، خاصة بعدما يفقدون كراسيهم المتحركة وأطرافهم الاصطناعية والعكازات وأجهزة المشي والسمع الخاصة بهم، فضلا عن أن بعضهم لا يسمع أو لا يرى أو لا يعي ما يجري حوله من الأساس".

وأشار مرعي إلى أن "قوات الاحتلال الإسرائيلي تستغل واقع ذوي الإعاقة، حيث تتنكر أحيانا بشخصيات ذوي إعاقة يستخدمون أدوات مساعدة كالكراسي المتحركة، أو مصادرة سياراتهم بهدف التنكر والدخول بها للمناطق المستهدفة في مدن ومخيمات الضفة".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

ما أبرز أوجه معاناة ذوي الإعاقة من الفلسطينيين خلال العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة؟ وهل تلك المعاناة تختلف عن معاناة غيرهم؟

يعاني الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين بشكل مباشر من تبعات عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، خاصة ما بعد أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ حيث أصبح المطلب الأول والأخير -كما باقي أبناء الشعب الفلسطيني- هو الحق بالحياة من خلال إيقاف الحرب على قطاع غزة، ووقف التصعيد المتراكم على مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، وتختلف معاناة ذوي الإعاقة من حيث أماكن تواجدهم حسب المناطق الجغرافية في فلسطين.

ففي قطاع غزة، وبحكم الحصار المفروض عليه وخاصة بعد الحرب التي يشنّها الاحتلال على القطاع، أصبح الإلحاح أكثر بالمطالبة بمقومات الحياة ارتباطا بحقهم في الحياة من خلال المطالبة بالغذاء والماء والدواء، إضافة لمستلزماتهم الصحية اليومية والأدوات المساعدة، فضلا عن باقي حقوقهم بالوصول لخدماتهم وحقهم بالاتصال والتواصل.

وفي القدس، فإن الأشخاص ذوي الإعاقة يعانون بشكل كبير من فصلهم عن مناطق الضفة الفلسطينية وحرمانهم من المواطنة وتلقي الخدمات الحقوقية، بسبب السياسة الممنهجة التي يتبعها الاحتلال في تهويد القدس ومؤسساتها وفصلها عن المجتمع الفلسطيني.

أما بخصوص معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة في مناطق الضفة الغربية فتختلف باختلاف مناطق سكنهم سواء في مناطق (أ) أو (ب) أو (ج) حسب التصنيف الجغرافي ما بعد اتفاق أوسلو وفرض واقع سيطرة احتلالية ممنهجة بطريقة تصبح ظروف العيش فيها تُشكّل مأساة ومعاناة، خاصة بما يتعلق بحق الأشخاص ذوي الإعاقة بالوصول للخدمات الأساسية نتيجة لفصل مدن وقرى الضفة الغربية بعد حملة التصعيد التي قام بها الاحتلال، والتي تزايدت بعد الحرب على غزة؛ حيث أثرت هذه الممارسات بشكل مباشر على حق ذوي الإعاقة بالتنقل والاتصال والتواصل والوصول لمؤسساتهم الإيوائية ولخدماتهم الصحية والتأهيلية خاصة بعد تدمير كامل للبنية التحتية ونصب الحواجز في معظم مدن وبلدات وقرى الضفة.

وبالنظر لواقع معاناة الشعب الفلسطيني على خلفية التصعيد الإسرائيلي بشكل عام، فإن الأشخاص ذوي الإعاقة تتضاعف معاناتهم كثيرا عن غيرهم، خاصة مع عدم استطاعتهم الاستجابة للتحذيرات -إن وجدت أصلا- أو عدم تنحيتهم كأهداف لعدوان الاحتلال، إضافة لاستغلال قوات الاحتلال لواقعهم، والتنكر بشخصيات ذوي إعاقة يستخدمون أدوات مساعدة كالكراسي المتحركة أو مصادرة سياراتهم بهدف التنكر والدخول بها للمناطق المستهدفة في مدن ومخيمات الضفة.

واليوم هناك خسائر فادحة في صفوف ذوي الإعاقة الذين باتت أوضاعهم في غاية السوء بظل انعدام الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية التي هم في أمس الاحتياج إليها.

بالتالي كيف يمكن أن يواجه ذوو الإعاقة هذا العدوان الإسرائيلي المتواصل؟

مع استمرار الحرب على غزة والضفة، فإن الأشخاص ذوي الإعاقة الفلسطينيين تستمر معاناتهم اليومية في بحثهم عن مأوى آمن يؤويهم وبه أدنى مقومات الحياة، وسهل الوصول، خاصة في قطاع غزة والمخيمات الفلسطينية التي تعرضت للتدمير الشامل، وأيضا يقضون يومهم في البحث عن مصادر تزودهم بمستهلكاتهم اليومية الخاصة بهم وعن ما يتيسر من أدوية التي أصبحت معدومة بالكامل.

هذا فضلا عن التفكير بالغد وبكيفية تنقلهم أو هروبهم في حال استهداف أماكن تواجدهم من قِبل الاحتلال الذي لا يفرق بين ذوي إعاقة أو أي شخص من مكونات المجتمع الفلسطيني، خلافا لاتفاقيات حقوق الإنسان أو اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يواجهون صعوبات لا وصف لها حينما يحاولون الهروب من القصف والهجمات الإسرائيلية، خاصة بعدما يفقدون كراسيهم المتحركة وأطرافهم الاصطناعية والعكازات وأجهزة المشي والسمع الخاصة بهم، فضلا عن أن بعضهم لا يسمع أو لا يرى أو لا يعي ما يجري حوله من الأساس.

ما أبرز احتياجات ذوي الإعاقة الفلسطينيين في الوقت الراهن؟

أبرز احتياجاتهم في ظل العدوان الفاشي تتمثل في وجود المكان الآمن، والماء، والغذاء، والدواء، كأولويات ملحة قبل الاحتياج للتأهيل والأدوات المساعدة وغيرها من الخدمات الضرورية والتي أصبحت للأسف من الكماليات في ظل هذا العدوان الفاشي.

لماذا تعجز المنظمات الدولية المعنية عن توفير الدعم الطبي والنفسي لذوي الإعاقة في فلسطين؟

لا تستطيع أي مؤسسة أن تقدم خدماتها في ظل عدم احترام الاحتلال للقانون الدولي والاتفاقيات الناظمة لحقوق الإنسان، وأيضا بسبب استهداف الاحتلال لمقراتها وطواقم موظفيها دون أي اعتبارات أخلاقية، وكذلك بسبب تعطيل كامل للبنية التحتية سواء شوارع أو مياه أو كهرباء وغيرها من آثار الحرب التي تعيق عمل هذه المؤسسات.

هل لديكم رصد بعدد الشهداء والمصابين والأسرى من ذوي الإعاقة الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي الأخير؟

مع وجود 58 ألف شخص ذوي إعاقة في قطاع غزة قبل الحرب فإن هناك تقديرات باستشهاد واعتقال وجرح أعداد كبيرة من الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة لتضررهم بشكل كامل بسبب النزوح وغياب أساسيات الحياة، وللأسف لا توجد هناك أي إحصائيات دقيقة عن عدد الشهداء أو الجرحى أو مَن تم أسرهم في قطاع غزة، وذلك يعود لعدم وجود اتصالات أو إنترنت، إضافة لغياب عمل المؤسسات على الأرض بسبب استهدافها واستهداف طواقمها واستهداف جميع مراكزهم الإيوائية وتشريدهم.

وهناك تقديرات حقوقية تتوقع إضافة نحو 12 ألف شخص إلى ذوي الإعاقة في أعقاب انتهاء العدوان الإسرائيلي الحالي، لكني أتوقع أن يكون عددهم الحقيقي أكبر بكثير من ذلك بكل أسف.

أما بالضفة الغربية، فقد تم تسجيل الكثير من الانتهاكات، ورصدنا استشهاد خمسة من الأشخاص ذوي الإعاقة منذ أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي منهم أربعة من ذوي الإعاقة العقلية وواحد صم بكم، ما يشير إلى خطورة عدم استطاعة الأشخاص ذوي الإعاقة خاصة الإعاقات السمعية والعقلية والبصرية معرفة ما يدور حولهم، وبالتالي تعرضهم أكثر من غيرهم لمخاطر الحرب.

كم يبلغ عدد الأفراد من ذوي الإعاقة في غزة والضفة؟

حسب مركز الإحصاء الفلسطيني؛ فقد بلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة بداية تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أي قبل الحرب مباشرة حوالي 115 ألف شخص 59 ألف منهم في الضفة الغربية و58 ألف في قطاع غزة.

بشكل تقريبي، كم عدد الأفراد الذين تسبّبت الحروب الإسرائيلية في إعاقتهم على مدى السنوات الماضية؟

توجد تقديرات تشير إلى أن أكثر من 60 ألف شخص أصبحت لديهم إعاقات مختلفة، وبدرجات متفاوتة، بسبب اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي عليهم.

لماذا تضرب إسرائيل عرض الحائط بنصوص اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي وقعت عليها؟

إسرائيل تضرب بعرض الحائط مجمل الاتفاقيات الدولية الناظمة لحقوق الإنسان، بما فيها اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك بسبب تعامل هيئات الأمم المتحدة والدول الكبرى الداعمة للاحتلال مع إسرائيل بازدواجية معايير ودون حساب كونها شريك للاحتلال في اعتداءاته على الفلسطينيين.

كيف ترى مستقبل الجيل الحالي من ذوي الإعاقة الفلسطينيين؟

في ظل غياب محاسبة إسرائيل على جرائمها، وفي ظل دعم الدول الكبرى للاحتلال، وتعامل العالم بازدواجية معايير، وفي ظل عدم مقدرة الحكومة الفلسطينية تلبية احتياجاتهم بسبب الواقع السياسي والاقتصادي الذي تعانيه، وفي ظل زيادة أعدادهم، فإن مستقبل الأشخاص ذوي الإعاقة يسير بالمجهول ولا يمكن التنبؤ بمستقبلهم، ولا يعول إلا عليهم أنفسهم؛ كونهم يتميزون بإرادة صلبة، ويحاربون واقعهم كحالة وطنية يعيشونها كون غالبيتهم من جرحى الثورة الفلسطينية.