أثارت التصريحات التي أدلى
بها مسؤول حكومي ليبي حول غضب الإدارة الأمريكية من موقف الرئاسي الليبي وعبد الحميد
الدبيبة
بسبب
غزة، بعض الأسئلة عن تداعيات هذا الأمر وتأثيره على المشهد السياسي في
ليبيا.
وذكر مسؤول ليبي حكومي أن
"الإدارة الأمريكية منزعجة من مواقف الرئاسي الليبي وحكومة الدبيبة المساند
لغزة والمقاومة الفلسطينية، والمتمثل في دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وكذلك
إعلان الحكومة في وقت سابق عن تخصيص 50 مليون دولار كمساعدات للقطاع".
إبادة جماعية
وأوضح المصدر الحكومي، الذي
طلب عدم ذكر اسمه أن "دبلوماسيين من السفارة الأمريكية لدى ليبيا أعربوا
لمسؤولين في حكومة الدبيبة عن رفضهم وصف الدبيبة لما يجري في غزة بأنه ’جرائم
حرب وإبادة جماعية، ووصمة عار يسطرها التاريخ على جبين الاحتلال وداعميه’ ".
وأكد المسؤول أن
"أولويات الإدارة الأمريكية في ليبيا حاليا تتمثل في مكافحة الإرهاب، وضمان
استمرار تدفق النفط وعدم اندلاع حروب جديدة، ومراقبة التمدد الروسي في شرق البلاد،
وفق تصريحات لـ"الجزيرة نت".
فما تداعيات الغضب الأمريكي
من "الرئاسي الليبي" والدبيبة، وتأثير ذلك على المشهد السياسي والانتخابي هناك؟
وبهذا الصدد، رأت رئيس
لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراس، أن
"الدبلوماسية الأمريكية لا تعمل على تغيير مواقف الدول الإسلامية تجاه القضية
الفلسطينية، وما تتعرض له غزة اليوم من حرب غاشمة، فهذا أمر مفروغ منه، وموقف دولة
ليبيا واضح منذ القدم من القضية الفلسطينية عبر الأجيال، لا يستطيع أحد أن يغير في
هذا الموقف قبل أن تتحقق العدالة للشعب الفلسطيني".
وأوضحت في تصريحات
لـ"
عربي21" أن "الدور الأمريكي في الملف الليبي واضح ويركز دائما
على مغادرة القوات الأجنبية وعقد الانتخابات في بيئة آمنة، وضمان تدفق النفط
والتوزيع العادل للثروة، كما أن ليبيا ليست جارة للدولة الفلسطينية حتى تشكل أي
خطر على مخاوف الدول الداعمة للحرب على غزة"، وفق قولها.
وتابعت: "ربما تأثر
العلاقات بين واشنطن وليبيا يعود للتواجد الروسي الذي أخذ شكلا آخر في المشهد
الليبي، بعد انتهاء من يسمّون مرتزقة فاغنر".
مجاراة لتوجه الشارع
في حين، أكد عضو اللجنة
السياسية بمجلس الدولة الليبي، أحمد همومة أن "حكومة الدبيبة لا يمكنها معارضة
الشعب الليبي في دعمه للمقاومة الفلسطينية التي كانت وما زالت قضية العرب والمسلمين
الأولى ولها خصوصية في ليبيا، ومن هذا المنطلق فلا حكومة الوحدة ولا أي حكومة أخرى
ولا أي قوة إقليمية أو دولية تستطيع كبح الليبيين عن دعم إخوانهم في فلسطين وخاصة
غزة الآن".
وأشار في تصريحه
لـ"
عربي21" إلى أن "الإدارة الأمريكية منزعجة من كل ردود الفعل
العربية المتضامنة مع المقاومة الفلسطينية في غزة وتركز على حكومة الدبيبة كونها
صرحت بدعم غزة ماديا وسمحت لمؤسسات المجتمع المدني بجمع التبرعات المادية والعينية
لإرسالها إلى قطاع غزة على عجل، وهذا الإجراء يتعارض مع سياسة الإدارة الأمريكية في
المنطقة والمنحازة كليا للكيان الصهيوني".
من جانبه، قال كبير
المستشارين في الأمم المتحدة والسفير الليبي السابق، إبراهيم قرادة، إنه "لا
يمكن توصيف ولا تصنيف السياسة الخارجية الليبية بأنها سياسة لها رؤية واستراتيجية
شاملة هادفة، وبالتالي فهي تفتقد النهج والمنهج المتماسك والأدوات والسبل الفاعلة
والفعالة، لذا فإنه كان ولا يزال على حكومة الدبيبة بلورة سياسة خارجية ونهج سياسي تجاه
حرب غزة والقضية الفلسطينية".
وأضاف أنه "يجب عليها
صياغة خطاب ينبه الضاغطين إلى جوهرية ومحورية القضية الفلسطينية مثلما تفعل
الجزائر وجنوب أفريقيا وحتى بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا وإيرلندا، فالانتظار
ليس دائما منجيا، وحكومة الدبيبة كانت محظوظة بالنجاة من مسار التطبيع؛ لأنه لو
تطور ذلك اللقاء إلى خطوات عملية لكانت حكومة الدبيبة اليوم في موقف لا تحسد عليه،
بالنظر إلى هشاشة الوضع السياسي العام في ليبيا"، بحسب وصفه.
وأكد في تصريحات لـ"
عربي21"
أن "تأثير الامتعاض الأمريكي على المشهد الليبي، يتلخص في كون حكومة الدبيبة
لا تستطيع المغامرة والمقامرة في هذه المسألة، بالنظر إلى الموقف الشعبي الحاسم،
خاصة مع تآكل قاعدة الدبيبة الاجتماعية في غرب ليبيا بسبب إخفاقه في فهم التوازنات
والأولويات في ظل تزايد التبرم من الأداء الاقتصادي وموجات الغلاء وتزايد الفروقات
الاقتصادية"، بحسب تقديراته.