نشرت صحيفة "
لوس أنجلس تايمز" الأمريكية
مقال رأي لثلاثة من العاملين السابقين في مجال الإغاثة الإنسانية، قالوا فيه إن
الولايات المتحدة يجب عليها استخدام أموال دافعي الضرائب الأمريكيين من أجل
تمويل
الإغاثة الإنسانية لا تدميرها.
وقال بروس ستانلي الذي عمل ممثلا لمنظمة
"أميدست" في
غزة والضفة الغربية، وجوناثان إيفانز الذي عمل ممثلا لخدمات
الإغاثة الكاثوليكية في القدس والضفة الغربية وغزة، وآني فوستر التي عملت مديرة
للأراضي الفلسطينية في منظمة "سيف ذي تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال)، إن
دافع الضريبة الأمريكي قدم خلال العقود الخمسة الماضية 7 مليارات دولار لتمويل
مئات مشاريع الإغاثة الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكلها باسم "بناء
السلام".
ولكن إدارة بايدن تقدم حاليا الأسلحة التي تقتل
المشاريع نفسها وتقتل نفس الناس الذين تريد الحكومة حمايتهم وتفشل في حماية
المشاريع المهمة لحياتهم، والتي دفعت أموال الضريبة من أجلها. إضافة إلى ذلك، علقت
الحكومة الآن الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والتي تعد
أكبر وكالات الإغاثة في غزة، حيث يواجه مليونا فلسطيني التشرد والمجاعة والمرض.
وقالوا إنهم تحدثوا مع عدة زملاء لهم في الإغاثة
الدولية والذين تقاعدوا من أميدست وانيرا وخدمات الإغاثة الكاثوليكية وكير وميرسي
كورب وسيف ذي تشيلدرن وورلد فيجين. والكتاب الثلاثة عملوا كمستشارين لوكالة
التنمية الأمريكية (يو أس إيد) التي مولت وأدارت مشاريع في غزة والضفة الغربية
أثناء التسعينات والعقد الأول من القرن العشرين. وقالوا إنهم ساعدوا على تحسين
حياة العائلة وتوفير العناية الطبية وتدريب الأساتذة في الجامعات على استراتيجيات
التعليم، كما ساعدوا على بناء كليات التمريض وتعزيز قطاع الطعام والزراعة، وكيفية
استخدام المياه النادرة ودعم البلديات والخدمات الاجتماعية. وعملوا مع المنظمات
غير الحكومية على زيادة فرص العمل، وبناء أول شبكة إنترنت فلسطينية للمنظمات غير
الحكومية والجامعات، كما عملوا مع السفارة الأمريكية في تل أبيب والقنصلية في
القدس و"يو أس إيد" على هذه المبادرات.
وكان الدافع الرئيس لكل هذا هي إمكانية تعزيز الولايات
المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والسلام والأمن للفلسطينيين.
و"هذا ما عملنا بجد من أجله"، بحسب قولهم، وهو ما أكد عليه أيضا أكثر من
ألف موظف في "يو أس إيد" في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما دعوا الرئيس جو
بايدن لدعم وقف إطلاق النار علنا.
ويضيف المقال: "بالنسبة لنا فتدمير الحياة
الفلسطينية اليومي هو أمر شخصي، فخلال العقود من هذا النزاع شجبنا العنف الجسدي
والبنيوي والثقافي مهما كان مبرره أو فاعله. فهجوم حماس الشنيع في 7 تشرين الأول/ أكتوبر
والرد الشرس الذي تبعه من إسرائيل ضد غزة؛ لن يؤدي إلا إلى غياب الأمن للأجيال في
إسرائيل والمجتمع الفلسطيني المتشرذم، ويؤخر حصول الفلسطينيين على حقهم في تقرير
أمنهم وسلامتهم".
ومع نهاية كانون الثاني/ يناير تم تدمير معظم الدعم
والمساعدة التي قدمت للفلسطينيين، فسائقو سيارات الإسعاف والأطباء تلقوا التدريب في
أمريكا ليقتلوا في أماكن عملهم، في هجمات تقول منظمات حقوق الإنسان إنها انتهاك
للقانون الدولي. وقُتل مئات الأكاديميين الفلسطينيين الذين تلقوا تدريبهم في
المعاهد الأمريكية لكي يعودوا ويدرّسوا في جامعات غزة، وقتل أكثر من 100 أستاذ
جامعي، ودُمرت جامعات إلى جانب التكنولوجيا التي قدمتها الولايات المتحدة.
ودعمت أموال دافع الضريبة الأمريكي المزارعين
الفلسطينيين لزيادة إنتاجهم، أما الآن فقد جُرفت مساحات واسعة من الأراضي والبساتين
والدفيئات والمحاصيل. ولم تعد البنى التحتية للإسكان ومياه الصرف الصحي قائمة، ودُمرت
مراكز الأطفال من أصحاب الاحتياجات الخاصة وغيرها من البرامج المجتمعية التي لم
تعد موجودة. وكلها من تداعيات الحصار على غزة و"القيامة المجانية
للجميع" كما وصفت منظمة إنسانية دولية الوضع الشهر الماضي.
ودعم الجمهوريون والديمقراطيون مشاريع "يو أس إيد"،
التي موّلها الأمريكيون وصادق عليها الكونغرس، لأنها كشفت عن التزام بالسلام ومن
أجل المصالح القومية الأمريكية. واليوم، وبدون وضع حد للعنف في هذه الحرب، تعمل
سياسات الإدارة على تفكيك هذه المهمة. فالقرارات هذه لن تعبر إلا عن السخرية
والنية الحقيقية للولايات المتحدة لما ستقدمه من دعم في مرحلة ما بعد الحرب، وفي
المستقبل سيكون استثمارها كله هباء.
وختم الكتاب بقولهم: "يجب توجيه أموال دافع
الضريبة الأمريكي نحو الدبلوماسية التي تعالج الموضوعات الرئيسية وجذور هذا النزاع
ومستقبل اللاجئين في غزة والضفة الغربية والقدس. ومن خلال التأكيد على وقف إطلاق
النار وتمويل الدعم لغزة عبر المنظمات الإنسانية، يمكن لإدارة بايدن منع المزيد من
الدمار ودعم مستقبل للفلسطينيين والإسرائيليين قائم على الكرامة الإنسانية".