نشرت وكالة الأنباء الفرنسية
تقريرا تحدثت فيه عن فرص عودة الملكية في
ليبيا، بعد نحو ستة عقود على انتهائها.
وأوضحت الوكالة أن الأمير محمد الرضا
السنوسي عاد صوته مجددا للرنين في أسماع الناس أكثر فأكثر، وشرع في تمهيد الطريق لنفسه من أجل أداء دور سياسي كبير في مستقبل بلاده.
فمنذ عدة أشهر، وبوتيرة متزايدة منذ منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، كان الأمير يضاعف من لقاءاته الدبلوماسية في الخارج مع أعضاء من مختلف القبائل والشخصيات الليبية. لقاءات واجتماعات لم تعد تخفى عن الأنظار ولا يخفيها هو نفسه، بل هو يقوم بنشرها على حسابه في موقع "إكس".
هذا الأمير، الذي يعيش في المنفى في لندن منذ طفولته، ليس سوى حفيد الملك الليبي إدريس الأول، الذي حكم البلاد بين عامي 1951 و1969، قبل أن يطيح به العقيد معمر
القذافي في انقلاب عسكري، أطلق عليه من بعد "ثورة الفاتح من سبتمبر".
في تصريحاته المتعددة والمتكررة، يحاول وريث العرش الليبي الظهور بمظهر صانع السلام الذي يسعى إلى إقامة حوار وطني "ينقذ بلادنا من ويلات الحروب والشقاق والانقسام". "إن هدفنا جميعنا يتمثل في إنقاذ بلدنا، والعمل على بناء دولة المؤسسات والقانون"، كما نشر على "إكس".
يأمل جزء من الطبقة السياسية الليبية في عودة الأمير المنفي إلى قيادة البلاد، على الرغم من إلغاء
النظام الملكي منذ أكثر من نصف قرن. استفتاء يجري على خلفية مأزق سياسي. لا تزال ليبيا ممزقة بين حكومتين تتنافسان على السلطة، حكومة طرابلس المعترف بها من جانب الأمم المتحدة من جهة، وحكومة بنغازي في شرق البلاد الواقعة تحت سيطرة المشير
حفتر.
وكذبت العائلة الملكية الليبية الشائعات المنتشرة عن زيارته المرتقبة للبلاد بدعوة من رئيس وزراء سلطة طرابلس عبد الحميد دبيبة، وأكدت العائلة أن دبيبة وحاشيته "يسعون إلى استغلال التقدم الذي أحرزه صاحب السمو الملكي في إطار الحوار الوطني الجاري".
"الرمزية والتاريخ ليست كافية"
يقول جلال حرشاوي، المتخصص في شؤون ليبيا والباحث المساعد في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، الذي التقى بالفعل مع ولي العهد الذي يعيش في العاصمة البريطانية؛ "إنه رجل ذكي، يسهل التواصل معه، ولديه وعي بشؤون بلاده، ويعيش واقعها بتفاصيله كافة، وهو أمر مستغرب من شخص يعيش في المنفى منذ عقود، وهو يتوق ويرغب – هذا ما يصرح به على أية حال- في أن يساهم بصورة إيجابية في تشكيل ليبيا 2024".
لكن عودة الملكية لحكم البلاد، تظل موضع شك كبير لدى هذا الخبير الذي يقول؛ "إن شعبية الأسرة المالكة ورمزيتها وتراثها في التاريخ الليبي، ليس بكاف على الإطلاق". ويحذر حرشاوي من الاستخدام السياسي لشخصية ملكية يمكن استخدامها "كأداة".
فوفقا له، فإنه من الوهم أن نتخيل أن الأمير يمكن أن يظل شخصية "محايدة" ترمز إلى وحدة البلاد، دون الارتباط بأي قوة سياسية أو مليشيا عسكرية محلية؛ "فالأمير يمتلك رأس مال سياسيًا سيعمل على تفعيله على الفور، بمجرد أن تطأ قدمه أرض ليبيا؛ حيث سيتعين عليه طلب الحماية الشخصية من فصيل ما".
إن جميع الفصائل تأمل في عودته "لأنها جميعها ترغب في استغلاله"، يقول الباحث، الذي يؤكد أن الجماعات المسلحة الليبية "تتواصل معه بالفعل منذ سنوات".
إعادة الدستور إلى ليبيا
لكن من وجهة نظر جلال حرشاوي، فإن الأمير يمكنه أداء دور أكثر إثارة للاهتمام إذا وضع عودته شرطا لإيجاد توازن مع الطبقة السياسية الليبية، من أجل دفعها إلى المضي قدما في اعتماد دستور جديد للبلاد.
في الواقع، فإن الحياة السياسية في ليبيا المحكومة دون دستور منذ سقوط معمر القذافي في عام 2011، وصلت بالفعل إلى طريق مسدود؛ "فقد كان مقررا التوقيع على إعلان دستوري مؤقت في عام 2011، وكان من المفترض أن يتم استبداله بدستور دائم حقيقي، لكن هذا لم يتحقق أبدا بسبب انعدام الكفاءة [بين القادة الليبيين - أسرة التحرير]، إضافة إلى استمرار القتال بين الفصائل المتناحرة"، كما يوضح الباحث.
يقول جلال حرشاوي: "يبقى الشاغل الرئيس لليبيين، الحصول على قوت يومهم، والتأكد من توفر الكهرباء واستلام رواتبهم"، مشيرا إلى أن 60 بالمئة من سكان البلاد تقل أعمارهم عن 30 عاما، ولم يعيشوا ويعايشوا أبدا النظام الملكي.