استعرض
مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز لعمدة مدينة
ديربورن بولاية ميشيغان من الحزب الديمقراطي، عبد الله حمود، تأثيرات وانعكاسات
العدوان على
غزة على سكان المدينة، خصوصا الجالية المسلمة فيها".
وقال حمود، "إنه قال لزائر من خارج الولاية إن مدينة ديربورن لا تنام، إن تلك كانت إشارة إلى وقت الاحتفال بشهر رمضان، عندما تفطر مدينتنا عند غروب الشمس، ثم السحور قبل الفجر، كل يوم. لمدة شهر، حيث تعج ديربورن بالحركة على مدار الساعة: كذلك المناطق التجارية بالنشاط خلال النهار، ويتدفق السكان والزوار لتناول الإفطار معا كل ليلة، ويتجمعون على أطباق ساخنة مليئة ببعض أفضل الأطعمة في البلاد، وتحيط بهم الجيران من جميع الخلفيات".
وأضاف "أنه قال هذه الكلمات دائما بدفء وفخر بمجتمعي، ولكن بعد 130 يوما من الإبادة الجماعية في غزة، اكتسبت هذه العبارة معنى جديدا".
وتابع: "فديربورن لا تنام نحن لا ننام، مدينتنا بأكملها تطاردها الصور ومقاطع الفيديو والقصص المتدفقة من غزة، تبدو الحياة محجوبة بشدة في ضباب من الحزن والخوف والعجز وحتى الشعور بالذنب".
وبين حمود: "نحن نحاول أن نفهم كيف يمكن أن يستخدم أولئك الذين انتخبناهم أموال الضرائب التي ندفعها لذبح أقاربنا في الخارج".
وأكد: "ليس علينا أن نتخيل العنف والظلم الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني، لقد عاشها الكثيرون منا، وما زالوا يحملون ندوب الحياة في ظل الاحتلال والفصل العنصري".
وأردف: "منذ نكبة عام 1948، قامت دولة إسرائيل بتهجير العديد من الفلسطينيين قسرا و لا يزال لدى جيراني الوثائق التي كان عليهم حملها بين نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية، لإثبات قدرتهم على السير في شوارع قراهم الأصلية".
وقال حمود "إن هناك عمات وأعمام وشيوخ يتذكرون الحياة في ظل الاحتلال الإسرائيلي ويتصارعون مع قرار الفرار من الوطن الوحيد الذي عرفوه على الإطلاق، لقد رأيت حزنا يجتاح أحد الناخبين الذي قامت عائلته بسحب جدتيه من تحت أنقاض المبنى السكني المشترك الذي كانتا تعيشان فيه بعد أن دمرته الصواريخ الإسرائيلية".
وحتى قبل الأحداث المروعة التي وقعت يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كان العام الماضي هو العام الأكثر دموية منذ ما يقرب من عقدين بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية".
واستدرك: "الآن يدعوا الأصدقاء من أجل العودة الآمنة لأفراد عائلاتهم الذين ما زالوا في الضفة الغربية، ويتساءل صاحب متجر من حي الشيخ جراح، وهو حي فلسطيني في القدس يتعرض لتهديد المستوطنين الصهاينة المتطرفين، عما سيحدث للمسجد الأقصى، لقد اهتمت عائلته به منذ أجيال".
ونقل حمود في مقاله، "في اجتماع لمجلس مدينة ديربورن في تشرين الثاني/ نوفمبر، شهد أحد السكان أن عائلته دفنت ما لا يقل عن 80 من أقاربه في غزة منذ أن بدأت إسرائيل حملة القصف في أكتوبر/تشرين الأول.. ثمانين من الأقارب.. ثمانين حياة بريئة".
ووفقا للعمدة، "فإن ما يضاعف الخوف والحداد المستمر هو الشعور العميق بالخيانة، ففي الانتخابات الفيدرالية الثلاثة الماضية، أصبح الناخبون الأمريكيون العرب في ميشيغان كتلة تصويتية حاسمة ويمكن الاعتماد عليها بالنسبة للحزب الديمقراطي، وكنا جزءا من الموجة التي صوتت لجو
بايدن قبل أربع سنوات".
وتابع؟ "لكن يبدو أن مرشحنا قد نسي هذه الحقيقة منذ فترة طويلة لأنه يدعو إلى أصواتنا مرة أخرى بينما يبيع في الوقت نفسه نفس القنابل التي يسقطها جيش بنيامين نتنياهو على عائلاتنا وأصدقائنا".
وبحسب حمود، "فحتى قبل بضعة أشهر فقط، كنت أعتقد اعتقادا راسخا أن جو بايدن كان واحدا من أكثر الرؤساء تأثيرا وتحويلا الذين شهدتهم أمتنا منذ فرانكلين ديلانو روزفلت، فقد تمكنت إدارته من وضع سياسات محلية رائدة في السنوات الثلاث الماضية لم يتمكن أسلافه من تنفيذها حتى خلال فترتين".
واستدرك، "لكن لا يمكن لأي قدر من التشريعات التاريخية أن يفوق ما يزيد عن 100 ألف شخص قتلوا أو جرحوا أو فقدوا في غزة. موازين العدل لن تسمح بذلك".
"ويثبت الرئيس بايدن صحّة العديد من أسوأ مخاوفنا بشأن حكومتنا، بغض النظر عن مدى ارتفاع صوتك، وعدد المكالمات التي قد تجريها للمسؤولين الحكوميين، وعدد الاحتجاجات السلمية التي تنظمها وتحضرها، فلن يتغير شيء"، بحسب العمدة عبد الله حمود.
وأشار، "إلى أن خوفي الأكبر هو ألا يُذكر بايدن باعتباره الرئيس الذي أنقذ الديمقراطية الأمريكية في عام 2020، بل باعتباره الرئيس الذي ضحى بها من أجل بنيامين نتنياهو في عام 2024".
وأكد، "أن ديربورن ليست الوحيدة التي تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة فقد أظهر استطلاع للرأي أجري في الخريف الماضي أن 66 بالمئة من الأميركيين و80 بالمئة من الديمقراطيين يريدون وقف إطلاق النار. ومع ذلك، يبدو أن الرئيس وممثلينا المنتخبين في الكونغرس راضون بتجاهل إرادة الشعب الأمريكي".
"وتبدو هذه الخيانة غير أمريكية بشكل فريد، عندما طردهم الصراع من منازلهم، فر العديد من آباء ديربورن إلى ميشيغان سعيا لتحقيق الحلم الأمريكي والوعد بأن أصواتهم ستُسمع وتُقدر، واليوم، نحن نغرس في أطفالنا التطلع الأمريكي للوقوف إلى جانب العدالة لجميع الناس، في كل مكان"، وفقا للكاتب.
وذكر حمود، "قبل عامين، عندما احتشد الأمريكيون في جميع أنحاء البلاد لتقديم الدعم والمساعدة لأوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، فعلنا نحن أيضا، ولا تزال هناك أعلام زرقاء وصفراء تتلاشى على واجهات المنازل والشركات في جميع أنحاء مدينتي".
ولكن عندما رفع سكان ديربورن العلم الفلسطيني في الخريف الماضي، قوبلوا بالتهديدات، وفي كثير من الأحيان، يبدو الأمر كما لو أن رئيسنا وأعضاء الكونغرس قد أداروا ظهورهم لنا. ومن نواحٍ عديدة، أدار الحزب الديمقراطي ظهره لنا أيضا.
وأوضح، "وافقت هذا الشهر على الاجتماع بكبار المسؤولين السياسيين في إدارة بايدن بشرط أن يكونوا منفتحين على سحب دعمهم للحكومة الإسرائيلية اليمينية التي تقصف غزة الآن، لقد زارني وفد في ديربورن يوم 8 شباط/ فبراير، وهو على علم تام بهذه الشروط".
"وأعتقد اعتقادا راسخا أن هناك دائما الوقت لفعل الشيء الصحيح، ولكن كما قلت للمسؤولين الذين التقيت بهم، فإن الكلمات ليست كافية، إن الطريقة الوحيدة لضمان العودة الآمنة لجميع الرهائن والسجناء هي من خلال وقف فوري لإطلاق النار"، بحسب حمود.
وأشار إلى أن الطريقة الوحيدة لضمان دخول المساعدات الإنسانية غير المقيدة إلى غزة هي من خلال وقف فوري لإطلاق النار. إن الطريقة الوحيدة لإقامة دولة فلسطينية عادلة ومشروعة هي من خلال وقف فوري لإطلاق النار.
وتابع، ومع كل يوم يمر، وكل دقيقة يفشل فيها الرئيس في القيام بالشيء الصحيح، يتضاءل الاعتقاد بأنني وكثيرين آخرين استثمرنا فيه، ومع كل قنبلة أمريكية الصنع تلقيها الحكومة اليمينية الإسرائيلية على غزة، يغلف الخدر الصارخ كل شيء، مما يحد من أي مساحة لنمو الثقة.
وبيّن، "بعد أربعة أيام من اجتماعنا في ديربورن، شاهدت حكومة
الولايات المتحدة إسرائيل، التي حاصرت المدنيين الفلسطينيين الأبرياء في رفح، أحد آخر الملاذات الآمنة في غزة، وهي تحاصر المدينة بين عشية وضحاها، مما أسفر عن مقتل العشرات في ما يعتقد الخبراء أنه يمكن أن يصل إلى حد جريمة حرب فظيعة".
وقال، "أنا، مثل العديد من زملائي الأمريكيين، لا أستطيع بضمير حي أن أؤيد استمرار الإبادة الجماعية، وقد ألقى هذا الأمر بثقله على قلبي، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية الرئاسية في ميشيغان".
وأردف، "لهذا السبب سأضع علامة في مربع "غير ملتزم" في الاقتراع التمهيدي الرئاسي يوم الثلاثاء المقبل. ومن خلال القيام بذلك، فإنني أختار الأمل".
وأكد، "أن الأمل في أن يستمع بايدن. الأمل في أن يختار هو ومن هم في القيادة الديمقراطية إنقاذ ديمقراطيتنا بدلا من المساعدة والتحريض على جرائم الحرب التي يرتكبها نتنياهو، والأمل في أن تحظى عائلاتنا في غزة بالطعام، والمياه النظيفة للشرب، والحصول على الرعاية الصحية والإنترنت، وقبل كل شيء، دولة عادلة يكون لهم فيها الحق في تقرير مستقبلهم، والأمل في أن تتمكن ديربورن في يوم من الأيام من النوم مرة أخرى".
وأردف، "في ليالي الأرق، كنت أتساءل في كثير من الأحيان عن نوع أمريكا التي ستنشأ فيها بناتي: أمريكا التي تختلق الأعذار لقتل الرجال والنساء والأطفال الأبرياء، أو أمريكا التي تختار استعادة الأمل".
وأضاف: "ما زال بين الخيانة والأمل قوة المساءلة، إن دعائي -كأب، وابن مهاجرين، وكموظف حكومي في أعظم مدينة في أعظم دولة في العالم- أن يقوم زملائي في ميتشيغان بتسخير هذه القوة، وإيصال صوتهم إلى هذا الأمل، من خلال تحميل الرئيس المسؤولية".