في الوقت الذي تستمر فيه المجازر
الإسرائيلية على مدار الساعة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، فضلاً عن
تكميم الأفواه في الداخل
الفلسطيني لنصرة شعبهم؛ ظهرت إلى العلن من جديد مواقف
غربية أمريكية وأوروبية تدعو إلى إنشاء
دولة فلسطينية، لكن دون تحديد الإطار
الزماني والجغرافي.
السلام الأجوف
بعد اتفاقات إعلان المبادئ بين منظمة
التحرير الفلسطينية وإسرائيل في أيلول/ سبتمبر 1993؛ استمرت المفاوضات لأكثر من
ثلاثة عقود ولم تفض إلى دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ورغم توزيع
الاراضي في الضفة الغربية وتصنيفها (أ، ب، ج) والاتفاق على السلطات فيها إلا أنها
عملياً كانت محتلة من قبل الجيش الإسرائيلي وعزز ذلك التنسيق الأمني؛ وبالمجمل لم
تفض المفاوضات إلى دولة فلسطينية وبقي الاقتصاد الفلسطيني تحت قبضة الاقتصاد الإسرائيلي
ولمصلحته واستمر النشاط الاستيطاني في عمق الضفة الغربية بما فيها القدس ليتضاعف
عدد المستوطنين والمستوطنات الجاثمة على أراضي السلطة الفلسطينية، وكان الجدار
العازل أهم معلم
احتلالي إسرائيلي بعد اتفاقات أوسلو، هذا جنباً إلى جنب مع
استمرار المحاولات الإسرائيلية لفرض التقسيم الزماني في حنايا الأقصى المبارك بغرض
تهويده في نهاية المطاف وتعميم الرواية الصهيونية حوله، وبهذا يمكن الجزم بأنه
سلام أجوف بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
إجماع إسرائيلي
ثمة اتفاق بين كل الأطياف السياسية
الإسرائيلية على حل القضايا الجوهرية الفلسطينية، حيث تؤكد جميع الأحزاب
الإسرائيلية بتلاوينها ونعوتها المختلفة على الدوام أن حل قضية اللاجئين يجب أن
يتم عبر توطين اللاجئين في الدول المضيفة، وبالتالي عدم القبول بمبدأ حق العودة
حسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وترى تلك الأحزاب أن القدس بشقيها
الشرقي المحتل عام 1967 والغربي المحتل
عام 1948 يجب أن تبقى العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل، وتؤكد على شرعية النشاط
الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس، مع الإصرار على السيطرة الإسرائيلية المطلقة
على الحدود حتى الأردن من الشرق، فضلا عن إبقاء السيطرة على المصادر المائية
الفلسطينية، وقد تكون الوثيقة الموقعة في العام 1996 بين حزبي العمل والليكود ذات
دلالة على الرؤى والتصورات الإسرائيلية المشار إليها إزاء القضايا الجوهرية
الفلسطينية.
من نافلة القول أن الإجماع الإسرائيلي حول القضايا الجوهرية الفلسطينية يجعل الحديث المتكرر من قبل إدارة بايدن وبعض دول الاتحاد الأوروبي بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول / أكتوبر الماضي بأن الدولة الفلسطينية ليست على مرمى حجر
وفي الاتجاه نفسه يتطرق رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الدوام إلى أهم القضايا التي برزت مع ظهور القضية الفلسطينية، ويؤكد حتى اللحظة على
ثوابت إسرائيل المعهودة من تلك القضايا، حيث يوجد إجماع إسرائيلي حولها بين الأحزاب
الإسرائيلية بغض النظر عن نعتها، وبالنسبة للقضية الأبرز قضية اللاجئين
الفلسطينيين تؤكد تلك الأحزاب بأن تحل في خارج إسرائيل، وبالتالي عدم تحملها أية مسؤولية سياسية أو قانونية عن تلك القضية
وتداعياتها.
وحول اقامة دولة فلسطينية، كان نتنياهو يشير
قبل سنوات إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتعترف بيهودية إسرائيل، لكن دون تحديد
إطارها الجغرافي، ثم أوقف التفاوض مع السلطة الفلسطينية بحجة عدم وجود مفاوض
فلسطيني، مدعوماً من الإدرات الأمريكية وصولاً إلى إدارة بايدن الحالية بشكل لافت
وعلى كافة المستويات .
حكومة نتنياهو
أكد نتنياهو في خطاباته المتكرة على ثابت من
ثوابت الخطاب السياسي الإسرائيلي حيال إبقاء القدس بشقيها المحتلين الشرقي والغربي
عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل، ويعتمد نتنياهو في ذلك على وقائع تحاول المؤسسات
الإسرائيلية فرضها على الأرض في مدينة القدس بغية تهويدها والإطباق عليها، وقد
رافق ذلك محاولات إسرائيلية ما زلنا نشهد فصولها لتهويد الأحياء العربية القديمة
من خلال الإخطارات اليومية لهدم منازل العرب وطردهم والسيطرة أيضا على ما تبقى من
عقارات ومحال تجارية عربية بغية تهويدها وفرض الأمر الواقع الاحتلالي، جنباً إلى
جنب مع ارتفاع وتيرة النشاط الاستيطاني في عمق الضفة الغربية، وهناك إجماع إسرائيلي
على توسيع البؤر الاستيطانية وبناء وحدات استيطانية جديدة.
ومن نافلة القول أن الإجماع الإسرائيلي حول
القضايا الجوهرية الفلسطينية يجعل الحديث المتكرر من قبل إدارة بايدن وبعض دول
الاتحاد الأوروبي بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر
الماضي بأن الدولة الفلسطينية ليست على مرمى حجر، وقد عزز ذلك تصريحات نتنياهو
المتكررة والذي رفض خلالها إنشاء دولة فلسطينية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في إشاراته
الإعلامية الواضحة حول أهمية السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية .
*كاتب فلسطيني مقيم بهولندا