جدد الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان الحديث عن عزم بلاده إقامة حزام أمني بعمق 40 كيلومتراً، في تهديدات تبدو أكثر قابلية للتنفيذ من سابقاتها المماثلة بفعل التقارب الأخير بين أنقرة وواشنطن.
جاء ذلك، في خطاب ألقاه أردوغان بعد انتهاء اجتماع حكومي في المجمع الرئاسي في أنقرة، قال فيه إن "
تركيا لا تزال مصممة على المضي قدما في إنشاء حزام أمني بعمق 30- 40 كم على حدودها مع
سوريا".
ولفت إلى اكتمال إنشاء قسم من الحزام الأمني عبر العمليات السابقة (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام)، مشدداً على أن "تركيا عازمة على استكماله عبر خطوات جديدة لسد الثغرات الموجودة".
وأضاف: "لدينا تحضيرات ستجلب كوابيس جديدة لأولئك الذين يعتقدون أن بإمكانهم تركيع تركيا عبر إقامة كيان إرهابي على حدودها الجنوبية".
وتوعدت تركيا مراراً بشن
عملية عسكرية جديدة في الشمال السوري، لكن لم تحصل أنقرة على الموافقة من
الولايات المتحدة المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية (
قسد)، وروسيا حليفة النظام السوري.
ويرى الكاتب والباحث السياسي التركي طه عودة أوغلو، أن تصريحات أردوغان تكشف عن عام ستكون فيه تركيا أكثر صرامة ضد الانفصاليين في سوريا والعراق، متوقعاً أن تقدم أنقرة على عملية جديدة بعد انتهاء الانتخابات المحلية المرتقبة أواخر آذار/ مارس الجاري.
ويضيف لـ"عربي21"، أن تركيا بدت أكثر قناعة باستحالة التطبيع مع النظام السوري، للانتقال إلى مجال التعاون معه في مكافحة التنظيمات التي تعتبرها تركيا "إرهابية"، حيث يشترط النظام انسحاب الجيش التركي من الشمال السوري، وهذا ما يمكن تلمسه من خلال تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل يومين عن فشل مسار التطبيع بين تركيا والنظام السوري.
وبحسب عودة أوغلو، فإن تركيا كذلك تعول على فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، مرجعاً ذلك إلى أن "ترامب أعطى لتركيا الضوء الأخضر لشن عمليات عسكرية في الشمال السوري سابقاً".
وبالتالي، فإنه يمكن وضع تصريحات أردوغان في إطار فشل مسار التطبيع مع النظام، وفي إطار تراجع الاهتمام بالملف السوري، ويؤكد الكاتب التركي أن "الأشهر القادمة ستشهد تغييرات محتملة على صعيد التعامل التركي مع الملف السوري".
بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حزب "العدالة والتنمية" يوسف كاتب أوغلو، إن تصريحات أردوغان تأتي في ظل استمرار التهديدات للأمن القومي التركي انطلاقاً من الحدود السورية، وفي ظل استمرار استهداف تركيا مقرات المجموعات "الإرهابية".
ويضيف لـ"عربي21" أن "التصريحات تكشف عن عزيمة تركية مستمرة في محاربة "الإرهاب"، وتحييد التهديدات، وخاصة في ظل التغييرات التي تشهدها المنطقة، والتقارب الدبلوماسي مع الولايات المتحدة".
وقال كاتب أوغلو، إن "تقاطع المصالح التركية-الأمريكية تعطي لأنقرة الحرية في التحرك أكثر داخل سوريا وفي العراق، علماً بأن الرئيس أردوغان خرج من الانتخابات الرئاسية الأخيرة في العام 2023 أقوى، وكل ذلك يؤشر إلى قرب تحرك تركي، رغم التحديات التي ما زالت قائمة".
وعلى المنوال ذاته، يرى مدير مركز "رصد للدراسات الاستراتيجية" العميد عبد الله الأسعد، أن تركيا باتت تركز مؤخراً على حماية حدودها بشكل أكبر بعد التقارب مع أمريكا، وبعد الجفاء بين أنقرة وموسكو.
وتابع الأسعد في حديث لـ"عربي21" بأن تركيا تعمل حالياً على استهداف مراكز ومقرات القيادة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) جواً، تمهيداً لعمل عسكري بري.
وختم بالقول: "لم تتوقف تركيا عن تنفيذ خطتها على الحدود السورية وعملت سابقاً على ذلك من خلال العمليات البرية، وهي الآن تتابع تنفيذ ذلك".
ميدانيا، تسجل بعض مناطق التماس تبادل قصف مدفعي بين الجيش التركي وفصائل الجيش الوطني من جانب، وبين "قسد" من جانب آخر، وسط اشتباكات محدودة في مناطق ريف حلب وريفي الرقة والحسكة.
ويذكر أن تركيا قد أعلنت في أكثر من مرة عن نيتها شن عملية عسكرية في الشمال السوري، بهدف إبعاد التنظيمات التي تعتبرها تركيا "إرهابية" عن كامل شريط حدودها الجنوبي مع سوريا.