كشفت تقارير إخبارية نشرتها وسائل إعلام تابعة للنظام السوري، نقلا عن مصادر دبلوماسية عربية عن تحضيرات لعقد ثاني اجتماعات "
لجنة الاتصال العربية" التي تضم وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والنظام السوري، بالإضافة للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
واللجنة التي عقدت أولى اجتماعاتها في آب/ أغسطس 2023 في القاهرة، مكلفة بالاتصال مع
النظام السوري، ومتابعة مكافحة تهريب المخدرات، وعودة اللاجئين، ودفع مسار الحل السياسي، بعد الانفتاح العربي مع النظام السوري.
ورجحت صحيفة "الوطن" أن يكون الاجتماع في العاصمة العراقية بغداد، في شهر أيار/ مايو القادم، مؤكدة أن "الحرب على غزة كانت أحد الأسباب في تأخر انعقاد اللجنة إضافة إلى عوامل أخرى".
وبحسب الصحيفة فإن الأجواء "الممتازة" التي سادت بعد زيارة وزير خارجية النظام فيصل المقداد الأخيرة للرياض، ساهمت في الدفع بهذه الجهود للأمام والتي أثمرت عن تحديد موعد انعقاد اللجنة، ووصفت زيارة المقداد للرياض بالناجحة جدا، موضحة أنه "جرى خلالها مناقشة جميع المواضيع التي تهم العمل العربي المشترك".
وتابعت بأن التوقعات تتحدث عن نتائج إيجابية ستخرج عن الاجتماع بما يشكل خطوة إلى الأمام في مسار تطبيع العلاقات العربية مع النظام.
واللافت أن الخطوة تأتي رغم الرفض الدولي للتطبيع مع النظام، وهو ما أكده البيان الرباعي الأمريكي البريطاني الفرنسي الألماني المشترك قبل أيام، بمناسبة الذكرى الـ13 لاندلاع الثورة السورية.
وبحسب معلومات نشرتها وكالات روسية، فإنه جرى تعليق أعمال لجنة الاتصال التابعة للجامعة العربية بضغط أمريكي، بعد الأنباء عن نتائج سلبية من الاجتماعات العربية التي عقدت مع النظام السوري، معتبرة أن "الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد النظام السوري حالت دون إعادة دمجه في العالم العربي".
حاجة للنظام السوري
وفي هذا الإطار يقول الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة، إنه بصرف النظر عن حقيقة دعوة اللجنة العربية المنبثقة عن القمة العربية للانعقاد في بغداد، فالنظام السوري أحوج ما يكون لهذه اللقاءات الإقليمية في ظل انحساره وتقوقعه بعيدا عن ملفات المنطقة، ولاسيما الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي بعد الحرب في غزة.
ويضيف لـ"عربي21"، أنه من ناحية أخرى يريد النظام مقابل ما أسماها إصلاحات، من خلال دمج الفروع الأمنية وحصر قرارتها في جهة واحدة.
ويتساءل خليفة: "لكن هل ما قام به النظام يُغري اللجنة العربية، التي يُعد جوهر عملها هو وقف تدفق حبوب الكبتاغون المخدرة إلى دول الجوار والخليج العربي، وهل النظام مؤهل لإعادة اللاجئين السوريين والولوج بالعملية السياسية، التي ارتضى السوريون على مضضٍ انطلاقتها من إعداد دستور جديد، واللجنة الدستورية المعدة لذلك لم تنجز وهي مجمدة بسبب تعنت النظام في العودة إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف لإكمال ما بدأته اللجنة من مناقشات دستورية؟".
وبذلك، يعتقد الكاتب أن النظام لا يزال يماطل ويعطل، علماً بأن الدول المنخرطة في لجنة الاتصال تعلم ذلك جيداً، وقال: "إن النظام يستنسخ السياسة الإيرانية الخارجية، بخطابين، أحدهما ناعم على لسان الدبلوماسية والآخر خشن تمارسه المليشيات والفرقة الرابعة بتهريب المخدرات وترهيب السوريين في الداخل، قطعاً للطريق على عودة اللاجئين".
وعلى حد تأكيد خليفة، فإن بنية النظام غير قابلة للتغير، رغم كل ما يقدم له من وعود عربية وغربية حال انخراطه بالعملية السياسية، ويستدرك بقوله: "لكن ربما المساعي العربية محاولة لإنجاز شيء قبل الانتخابات الأمريكية وتحديداً قبل وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لأنه حينها يصبح إعادة تعويم النظام من الماضي".
ومثل خليفة، يقلل الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي من مخرجات الاجتماع مع النظام، ويصفه بـ"الروتيني"، ويقول لـ"عربي21": "سبق الانفتاح على النظام السوري مطالبات عربية من النظام، وبالتالي فإنه سيتم تقييم مدى استجابة النظام لها".
إلى ذلك، يرى أن اختيار بغداد للاجتماع "نقطة قوة" للنظام السوري، على اعتبار أن بغداد قريبة من النظام السوري وإيران، ويقول: "لكن وجود الأطراف الأخرى الأكثر تشدداً مثل
السعودية، ستجعل الاجتماع بدون نتائج متوقعة على صعيد التطبيع مع النظام، أو على وجه التحديد دعم النظام مالياً".
وبهذا المعنى، يعتقد علاوي أن الاجتماع لن يخرج بنتائج ملموسة، ويقول: "حتى اللحظة لم يرشح أي أنباء عن اختراق يخص الملف السوري".
تفاهم سعودي مع النظام
في المقابل، اعتبر المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابعة للنظام السوري عمر رحمون، أن زيارة فيصل المقداد إلى السعودية تؤكد أن "هناك تفاهمات سعودية سورية، وهذا قد ينعكس على الاجتماع الثاني للجنة الاتصال العربية المقبل في بغداد".
وقال لـ"عربي21": "المعروف أن السعودية كان لها دور في عودة
سوريا إلى جامعة الدول العربية وهي عضو في لجنة الاتصال العربية"، وأردف رحمون: "لكن ثمة مشكلة عالقة وهي العلاقات المتوترة مع الأردن وتهريب المخدرات، لكن ليس من مصلحة الأردن الخلاف مع سوريا، ولولا وجود طرف في الأردن يتعامل مع تجار المخدرات في سوريا لكانت حلت المشكلة، وهذا ما لا تريد الأردن أن تعترف به".
وفي أيار/ مايو 2023، جرى تشكيل لجنة الاتصال بقرار من وزراء الخارجية العرب، بغرض الحوار المباشر مع النظام السوري للتوصل لحل سياسي شامل في البلاد، وأكد بيان التشكيل على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، والحوار المباشر مع النظام السوري للتوصل إلى حل شامل للأزمة السورية.