طرحت
الأنباء التي تناولتها صحف محلية ودولية بخصوص وصول شحنة أسلحة كبيرة روسية إلى
الشرق الليبي، تساؤلات عن أهداف الخطوة، وما إذا كانت دعما
روسيا جديدا للواء
المتقاعد خليفة
حفتر وقواته، أو بداية تأسيس للفيلق الأفريقي الروسي هناك.
ورصدت
عدة تقارير مصورة وصول سفينة ضخمة تابعة للقوات البحرية الروسية إلى ميناء الحريقة
الليبي بمدينة طبرق "شرق
ليبيا"، وتقوم بإنزال شاحنات وأسلحة ومعدات عسكرية
تحت إشراف قوات روسية وقوات حفتر.
وذكر
مصدر عسكري أن "هذه الدفعة هي الخامسة على الأقل من التجهيزات العسكرية
الروسية التي وصلت إلى طبرق خلال الـ45 يوما الماضية، وأنه سبقها عدة شحنات تحت إدارة
وإشراف قوات روسية متمركزة منذ فترة في ميناء طبرق، وفق منصة "فواصل"
المحلية.
ولم
تصدر أي تعليقات أو توضيحات من المكتب الإعلامي التابع لقوات حفتر أو المتحدث
باسمه أو ميناء طبرق، بخصوص هذه الشاحنات الضخمة التي رآها السكان المحليون وقام
بعضهم بتصويرها.
مراقبون
وعسكريون أكدوا أن "الخطوة قد تكون بمثابة دعم روسي جديد لحفتر وقواته، من
أجل فرض كامل سيطرته ونفوذه على كامل التراب الليبي، خاصة مع ضعف وتراجع شعبية
الدبيبة وحكومته ووجود اشتباكات بين قوات الأخير في غرب ليبيا".
في
حين، رأى آخرون أن الخطوة تصب في خطة روسيا بإنشاء الفيلق الأفريقي الروسي، الذي
سيكون بديلا عن قوات "
فاغنر" وسيكون مقره في شرق ليبيا من أجل السيطرة
على شمال أفريقيا.
قواعد
روسية
من
جهته، أكد الضابط الليبي وعضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إبراهيم صهد أن
"سياسة روسيا في ليبيا وأفريقيا أصبحت واضحة، والمخطط الاستراتيجي الروسي في
التغلغل في عمق القارة الأفريقية يتطلب أن تكون ليبيا هي البوابة للنفوذ إلى وسط أفريقيا".
وتابع
صهد في حديثه لـ"
عربي21" قائلا: "يقتضي المخطط الروسي إنشاء قواعد
عسكرية في كل الدول الأفريقية المستهدفة بدءا من ليبيا، ولم يعد خافيا أيضا أن
روسيا باتت تحتفظ بقواعد جوية في منطقة الجفرة الليبية ذات المواقع الاستراتيجية".
وأوضح
أنه "من خلال هذه القواعد يمتد التواجد العسكري الروسي إلى الجنوب الليبي،
وإنشاء قاعدة جوية يمكنها إحراز التفوق الجوي في سماوات النيجر وتشاد ومالي، كذلك
فإن من المعروف تطلع روسيا للتواصل العسكري في مياه البحر المتوسط الدافئة التي تهدد
الجناح الجنوبي لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو)"، وفق معلوماته.
وأشار
إلى أن "موسكو كانت تحلم بمجرد حق الأساطير الروسية، بزيارة بعض الموانئ الليبية لإسناد قاعدتها البحرية في طرطوس، وتشكيل خط محوري في عرض المتوسط لدوريات
الأساطيل الروسية، غير أن حفتر قد زودها بما هو أهم من ذلك، وجود دائم وقواعد بحرية
في ليبيا، وتركز روسيا عينها على قاعدة "البمبمة" شرق ليبيا واستخدام
ميناء "طبرق" كقاعدة لوجستية.
فيتو
لحماية حفتر
وحول
الشحنة الأخيرة، قال صهد: "تتدفق الأسلحة والمعدات والذخائر على ميناء طبرق
وموانئ أخرى شرق البلاد، وهو جزء منها لتسليح الفيلق الروسي الأفريقي وجزء منها
لتسليم قوات حفتر، طمعا في تمكينه من ترسيخ سيطرته على الشرق والجنوب، ومعاودة
محاولته السيطرة على العاصمة طرابلس".
وتابع:
"روسيا ترغب في السيطرة على الثروات الليبية من خلال وجودها العسكري ومن خلال
حليفها حفتر الطامع في حكم ليبيا هو وأولاده، وبدون شك فإن توريد السلاح إلى
الأطراف في ليبيا مخالف لقرارات مجلس الأمن، ولكن حفتر سيكون في مأمن من أي عقوبات،
وسيكون مجلس الأمن عاجزا عن اتخاذ أي قرار بالخصوص أمام استخدام روسيا لحق النقض"،
وفق تقديراته.
من
جانبه، رأى الباحث التونسي في العلاقات الدولية بشير الجويني أن "هذه الأدوات
وهذه الإعانات العسكرية، إن صحت، ستكون نقلة أخرى في العلاقات ما بين روسيا وليبيا
من جهة، وأيضا في العلاقات ما بين شرق ليبيا وغربها من جهة ثانية".
وأوضح
الجويني في تصريحه لـ"
عربي21" أنه "في الفترة الأخيرة لاحظنا ترتيب
العلاقات الدبلوماسية ما بين ليبيا وروسيا بشكل رسمي، وعودة السفارة الروسية
لمباشرة أعمالها من طرابلس، ووجودها في المنطقة الشرقية والغربية على السواء، ما
بعث برسائل إيجابية استقبلها مختلف الفرقاء في ليبيا، كل هذا ينقل العلاقات بين
ليبيا وروسيا إلى مصاف علاقة جديدة ومتقدمة"، بحسب تعبيره.
واستدرك
قائلا: "ما يتعلق في الغاية من إرسال هذه المعونات العسكرية سواء لتزويد حفتر
وقواته في شرق ليبيا أو في تزويد الفيلق الأفريقي، فأعتقد أن تقارير الأمم المتحدة
ووقوع ليبيا تحت البند السابع بميثاق الأمم المتحدة يجعل نقل السلاح والحصول عليه
دون تصريح أممي ودولي يعرض القائم به إلى عقوبات، وهذه ليست المرة الأولى ولا
الأخيرة، هناك عدد كبير من الدول المتورطة في هذا المجال وليست هناك -حقيقة بحسب ما
لاحظنا- رغبة دولية في إنهاء هذه التصرفات"، وفق قول الجويني.
في
حين، قال الصحفي الليبي موسى تيهو ساي، إن "التحركات الروسية الحالية هي أولى خطوات عملية لنشر الفيلق الروسي في أفريقيا، وستكون الأمور علانية هذه المرة ولن
يكون هناك مرتزقة ’فاغنر’ كممثل للنفوذ الروسي في البلاد".
وتوقع
ساي في حديثه لـ"
عربي21" أن "تكون الأوضاع أكثر حدة من قبل
بالنسبة للصراع الروسي الغربي في ساحة ليبيا ومنطقة الساحل، وقد يؤدي هذا إلى صراع
مسلح محليا برعاية دولية في الفترة القريبة المقبلة".