أثار الصدام العلني وتبادل الاتهامات بين اللواء الليبي خليفة حفتر وسيف الإسلام نجل العقيد الراحل معمر القذافي، تساؤلات عن تداعيات ومستوى هذا الصدام، وما إذا كان سيتحول إلى مسلح بعد إعلان قوة مسلحة من مدينة الزنتان دعم
سيف القذافي في مواجهة حفتر أو غيره.
وأصدرت قوة مسلحة من مدينة الزنتان (غرب
ليبيا) بيانا لأول مرة، أعلنت فيه دعمها سيف القذافي لقيادة المرحلة الحالية، محذرة من إقصائه من الانتخابات الرئاسية المقبلة أو استهداف فريقه الرئاسي.
"مهاجمة حفتر والدبيبة"
وهاجم البيان الذي جاء بشكل مفاجئ للجميع، كون المدينة هي من ألقت القبض على سيف خلال الثورة الليبية، من وصفهم بالطغمة الدكتاتورية الحالية الممسكة بالسلطة والنفوذ السياسي والعسكري، وقيامهم بـ"التضليل والتلاعب بحقوق وإرادة الشعب الليبي في تجديد شرعية مؤسساته وسلطاته، من خلال إنجاز الانتخابات الرئاسية والنيابية المتزامنة"، وفق البيان.
وأكد البيان الذي شاركت فيه قوى اجتماعية وعسكرية وأمنية من الزنتان دعمها ترشح سيف القذافي للانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى أنه "يحظى بتأييد ودعم شعبي كبير، ولديه مؤهلات قيادية والتزام وطني صادق وخبرة سياسية واسعة، ولن نسمح لكل المحاولات المشبوهة من بعض الأطراف المحلية والدولية أن تحول بينه وبين حقه كمواطن ليبي في الترشح للانتخابات وتقدم الصفوف لخدمة بلاده"، في إشارة للدبيبة وحفتر.
"حملة اعتقالات"
وفي أول رد فعل من قبل
قوات حفتر على هذه الخطوة، قامت قواته باعتقال رئيس فريق المصالحة التابع لسيف القذافي، علي بوسبيحة الحسناوي ونجله، بعد إعلانهما دعم بيان الزنتان، ما تسبب في ردود فعل غاضبة في الجنوب الليبي ضد قوات حفتر.
وأعلن الفريق السياسي لسيف القذافي رفضه وإدانته أساليب القمع والترهيب والاعتقالات التي تمارسها بعض الأجهزة الأمنية في مناطق الجنوب (قوات حفتر) في حق أبناء المنطقة، محملا هذه الأجهزة المسؤولية التامة عن سلامة الحسناوي الشخصية والتداعيات الخطرة المحتملة لهذا العمل غير المسؤول"، مطالبين بسرعة إطلاق سراحه، وتحرك المنخرطين في إنجاز استحقاق المصالحة الوطنية التحرك العاجل مع المجلس الرئاسي ورئيس الكونغو وبعثة الأمم المتحدة لإطلاق سراحه".
فما تداعيات الصدام المعلن حديثا بين حفتر وسيف القذافي وتأثيره على المشهد السياسي والعسكري؟ وما دلالة دعم سيف من قبل قوة عسكرية كبيرة؟
"لا صدام عسكري"
من جهته، قال عضو المجلس الأعلى للدولة عن مدينة الزنتان، خليفة المدغيو، إن "مسألة تحول الصدام الحالي بين أتباع نجل القذافي والأجهزة الأمنية في الجنوب الليبي إلى صدام عسكري ومسلح هي أمر غير وارد؛ لعدم وجود القناعة الكافية داخل مدينة الزنتان للقتال من أجل سيف القذافي".
ورأى في تصريحاته لـ"عربي21" أنه "بخصوص دعم سيف القذافي في باقي المدن أو القتال من أجله، فالأمر مجرد أماني لا سبيل إلى تحقيقها، وهؤلاء عاجزون أصلا عن حماية هذا الشخص حال خرج من الزنتان، فهناك ستتخطفه الطير وهم ينظرون"، بحسب تعبيره.
"سيف القذافي الأقوى"
في حين رأى المستشار السياسي السابق لحفتر والكاتب الليبي المقيم في أمريكا، محمد بويصير، أن "الداعم الأهم لحفتر -وهم الروس- يفضلون سيف القذافي على حفتر، بل إن الكثير من القادة العسكريين من قوات حفتر نفسه ولاؤهم للقذافي الابن".
وأضاف في تصريحه لـ"عربي21": "حفتر يعرف أن ما ارتكبه هو وقواته من جرائم تجعل صفحة سيف القذافي أنصع منه كثيرا، لذلك هو يرى فيه العدو الأهم، وسواء بمواجهة عسكريه أو من دونها فالعداء سيستمر حتى تحسم المعركه، ودور روسيا هو الأهم فى هذا الحسم، لذلك سيف سيكون حظه أوفر"، وفق تقديراته.
"صدام عسكري قادم"
المحلل السياسي الليبي، مختار كعبار، رأى من جانبه أن "أوراق سيف القدافى وحظه فى الوصول إلى الحكم فى ليبيا أو حتى مشاركته فى أى انتخابات قد تلاشت تماما، ولقد خسر القاعدة التى كان يتعمد عليها، وهي بالأساس قبائل ورفله والجنوب، كما أن تواجده السياسي انتهى، ولا تعول عليه روسيا كما سبق".
وأوضح أن "أبناء حفتر هو أكثر حظا؛ لأنهم يسيطرون عسكريا وسياسيا وحتى إعلاميا على ساحات شرق ليبيا وجنوبها، ولهم تواجد فى غرب ليبيا ومنطقة القذاذفة بسرت، وحتى مناطق ورفلة صارت في أكثرها مؤيده لحفتر، كما أن هناك دعما سياسيا وعسكريا لحفتر من قبل دول لها تأثيرها فى ليبيا، مثل الإمارات ومصر وروسيا، وهذه الدول تريد أن يكون حفتر أو أبناؤه فى الحكم"، كما رأى.
وتابع لـ"عربي21": "بخصوص بيان الزنتان، فموقف هذه المدينة وهذه القوة التي أعلنت البيان غير ثابت، ويمكن أن تغير ولاءها إذا رأت أن الكفة لصالح حفتر أو إذا قبلت عروضا مالية أو منافع سياسية، لكن إذا احتدم الصراع فقد يصل لصدام عسكري، وستكون الكفة لفريق أبناء حفتر؛ كون الأخير -ومن وراءه من حلفاء- لن يقبل بأي خسارة سياسية لأنها ستكون نهاية مشروعه"، كما صرح.