قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن موجة الاعتقالات في عدد من الدول الأوروبية لعدد من الجواسيس
الصينيين، تُظهر أن القارة فقدت صبرها مع بكين وأنشطة التجسس التي ترعاها، حتى في دول تحاول إقامة علاقات جيدة معها.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن السلطات في بريطانيا وألمانيا وهولندا، شنّت في الأسبوع الجاري، حملات اعتقالات وتوقيفات صينيين كانوا يقومون بأنشطة التجسس السياسي والتجاري لصالح بكين.
واتهم ستة أشخاص في ثلاث قضايا منفصلة هذا الأسبوع في
أوروبا، بالتجسس لصالح الصين: اثنان في بريطانيا وأربعة في ألمانيا. فيما أثارت قضيتا التجسس في بريطانيا وألمانيا التعجب في أوروبا كون لندن وبرلين يحاولان بناء علاقات جيدة مع بكين.
وفي بريطانيا، اتُهم رجلان بتقديم "مقالات أو مذكرات أو وثائق أو معلومات" إلى الصين بين عامي 2021 و2023. وعرّفت شرطة العاصمة لندن عنهما بأنهما كريستوفر بيري البالغ 32 عاما وكريستوفر كاش البالغ 29 عاما، وكانا يعملان باحثين في البرلمان البريطاني.
وبعد وقت قصير من إعلان مسؤولين بريطانيين وألمان اتهام ستة من مواطنيها بالتجسس، داهمت السلطات الهولندية والبولندية، الأربعاء، مكاتب مورد معدات أمنية صيني كجزء من حملة شنها الأوروبيون على ما يعتبرونه ممارسات تجارية غير عادلة.
وهذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للتكتل، قانونا جديدا لإصدار أمر بمداهمة شركة صينية. وفي أوائل نيسان/ أبريل، طردت السويد صحفيا صينيا، كان مقيما في البلاد لمدة عقدين، قائلة إن المراسل يشكل تهديدا للأمن القومي.
وفي السياق نفسه، قالت إيفانا كاراسكوفا، الباحثة التشيكية في جمعية الشؤون الدولية، وهي مجموعة بحثية مستقلة في براغ، والتي عملت حتى الشهر الماضي كمستشارة للمفوضية الأوروبية بشأن الصين.
وتابعت كاراسكوفا بأن "أوروبا انتقلت من موقف "الإنكار التام" في بعض الأوساط بشأن الخطر الذي يشكله التجسس الصيني وعمليات التأثير إلى تبني وجهة نظر أقل سذاجة، وتريد الآن الدفاع عن المصالح الأوروبية في مواجهة الصين".
إلى ذلك، أثارت اتهامات هذا الأسبوع، بأن الصين تستخدم جواسيس لاختراق والتأثير على العملية الديمقراطية في ألمانيا وبريطانيا قلقا خاصا، إذ يعني ذلك أن بكين لم تعد تقتصر على التجسس التجاري بل انتقلت إلى التدخل السياسي السري، وهو أمر كان ينظر إليه سابقا على أنه تخصص روسي إلى حد كبير.
ويشير تقرير الصحيفة إلى أن الرد الأوروبي على الصين يعكس تغيرا في موقف التكتل من قوة عظمى صاعدة لطالما اعتمدت على الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا، للرد على ما تصفه بكين بأنه "ضجيج مناهض للصين" صادر عن واشنطن.
لكن جهاز الأمن الألماني حذر علنا من خطر الثقة في الصين منذ عام 2022، وذلك بعد فترة وجيزة من بدء روسيا غزوها لأوكرانيا، وقال رئيس وكالة الاستخبارات الداخلية، توماس هالدينوانغ، للبرلمان: "روسيا هي العاصفة، والصين هي تغير المناخ".
وفي تحذير علني، الصيف الماضي قالت الوكالة، المعروفة باسمها الألماني المختصر BfV: "في السنوات الأخيرة، كثفت قيادة الدولة والحزب في الصين جهودها بشكل كبير للحصول على معلومات سياسية عالية الجودة والتأثير على عمليات صنع القرار في الخارج".
وقدمت وزيرة الداخلية الألمانية هذا الأسبوع تقييما صريحا لأنشطة الصين، وقالت: "نحن ندرك الخطر الكبير الذي يشكله التجسس الصيني على الأعمال والصناعة والعلوم... نحن ننظر عن كثب في هذه المخاطر والتهديدات وأصدرنا تحذيرات واضحة ورفعنا الوعي حتى تتم زيادة تدابير الحماية في كل مكان.".
ويواجه ثلاثة أشخاص أوقفوا في غرب ألمانيا، الاثنين، اتهامات بنقل معلومات تتعلق بتكنولوجيا بحرية سرية إلى الصين. فيما أُلقي القبض على مساعد نائب ألماني في
البرلمان الأوروبي، الثلاثاء، للاشتباه في أنه كان يشارك معلومات مرتبطة بالبرلمان الأوروبي مع جهاز استخبارات صيني والتجسس على شخصيات صينية معارضة في ألمانيا.