نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرًا، تحدثت فيه عن اتهام الرئيس التنفيذي السابق لشركة بايونير للموارد الطبيعية، سكوت شيفيلد، في وقت سابق من هذا الشهر من قبل لجنة التجارة الفيدرالية بالتواطؤ مع منظمة البلدان المصدرة للبترول.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قوانين مكافحة الاحتكار تحظر التواطؤ، ويكون ذلك لأسباب وجيهة في الأغلب حيث يؤدي إلى قلة المنافسة مما يسبب ارتفاع الأسعار ويضر المستهلكين. والفائزون الوحيدون هم الشركات المعنية التي يمكنها تعظيم أرباحها على حساب المستهلكين. وفي العقود الأخيرة، شملت الصناعات المتهمة بالتواطؤ شركات الطيران وبطاقات الائتمان.
وأفادت الصحيفة بأن تاريخ النفط مليء بالمحاولات الرامية إلى تثبيت الأسعار. ويعد البترول سلعةً أساسيةً تتطلب احتياجات رأسمالية عالية وفترات زمنية طويلة: وهذا يفسح المجال لدورات الازدهار والكساد المؤلمة للمستهلكين والحكومات والشركات.
وأضافت بأنه "لا يوجد علاج فوري لارتفاع الأسعار أو انخفاضها لأنه من المستحيل توفير إمدادات كبيرة جديدة من النفط أو إيقاف الطلب عليه في وقت قصير. ويساعد التخزين على ذلك، ولكن يجب حفظ النفط تحت الأرض أو في خزانات متخصصة".
واسترسلت: "عندما تتم إدارة إمدادات النفط بفعالية، فإنها تساعد على ترويض التقلبات. فعلى سبيل المثال، أعقبت دورة الازدهار والكساد الجامحة بين سنتي 1859 و1879 فترة من الاستقرار النسبي للأسعار، عندما سادت شركة ستاندرد أويل تحت قيادة جون د. روكفلر".
وبيّنت الصحيفة أن الفترة الأكثر استقرارًا لأسعار النفط كانت بين ثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضي عندما سيطرت لجنة السكك الحديدية في تكساس على الإمدادات بشكل صارم، وذلك وفقًا لتحليل أجرته شركة مجموعة رابيدان للطاقة الاستشارية.
وفي ذلك الوقت، حددت ولاية تكساس المعدل الذي يمكن أن تنتج به كل بئر في الولاية، وذلك باستخدام الجيش لمراقبة الامتثال والتنسيق مع الولايات الأخرى. وتُعَد منظمة "
أوبك" أحدث مثال على إدارة العرض، رغم أنها كانت أقل فعالية. وبعيدًا عن الاعتبارات القانونية، فإن إصدار الحكم على تثبيت الأسعار يتوقف في نهاية المطاف على ما إذا كان المرء يعتقد أن تقلب أسعار النفط قد يؤدي إلى ضرر أعظم من نفعه في الأمد الأبعد.
بحسب الصحيفة، يقول أنصار إدارة إمدادات النفط إن دورات الازدهار والكساد مؤلمة للغاية. وذكر مؤسس شركة رابيدان، بوب ماكنالي، أن الشيء الوحيد الأسوأ من إدارة إمدادات النفط هو الافتقار إلى إدارة إمدادات النفط. ويجادل في كتاب بعنوان "تقلبات الخام" بأن تقلبات الأسعار يمكن أن تؤدي إلى تعقيد السياسة النقدية، وتجعل تخطيط الميزانية الوطنية أمرًا صعبًا، بل وتثير اضطرابات اجتماعية في البلدان المعتمدة على النفط.
ونقلت الصحيفة، عن خبير الطاقة، أنس الحجي، التقلبات أن العالية في أسعار النفط تؤدي إلى "إهدار الموارد، وارتفاع التكاليف، وتدهور الكفاءة في إنتاج النفط واستهلاكه". لكن الأسعار المستقرة تعمل أيضًا على كتم إشارات السوق. وشجع ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات في أعقاب الحظر النفطي العربي والثورة الإيرانية على تطوير موارد النفط عالية التكلفة مثل تلك الموجودة في ألاسكا وبحر الشمال والمكسيك وكندا، مما ساعد العالم في النهاية على أن يصبح أقل اعتمادًا على أوبك.
وقال الموقع إن الأسعار المرتفعة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ساعدت المنتجين الأمريكيين على متابعة عملية التكسير الهيدروليكي بقوة. والانهيار الذي أعقب ذلك دفع شركات التكسير الهيدروليكي إلى البحث عن الكفاءات. مع ذلك، يقول أنصار إدارة العرض إن استقرار الأسعار يساعد أكثر على الاستثمار طويل الأجل من دورات الصعود والهبوط. وبالنظر إلى المستقبل، تعتبر إشارات الأسعار أيضًا بمثابة دفعة مهمة لمصادر الطاقة البديلة، وذلك على حد تعبير أرجون مورتي، الشريك في شركة أبحاث الطاقة والاستثمار فيريتن.
وأضافت الصحيفة أن هناك عدة أسباب تجعل تثبيت الأسعار يبدو أقل أهمية اليوم. أولًا، على الرغم من جميع أجراس الإنذار التي تدق عندما ترتفع أسعار محطات الوقود، فإن التقلبات أقل ضررًا بكثير، على الأقل بالنسبة لبعض البلدان.
وقد انتقلت
الولايات المتحدة من استيراد ضعف كمية النفط التي أنتجتها في سنة 2006 إلى أن تصبح مُصدِّرًا صافيًا بدءًا من سنة 2020. ويستهلك الوقود الآن جزءًا أصغر من ميزانيات الأمريكيين: أصبحت الأسر في المتوسط أكثر ثراء مما كانت عليه من قبل، وأصبحت السيارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
أما السبب الثاني، هو أن التكسير الهيدروليكي في حد ذاته ساعد على الاستجابة بشكل أسرع لأن آبار الصخر الزيتي التي تستخدم هذه الطريقة يمكن أن يتم تشغيلها في غضون أشهر بدلاً من سنوات.
وساعد الصخر الزيتي في الولايات المتحدة على تقليل تقلبات أسعار النفط العالمية، وذلك وفقًا لورقة عمل أعدها اقتصاديون في بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس. وهناك على الأقل بعض الأدلة على أن الطلب نفسه أصبح أكثر استجابة قليلا لارتفاع أسعار الوقود، ربما لأن المزيد من الناس لديهم خيار العمل من المنزل. لكن هذا لا ينطبق إلا على جزء صغير من سكان العالم.
وقالت
الصحيفة إن ربط "أوبك" و"التواطؤ" برئيس تنفيذي أمريكي للطاقة قد يبدو أمرًا سيئًا، ولكن من الصعب أيضًا أن نرى مدى فعالية شيفيلد. إن إنتاج النفط متناثر للغاية: هناك الآلاف من المنتجين في الولايات المتحدة وحدها. وقد فشلت منظمة أوبك نفسها، التي تضم العديد من الدول ذات الأهداف المتباينة، مرات عديدة في التواطؤ. في الوقاع، بعض المبادرات القليلة الناجحة جاءت من المستهلكين. وفي سنة 2020، كان الرئيس دونالد ترامب نفسه، وهو بطل الأسواق الحرة، هو الذي ساعد في التوسط في اتفاق أوبك + عندما تم طرحه لأول مرة.