ما زال الإسرائيليون يعيشون أصداء القنبلة التي
فجرها أحد جنود الاحتياط أثناء تصوير شريط فيديو، وهو ملثم ومسلح، ويدعو للتمرد على
وزير الحرب يوآف غالانت وقائد الجيش هآرتسي هاليفي، الأمر الذي اعتبر دعوة
للاحتراب الداخلي.
وترى أوساط
الاحتلال، أنها أمام ظاهرة مزعجة ومثيرة
للقلق، ولأن التحريض هذه المرة وصل إلى ما يصفه الإسرائيليون بـ"قدس
الأقداس" وهو الجيش، الذي بات مادة خلافية بين الفرقاء في الحلبة السياسية
والحزبية.
أفرايم غانور الخبير الأمني الإسرائيلي كتب في
صحيفة
معاريف أن "شريط التمرّد يعني تقديم هدية لأعدائنا الذين يريدون أن
يروا كيف يصبّ بيتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير الزيت على النار المشتعلة أصلا
في الساحة الإسرائيلية من خلال حياكة آخر المؤامرات المتبقية هنا بالتهديد بإعلان
التمرد على الجيش وقيادته في زمن الحرب، بالتزامن مع زيادة الدعوات لإنشاء لجان
تحقيق حكومية لكشف إخفاقات هذه الحكومة قبل وبعد السابع من أكتوبر".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن
"شريط التمرد المشار إليه هو الترجمة الحقيقية لآلة السم المنتشرة في الشارع
الإسرائيلي، وستزيد من شدة حقن السم والكراهية بين اليهود، ثم سنسمع عن الجناة
الذين أوصلونا إلى الهاوية التي وصلت إليها اليوم الدولة وشعبها عموما، وبالطبع
أولا وقبل كل شيء الأضرار التي لحقت بالجيش الإسرائيلي وأمن الدولة، والعوامل
التي أوصلتنا إلى الواقع الحالي، وبدأت فعليا مع اتفاق أوسلو، وإخلاء مستوطنات
غزة".
وأشار إلى أن "شريط التمرد المشار إليه يعزز
مظاهر الانشقاق والتمرد التي انتشرت سابقا بين جنود الاحتياط والضباط والطيارين
والمقاتلين من وحدات النخبة خلال الانتفاضات الفلسطينية والمواجهات العسكرية معهم،
مما يعني انتشارا متسارعا لآلة السم أمام أعيننا، لأن من يتعمق في هذه القضية،
وانتشار هذا التسمم في المجتمع الإسرائيلي، سيجد فيها صناعة كاملة تنتج مجموعة من
الأكاذيب حول الأفعال من خيانة مسؤولي الأمن الإسرائيليين، ممن كان لهم دور في
كارثة السابع من أكتوبر".
وأوضح أن "الأمر يتجاوز شريط التمرد إلى
سلوك أكثر رسمية بالدعوة للانشقاق والتمرد، حين تتهم وزيرة المواصلات ميري ريغيف، المقربة من رئيس
الحكومة بنيامين نتنياهو، جهازي الشاباك والموساد، بأنهما يعملان على إسقاط
الحكومة، كما كشف أحد مستشاريها المقربين، وبالتالي فلا يجب أن يفاجأ الإسرائيليون
بالطريقة التي تجري بها المؤامرات والأكاذيب في أوساطهم السياسية والحزبية من
خلال استحضار آلة السم".
وأكد أن "شريط التمرد هو الوصفة الحقيقية
لتوفر مدمرات الدولة الذاتية، والتي باتت موجودة هنا بالفعل، ويتعلق الأمر بمن
يدعو إلى انقلاب عسكري مفتوح، وإقالة وزير الحرب، ولذلك فليس من المستغرب على
الإطلاق رؤية أب يتظاهر لأن ابنه مخطوف لدى حماس لكنه يتعرض للضرب من قبل الشرطة،
وعندما يكون رئيس الوزراء أصمّا في وجه كل هذا الشر، وعندما "يغرّد"
ابنه المقيم في ولاية ميامي، المحمي من قبل أفراد الشاباك، ويشجع آلة السم من
هناك".
وتكشف هذه السطور الإسرائيلية "القلقة
والغاضبة في آن واحد معا، أن القناعة السائدة بين عموم الإسرائيليين أن هذه
الدولة قد اختطفت بالفعل من قبل طائفة مسيحانية جعلت من رئيس الوزراء ناطقا
باسمها، مما يفسح المجال لطرح جملة من التساؤلات الوجودية حول مستقبلها، وما الذي
يجب أن يحدث هنا حتى تدرك هذه الحكومة السيئة والفاشلة أن كل يوم إضافي في
ولايتها يقود الاحتلال لكارثة عامة، يستدعي منها الذهاب إلى الانتخابات المبكرة".