قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنه حصل على شهادات جديدة من معتقلين فلسطينيين مفرج عنهم من السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، تؤكد استمرار ارتكاب جرائم
التعذيب العنيف والمعاملة اللاإنسانية ضد آلاف المدنيين الفلسطينيين على نحو ممنهج، ممن اعتقلوا في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها
الاحتلال في قطاع
غزة.
وذكر المرصد أنه تابع الإفراج عن عشرات المعتقلين الثلاثاء الماضي، من منطقة "زيكيم" شمال قطاع غزة، وخلال لحظة الإفراج عنهم، أطلق الجيش الإسرائيلي النار تجاههم، وأجبرهم على السير والهرولة مئات الأمتار حتى يتمكنوا من الوصول إلى المناطق المأهولة بالسكان.
وتابع بأنهم وصلوا وهم في حالة يرثى لها نتيجة التعب الذي زاد من سوء الحالة الصحية التي يعانون منها أصلًا نتيجة تعرضهم للتعذيب والتعنيف على مدار مدة الاعتقال، حيث وصل 33 منهم لمستشفى "كمال عدوان" في بيت لاهيا شمالي القطاع لتلقي العلاج.
وطالب المرصد الأورومتوسطي مؤسسات العدالة الدولية والمجتمع الدولي بالخروج من دائرة الصمت، والتعبير عن مواقف صارمة، واتخاذ خطوات جدية إزاء ما يتكشف من التعذيب الوحشي القائم على التمييز والانتقام الجماعي ونزع الإنسانية الذي يتعرض له المدنيون والمدنيات الفلسطينيون.
ونقل المرصد شهادة المعتقل المفرج عنه "سمير عبدالله جمال مرجان" (23 عاما)، الذي أكد تعرضه للضرب الشديد والصعقات الكهربائية والإهانات، ومحاولة حقنه بمواد مجهولة.
وقال مرجان: "اعتقلني الجيش الإسرائيلي في 11 مارس/ آذار 2024، من حاجز النابلسي جنوب غربي غزة، في أثناء محاولتي للنزوح إلى الجنوب، ونقلوني إلى مركز توقيف قبالة رفح لمدة شهرين، ثم نُقلت إلى سجن عسقلان، وقضيت هناك شهرين".
وأضاف: "في المردوان (الممر)، عشت أنا والأسرى الآخرون أيامًا صعبة. يوميا كنا نعذب بشكل وحشي من ضرب وإهانات، بالإضافة لاستخدام الكلاب للهجوم علينا وتخويفنا، واستخدام الكهرباء للتعذيب".
وتابع: "في سجن عسقلان، كان الوضع أسوأ، فكنت في زنزانة انفرادية، وبقيت 12 يوما دون طعام، وفي التحقيق، كانوا يستخدمون الصعقات الكهربائية للحصول على الاعترافات، ويسألوننا عن حماس والأنفاق، وعندما أقول: لا أعرف، فأنا مدني، ولا علم لي بالأمور الأخرى، يتم ضربي".
وفق شهادة مرجان، فقد كان التحقيق مصحوبًا بالاعتداءات والتعذيب الوحشي، وكنا نخضع للتحقيق كل 10 أيام، وشهدت في السجن على معاناة آخرين تردت حالتهم الصحية وساءت، بل أصيبوا بأمراض هناك، دون اهتمام طبي، بالإضافة لقيام الجيش بإعطاء بعض
الأسرى حقنا مجهولة. أنا رفضت أن يتم حقني بها، وبسبب ذلك تم ضربي وتعريضي للتعذيب بالكهرباء".
وفي شهادة أخرى لعمرو عبد الفتاح العكلوك"، وهو من سكان قطاع غزة، وكان يتلقى العلاج في القدس واعتقله الاحتلال ثلاث مرات منذ اندلاع الهجوم على قطاع غزة، آخرها في الخامس من حزيران/ يونيو الجاري، أكد استشهاد معتقل آخر تحت التعذيب.
وقال العكلوك: "صادفت قبل نحو 5 أيام معتقلا اسمه "محمد الكحلوت" من سكان الفالوجا شمال غزة، أخبرني أن أتواصل مع أهله إن خرجت، وأخبرهم أنه بخير، كان في الغرفة المقابلة لنا، وكنت أتحدث معه من الشبك، في اليوم التالي من حديثنا توفي نتيجة تعرضه للتعذيب، ووضع الجيش جثمانه في كيس بلاستيكي من أكياس الموتى".
وأضاف: "خلال احتجازي، كانت هناك مجموعة من المعتقلين من غزة، وكانوا يصنفوهم على أنهم أسرى أمنيون، يتم قمعهم طوال اليوم، وضربهم بشكل وحشي وعشوائي، يطال كل أنحاء الجسد، حتى تسيل دماؤهم، حيث قُتل محمد تحت التعذيب الذي كان يتعرض له في أوقات مختلفة طوال اليوم".
ونقل المرصد شهادة مسن تروي تفاصيل اعتقاله من منزله بمخيم جباليا، وتعرضه للتعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز في بركسات غير آدمية، وما شاهده من تعذيب لشاب أبكم.
وقال: "خلال فترة اعتقالنا التي استمرت قرابة 20 يومًا، كانت كأنها 20 عامًا، كل يوم له حكاية من التعذيب والضرب والإهانة، حينما يأتي موعد النوم يبدأ الطرق على الأبواب وأصوات مكبرات صوت بموسيقى مزعجة".
وأضاف: "كان بيننا شخص لا يتكلم (أبكم)، استمروا في ضربه وتعذيبه لعدة أيام، يريدون منه أن يجيبهم عن أسئلة وهو لا يتكلم، كما أن الأصفاد في أيادينا منذ اللحظة الأولى للاعتقال، حتى عندما نأكل ونذهب لدورة المياه، كانت أيادينا مكبلة".
وتابع: "هددني أحد السجانين لي: لا تشكو شيئًا أمام الصحافة، وإلا سنصل لك مجددا، وفي أثناء إطلاق سراحنا، قال لنا أحد الجنود: أمامكم 4 دقائق فقط للوصول إلى المناطق السكنية، وبعد ذلك من أشاهده سأطلق النار عليه".
وقال المرصد الأورومتوسطي، إن هذه الشهادات تؤكد أن القوات الإسرائيلية ماضية في نهج التعذيب الشديد والانتقامي من المعتقلين الفلسطينيين، رغم إدراكها أنهم مدنيون.
وعد الأورومتوسطي أن استمرار هذا التعذيب هو نتيجة طبيعية للتفرد بالشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل، في ظل حالة الصمت من المجتمع الدولي، بما فيها الهيئات المعنية في الأمم المتحدة.
ودعا المرصد المجتمع الدولي إلى "الضغط على السلطات الإسرائيلية للإفراج عن جميع المحتجزين الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم تعسفا، وفي حال تم تقديمهم إلى المحاكمة أن يتم ضمان جميع إجراءات المحاكمة العادلة، ولإعادة رفات الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين قتلوا في سجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية",
وجدد الأورومتوسطي مطالبته "بضرورة الضغط على إسرائيل؛ للتوقف فورًا عن ارتكاب جريمة الاختفاء القسري ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، والكشف الفوري عن جميع معسكرات الاعتقال السرية، والإفصاح عن أسماء جميع الفلسطينيين الذين تحتجزهم من القطاع، وعن مصيرهم وأماكن احتجازهم، وبتحمل مسؤولياتها كاملةً تجاه حياتهم وسلامتهم".