ارتفعت حصيلة
الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة الأربعاء، في يومه الـ257، إلى 37 ألفا
و372 والمصابين إلى 85 ألفا و452 .
ومع رابع أيام عيد
الأضحى المبارك، بات شبح المجاعة يخيم على أهالي شمال قطاع غزة مجددا، مع استمرار إغلاق
معبر كرم أبو سالم، ما يعني تعذر إدخال المساعدات.
ونشرت مجلة
"
فورين أفيرز" مقالا مشتركا للجنرال السابق ديفيد بترايوس الذي قاد القوات
الأمريكية في أفغانستان والقيادة المركزية وسي آي إيه مع ميغان أل أوسوليفان من جامعة
هارفارد وريتشارد فونتين، مدير مركز الأمن الأمريكي الجديد، قالوا فيه إن "الاحتلال
الإسرائيلي يكرر أخطاء الولايات المتحدة في غزة من أجل تغيير النظام".
فرغم أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يصف ما تقوم به في القطاع بأنه "عملية تغيير للنظام، وهو المصطلح الذي لم يعد شعبيا بعد حربي
العراق وأفغانستان، لكن
ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي هو في الحقيقة عملية تغيير النظام وتفكيك قدرات
حماس وحكمها الفعلي لغزة الذي مضى عليه عقدان تقريبا"، وفقا للمقال.
وقال الكُتاب إن "الحملات الأمريكية السابقة اتسمت
بارتكاب أخطاء عدة تقوم إسرائيل اليوم بتكرارها، منها أخطاء صارخة ارتكبتها أمريكا
في السنوات الأولى من احتلال العراق. وكما حدث مع أمريكا، فقد بدأ الاحتلال الإسرائيلي
حملته دون خطة واضحة ولا رؤية لما سيأتي بعد، أو من سيحل محل حماس".
وكما فعلت أمريكا
بعد أحداث 11 أيلو /سبتمبر، تحرك الاحتلال الإسرائيلي بشكل حازم وبثمن إنساني فادح، ليعود إليها المسلحون
بعد خروج جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقد عرفت هذه الإستراتيجية بـ "طهر وانسحب".
وتعرض الاحتلال
الإسرائيلي لانتقادات دولية أكثر من أمريكا في العراق وأفغانستان بسبب أعداد الضحايا
المدنيين. ويرى الكتاب أن الاحتلال الإسرائيلي يستطيع التعلم من النجاحات الصغيرة للولايات
المتحدة في العراق، مثل عملية الدفع بالقوات الأمريكية عام 2007، مع أن المقارنات تظل
محدودة الأثر لكنها تطرح الأسئلة الصحيحة.
وأضاف المقال أن "حرب المدن
صعبة، والدفع بقوات جديدة نجح في تحييد القاعدة والميليشيات الشيعية في الفلوجة والموصل
والبصرة وبغداد، وتم تطبيق نفس الإستراتيجية بعد سنوات عدة في الموصل والرقة ضد تنظيم
الدولة".
و"تظل معركة غزة أصعب من تلك المواجهات، نظرا للكثافة السكانية وشبكة الأنفاق التي أنشأتها
حماس بطول 350 ميلا. فلن يستطيع الاحتلال الإسرائيلي تحقيق هدفه بتفكيك حماس عبر القوة
المفرطة إلا في حالة منعها من إعادة تنظيم نفسها. فقد تعلمت الولايات المتحدة في العراق
ان النتيجة النهائية هي الأهم"، وفقا للمقال.
وشدد معدو المقال، على أن "المفتاح الرئيسي
للنجاح وتعزيز المكاسب الأمنية هو من خلال الحفاظ على المناطق وحماية المدنيين وتوفير
الحكم والخدمات لهم. ومدخل كهذا يمنع المقاومة من الحصول على حاضنة لها بين المدنيين
لكي تعيد إعادة بناء نفسها".
وأشاروا إلى أنه "في غزة لم تسيطر
الاحتلال الإسرائيلي على مناطق وهذا يعكس ما حدث لأمريكا في الفترة ما بين 2003-
2006، حيث قام الجيش الأمريكي بعمليات متقدمة من القواعد العسكرية لكي يواجه أنصار
القاعدة والميليشيات الشيعية. وكانت هذه تعيد تنظيم نفسها في اللحظة التي يخرج الأمريكيون
من المناطق. وفي عام 2007، غير الجيش استراتيجيته حيث تحرك من القواعد العسكرية إلى
نقاط عسكرية صغيرة وبدأ يفرق بين المسلح والمدني وتوفير الأمن للأخير. فقد كان من الواضح
أن الطريقة الوحيدة لتحسين حياة المدنيين وتقديم الخدمات لهم هي العيش بينهم. ولقياس
النجاح، ركز العسكريون انتباههم على المدنيين وليس عدد القتلى بين الأعداء، والتفريق
بين المجتمعات المتحررة منهم".
وقالوا إن "اليوم مختلفا، ولا
يوجد ما يضمن استجابة الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلي، وذلك أن تحقيق هذا يحتاج لوقت
طويل. لكن ما هو واضح هو أن حماس ستواصل إعادة تنظيم نفسها طالما لم توجد قوة إسرائيلية
أو غيرها قادرة على إعادة إصلاح البنى وتقديم الخدمات للمدنيين".
وبعد 18 شهرا من
دفع القوات الأمريكية تراجع العنف في العراق لنسبة 90% وظل على هذا المنوال لحين انسحاب
القوات الأمريكية من العراق عام 2011.
وكان الدفع بقوات
أمريكية ضروري لأن الغزو الأمريكي بدأ بدون خطة، أو أنه قام على فكرة تنصيب مجموعة
من المنفيين العراقيين لتطبيق الديمقراطية، فيما اعتقد صناع سياسة في واشنطن أن أي
نظام يظهر في مرحلة ما بعد صدام حسين ليس من شأن أمريكا، وفقا للمقال.
وأضاف المقال
أنه ثبت خطأ هذا التفكير، فبدون فرض قوات أمريكية الأمن وتمارس السلطة المباشرة، لن
يظهر أي بديل ولا قوة داخلية، وبدلا من تحول سلمي للديمقراطية شهد العراق كابوسا اقتتلت
فيه الجماعات المسلحة. وقد فاقمت الخطوات الأمريكية الوضع من خلال حل الجيش العراقي
وسياسة اجتثاث البعث.
ولتف إلى أنه مع انهيار مؤسسات
الدولة كان على الأمريكيين تحمل مسؤولية الأمن وتفويض السلطات لمجلس الحكم الذي أنشئ
عام 2003. وفي الوقت الذي تبحث فيه إسرائيل عن شركاء في غزة، عليها قراءة ودراسة مصير
مجلس الحكم في العراق.
وأوضح أن "مسار المجلس يشير إلى مخاطر بناء أشكال بديلة للسلطة والتخلي عن السلطة الوطنية بالكامل بدلا من إصلاح
عيوبها. كما ويظهر تاريخ المجلس مشكلة تحمل المسؤولية السياسية في وقت كان في العراق
يحتاج للأمن. ونظرا لأن الولايات المتحدة ولا إسرائيل تريدا احتلالا لغزة، وترغبان
بقوة خارجية تدخل لكي تتسلم القطاع، مع أن هذا الخيار غير قائم وإن على المدى القصير،
والحل هو أن تتحمل إسرائيل مسؤولية الأمن والحكم ولمدة قصيرة. ويجب على إسرائيل وأمريكا
الاعتراف بهذا الواقع وإن لم يكن مستساغا".
ويقترح الكتاب على
الاحتلال الإسرائيلي "التخطيط لتحمل المسؤوليات في غزة وكذا تسليمها للفلسطينيين الذي
يتم اختيارهم من الموظفين المدنيين الذين يقبلون العيش مع مرحلة ما بعد حماس وكذا تسليم
الأمن لاحقا إلى قوات امن من غير حماس".
ويرون أنه من المحتمل "أن تقوم إسرائيل
بتشكيل إطار للحكم بدعم محلي أو خارجي. ولن يتحقق أي من هذا بدون استقرار الوضع وشيوع
الأمن. ومهما يكن فحملة عسكرية- سياسية لمحو حماس ومنعها من إعادة تنظيم نفسها وحماس
المدنيين وإعادة الخدمات وتشكيل حكم جديد وبداية الإعمار ستكون عملية ضخمة. فعملية
دفع القوات في 2007 اقتضت نشر 30,000 جندي إضافي إلى جانب 135,000 جنديا. وفي المقابل
لدى الاحتلال الإسرائيلي 15,000 جنديا في غزة معظمهم من جنود الاحتياط. وفي النهاية
تظل الموازنة تقريبية فغزة ليست العراق وإسرائيل ليست أمريكا وهجمات 9/11 تختلف عن
هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. كما أن أفغانستان بعيدة عن شواطئ أمريكا وغزة قريبة من
إسرائيل".