كتاب عربي 21

مستقبل التحالف بين "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية"

"قضايا وطنية كثيرة يدعم فيها حزب الحركة القومية الحكومة بلا حدود، إلا أن هناك نقاط اختلاف أيضا بين الحليفين"- الأناضول
أثارت الزيارة التي قامت بها رئيسة الحزب الجيد السابقة، ميرال أكشينار، للمجمع الرئاسي للقاء رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، وزيارة الأخير لحزب الشعب الجمهوري، ردا على زيارة رئيس هذا الحزب أوزغور أوزل لحزب العدالة والتنمية، علامات استفهام حول مستقبل التحالفات في السياسة التركية بما فيها التحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. كما فتحت الصورة التي نشرها رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، عشية لقاء أردوغان وأوزل، الأبواب على مصراعيها أمام التكهنات.

الصورة التي نشرها بهتشلي في حسابه بمنصة إنستغرام، كانت تحتوي يده وهو يمسك ملفا ويرتدي خاتما مكتوبا عليه باللغة التركية: "الله يكفيني". وذهبت تفسيرات إلى أن رئيس الحركة القومية بعث من خلال تلك الصورة رسالة مفادها أنه ليس بحاجة إلى التحالف مع حزب العدالة والتنمية ولا مع حزب الشعب الجمهوري، كما ادعت أخرى بأن بهتشلي يهدد أردوغان ويقول له إن لديه ملفات قد تحرجه أمام الرأي العام إن أقدم على تفكيك تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية.

ذهبت تفسيرات إلى أن رئيس الحركة القومية بعث من خلال تلك الصورة رسالة مفادها أنه ليس بحاجة إلى التحالف مع حزب العدالة والتنمية ولا مع حزب الشعب الجمهوري، كما ادعت أخرى بأن بهتشلي يهدد أردوغان ويقول له إن لديه ملفات قد تحرجه أمام الرأي العام إن أقدم على تفكيك تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية

حزب العدالة والتنمية شكل مع حزب الحركة القومية تحالف الجمهور قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجريت في صيف 2018، وعلى وقع محاولة الانقلاب الفاشلة التي قامت بها جماعة غولن في 16 تموز/ يوليو 2016. وبالتالي، تتجاوز أهداف هذا التحالف فوز مرشحيه في الانتخابات، وتأتي حماية الأمن القومي واستقلالية البلاد ومصالحها العليا على رأس تلك الأهداف.

حزب الحركة القومية برئاسة بهتشلي كان يعارض حزب العدالة والتنمية، ودعم في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في صيف 2014، مرشح حزب الشعب الجمهوري، أكمل الدين إحسان أوغلو، إلا أنه أيقن بعد محاولة الانقلاب الفاشلة أن تركيا مستهدفة وأن التصدي للمؤامرات التي تحاك ضد البلاد يتطلب التحالف مع حزب العدالة والتنمية، ودعم مرشحه للانتخابات الرئاسية، وبفضل ذاك الدعم فاز أردوغان برئاسة الجمهورية في 2018 و2023.

محاولة الانقلاب الفاشلة شكلت نقطة تحول في مسيرة حزب الحركة القومية الذي وقف ضد الانقلابيين، ولعب دورا هاما في إفشال المحاولة، نظرا لنفوذه في أجهزة الأمن والاستخبارات. وكانت جماعة غولن تسعى قبل محاولة الانقلاب الفاشلة إلى إقصاء الموالين لحزب الحركة القومية من مناصبهم وتهميشهم في أجهزة الأمن والاستخبارات لتفسح المجال أمام رجالها، الأمر الذي خلق خصومة وعداء بين الطرفين.

وقوف حزب الحركة القومية ضد محاولة الانقلاب منع الانقلابيين من الاستفراد بحزب العدالة والتنمية، سواء على الصعيدين العسكري والأمني أو على الصعيدين السياسي والاجتماعي، إلا أن الحزب دفع ثمن تحالفه مع حزب العدالة والتنمية، وتعرض لمحاولات تهدف إلى شق صفوفه، بعد أن فشلت محاولات السيطرة عليه، وأسس المنشقون منه الحزب الجيد برئاسة ميرال أكشينار.

هناك قضايا وطنية كثيرة يدعم فيها حزب الحركة القومية الحكومة بلا حدود، مثل مكافحة التنظيمات الإرهابية، على رأسها حزب العمال الكردستاني، كما يدعمها في سياستها الخارجية، دون أن يشارك في التشكيلة الحكومية. بل ودعا بهتشلي إلى تعديل الدستور ليتمكن أردوغان من الترشح لرئاسة الجمهورية لفترة ثالثة في الانتخابات القادمة.
هناك قضايا وطنية كثيرة يدعم فيها حزب الحركة القومية الحكومة بلا حدود، مثل مكافحة التنظيمات الإرهابية، على رأسها حزب العمال الكردستاني، كما يدعمها في سياستها الخارجية، دون أن يشارك في التشكيلة الحكومية. بل ودعا بهتشلي إلى تعديل الدستور ليتمكن أردوغان من الترشح لرئاسة الجمهورية لفترة ثالثة في الانتخابات القادمة. إلا أن هناك نقاط اختلاف أيضا بين الحليفين
إلا أن هناك نقاط اختلاف أيضا بين الحليفين، كموقفيهما من تخفيض النسبة الضرورية لانتخاب رئيس الجمهورية من "50%+1" إلى "40%+1"، على سبيل المثال، وهو ما يعارضه بهتشلي، فيما يراه أردوغان أمرا لا بد منه كيلا تبقى الأحزاب الكبيرة رهينة الأحزاب الصغيرة.

أردوغان في تعليقه على وضع تحالف حزبه مع حزب الحركة القومية، ذكر أنهم لن يقعوا في فخ المثيرين للفتنة، ولن يمنحوهم فرصة لفتح ثغرات في جدار حزب العدالة والتنمية ولا جدار تحالف الجمهور، كما صرح بهتشلي بأن تحالف الجمهور سيستمر وأنه "صخرة صلبة غير قابلة للتشقق والانكسار". وكان رئيس حزب الحركة القومية أكد أيضا أنهم يؤيدون لقاءات أردوغان مع رؤساء الأحزاب الأخرى لتخفيف التوتر في الساحة السياسية التركية. وتشير هذه التصريحات إلى أن الزعيمين ما زالا يريان ضرورة استمرار تحالف الجمهور وحماية مكتسباته.

هناك محاولات خارجية وداخلية لاستهداف "الذئاب الرمادية" وتجريمه بهدف ضرب تحالف الجمهور المؤيد للحكومة التركية والرئيس أردوغان، بالتوازي مع محاولات توسيع الشرخ بين قيادة حزب العدالة والتنمية وكوادره وقاعدته الشعبية. وإن سمح حزب العدالة والتنمية بشيطنة حزب الحركة القومية، فإن المؤكد أن الدور سيأتي عليه ليقول حين ذلك بلا جدوى: "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".

x.com/ismail_yasa