في ظل موجة الحر الشديدة التي تجتاح البلاد، زادت الحكومة
المصرية ساعات قطع
الكهرباء، مما أدى إلى تصاعد ردود الفعل الغاضبة من قبل المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي وانتقال الغضب إلى أروقة
البرلمان، يأتي ذلك وسط اعتراف الحكومة بعدم قدرتها على تقديم حلول فعالة لمواجهة الأزمة المتفاقمة.
مع زيادة ساعات قطع الكهرباء في ذروة الحر وبشكل عشوائي ودون الالتزام بجدول محدد، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي انفجاراً من الانتقادات الحادة والغاضبة تجاه الحكومة.
عبر المواطنون عن استيائهم الشديد من انقطاع التيار الكهربائي، معتبرين أن الحكومة قد فشلت في إدارة الأزمة بشكل ملائم، وأصبحت هذه الانتقادات صوتًا قويًا يعكس مدى الغضب الشعبي المتنامي.
الحكومة تعترف بعدم وجود حلول
في مواجهة هذا السخط المتصاعد، أقرت الحكومة بأنها لا تملك أي حلول فعالة لمواجهة أزمة الكهرباء الحالية. جاء هذا الاعتراف ليزيد من حدة الغضب الشعبي، حيث يشعر المواطنون بالخذلان من قبل الجهات الرسمية التي لم تستطع تقديم بدائل أو حلول لمشكلة الكهرباء، مما يفاقم من معاناتهم اليومية في ظل درجات الحرارة المرتفعة.
وانتقلت عدوى الغضب إلى الإعلاميين المحسوبين على النظام، واتهم البعض الحكومة بأن تصريحاتها الرسمية حول أزمة الكهرباء تفتقر إلى الشفافية، مما يغذي التكهنات ويؤدي إلى حالة من عدم الثقة بين الحكومة والمواطنين، وذهب البعض الآخر إلى أن الحكومة فشلت حتى في إدارة قطع الكهرباء وتتصرف بعشوائية.
روجت الحكومة أن السبب في انقطاع الكهرباء هو ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب، ولكن البعض ذكرها بأنه إذا كان الأمر كذلك فلماذا كانت تقطع الكهرباء لساعات طويلة في فصل الشتاء الماضي الذي شهد انقطاعات طويلة ومتكررة.. وتساءلوا أين تكمن الأزمة؟
ردود الفعل في البرلمان
انتقل الغضب الشعبي إلى البرلمان، حيث شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، الثلاثاء، هجومًا حادًا على الحكومة.
انتقد النواب أداء وزارتي
البترول والكهرباء في التعامل مع أزمة انقطاع التيار الكهربائي، حيث تجاوزت ساعات الانقطاع الثلاث ساعات المعلنة من قبل الحكومة.
وطالب النواب بتقديم حلول فورية لمعالجة الأزمة وتخفيف معاناة المواطنين.
انتقدت النائبة، إيرين سعيد، في بيانها العاجل، أداء الحكومة في أزمة الكهرباء، وقالت: إن "انقطاع التيار الكهربائي عن المصريين لمدة 3 ساعات، واستمرار اللجوء إلى حلول زيادة فترة الانقطاع، يتم دون وجود خطط بديلة من جانب الحكومة".
بدوره، هاجم النائب إيهاب منصور، الحكومة، وطالب برحيلها: "ارحلوا وابعدوا عن المصريين"، مضيفا أن "الحكومة قالت ساعتين قطع الكهرباء فقط وهذا لا يحدث وحددوا مواعيد لكل منطقة وهذا الأمر لا يحدث أيضا، تخفيف الاحمال وصل في بعض المحافظات لـ 6 أو 7 ساعات".
هل تصبح كرة الثلج التي تثير نقمة الشارع؟
مع اعتراف الحكومة بعدم وجود حلول لمواجهة الأزمة واحتواء الغضب المتنامي، تثار تساؤلات حول ما إذا كانت أزمة الكهرباء ستتحول إلى كرة ثلج تزيد من نقمة الشارع على النظام. ويتزايد القلق من امتداد السخط الشعبي إلى أبعاد أكبر، مما قد يؤدي إلى تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة.
فند الخبير الاقتصادي، محمد النجار، أداء الحكومة في إدارة ملف أزمة انقطاع الكهرباء، وقال: "الحكومة تكذب ثم تكذب بشأن الأسباب الحقيقية لانقطاع الكهرباء، ولا تصارح الشعب بالحقيقة، ولا تبالي بذلك، وتبرر أفعالها بالكذب".
وتساءل في حديثه لـ"عربي21": "ماذا عن إنتاج البترول ومشتقاته والحديث عن تحقيق فائض في الميزان البترولي. حيث بلغت الصادرات البترولية 17.9 مليار دولار، بينما الواردات البترولية كانت في حدود 13.5 مليار دولار، وهو ما يعني وجود فائض بنحو 4.4 مليارات دولار خلال عام 2022، ماذا عن الفائض في إنتاج الغاز وتصديره ثم نفاجئ بتقارير خارجية عن وجود مشاكل فنية في حقل ظهر العملاق، ماذا عن الغاز الإسرائيلي الذي تستورده مصر بكميات ضخمة".
خسائر قطع الكهرباء أكبر من مكاسب قطعها
بشأن استمرار أزمة الطاقة رغم تدفق أكثر من 60 مليار دولار خلال الشعور الثلاثة الماضية، أوضح النجار أن "كل الأموال التي جاءت لا تغطي احتياجات والتزامات مصر الخارجية والداخلية، وبالتالي لا يمكن استخدامها في استيراد الغاز، بسبب تورط البلاد في الديون"، لافتا إلى أن "من الضروري أن تتحلى الحكومة بالشفافية في التعامل مع أزمة الكهرباء، وأن تكشف عن الأسباب الحقيقية وراء انقطاعات التيار المتكررة وإعادة ترتيب أولوياتها".
وحذر الخبير الاقتصادي "من آثار الانقطاع المتكرر والممتد للكهرباء على القطاع الصناعي والزراعي في مصر، وإذا كانت الحكومة توفر 200 أو 300 مليون دولار شهريا فهي تخسر في المقابل أضعاف هذا المبلغ بسبب تكبد شركات ومصانع وقطاعات إنتاجية من بينها قطاعات مهمة مثل إنتاج الأسمدة وصناعة الدواجن خسائر مضاعفة، ورسالة سلبية للمستثمرين".
أعلنت شركة أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية المصرية، الثلاثاء، عن إيقاف مصانعها الثلاثة عن العمل بسبب توقف إمدادات الغاز الطبيعي.
4 أسباب لأزمة انقطاع الكهرباء
حذر أستاذ الطاقة بالجامعات الغربية، عبد الحكيم حسبو، من مغبة أزمة انقطاع الكهرباء في مصر على هذا النحو المثير للجدل، وقال: إن "توفير خدمة الكهرباء المستقرة هو من الأساسيات الضرورية والالتزامات الأساسية للحكومات تجاه المواطنين ولا يجب أن يكون محل مساومة أو يتم توظيفه لأي أغراض سياسية خارجية أو داخلية
وعدد الأزمات التي تواجه مصر في عدم قدرتها على استقرار تشغيل الكهرباء في تصريحات لـ"عربي21" إلى عدة أسباب: "مستحقات الشركات الأجنبية في مجال الطاقة لدى الحكومة المصرية يعرقل جهودها في ضخ المزيد من الاستثمارات، مصر تعطي أولوية للمواطن الغربي في تصدير الغاز إلى أوروبا وتقديم مصالح تلك الدول عن مصالحها واستقرار الإنتاج في المصانع والمؤسسات المصرية، تراجع الإنتاج في أكبر حقل لإنتاج الغاز (حقل ظهر)، وأخيرا عدم وجود أموال ومخصصات لتوفير الغاز".
وكشف رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول إن مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في مصر لدى الحكومة بلغت 9.5 مليار دولار بنهاية حزيران/ يونيو الماضي من 1.6 مليار دولار في آيار/ مايو
في ظل الأزمة الحالية، يبدو أن الحكومة المصرية تواجه تحديًا كبيرًا في احتواء الغضب الشعبي وتقديم حلول ملموسة لأزمة الكهرباء.
يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الأزمة ستؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسات الحكومية أو إذا كانت ستؤدي إلى تصاعد أكبر في التوترات الشعبية.