أوصاف عديدة أطلقها الإسرائيليون على رسائل التحذير المرسلة من لجنة التحقيق في قضية الفساد الخاصة بشراء
الغواصات قبل عشر سنوات إلى رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو ورئيس الموساد السابق يوسي كوهين ووزير الحرب السابق موشيه يعلون، أهمها أنها "قاسية وخطيرة"، وهناك من ابتعد أكثر من ذلك ليعتبرها مقدمة لـ"زلزال سياسي"، لأنه سيكون من الصعب أن نرى كيف سيتم تقديم توصيات قاسية ضد هذه الشخصيات الثلاث، وفي نفس الوقت كيف سيؤثر على فرصة باستمرار عملهم في المجال العام والمناصب الرسمية.
المحامي الأكاديمي ماتان غوتمان خبير القانون الدستوري والإداري بجامعة رايخمان، أشار إلى أنه "طوال العامين الماضيين، كانت لجنة التحقيق الحكومية في قضية شراء الغواصات، التي يرأسها رئيس المحكمة العليا المتقاعد القاضي آشر غرونيس، تعمل بهدوء، وتحت غطاء من السرية، واليوم أسقطت قنبلة قانونية وسياسية، من الصعب تقدير أهميتها وعواقبها وخطورتها، لأن قرارها ورسائلها التحذيرية الأخيرة التي أرسلتها للثلاثة المتورطين في القضية تؤكد أن هناك احتمالا كبيرا بأن يتسبب تقريرها النهائي في زلزال سياسي وقانوني".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
يديعوت أحرونوت" العبرية، وترجمته "عربي21" أنه "يصعب أن نرى كيف سيتصرف نتنياهو ويعلون وكوهين للخروج من هذه الفضية بسلام، لأنه على الجانب النظامي، يبدو من القرار المنشور أن سلاح البحرية حين اشترى هذه الغواصات تصرّف بمعزل عن الجيش ووزارة الحرب لتعزيز المشتريات للبحرية، متجاوزا الآليات العادية فيهما".
وأوضح أن "نص القرار يكشف عن وجود محاولات متكررة من قبل المستوى السياسي ومجلس الأمن القومي للترويج لشراء الغواصات، دون الحاجة لأن يكون هذا الشراء الباهظ متماشيًا مع الاحتياجات التشغيلية التي حددتها الحكومة، وتلك الناشئة عن العمل، أما في ما يتعلق بالموضوع في وزارة الحرب، فقد تم التعامل مع الأطراف الثلاثة من قبل المستوى السياسي ومجلس الأمن القومي بطريقة غير منظمة، وعبر قنوات متناقضة، ودون رقابة، بجانب إخفاء بعض المعلومات عن الجهات المعنية، وكل ذلك شكّل خطرا على أمن دولة
الاحتلال، وأضرّ بعلاقاتها الخارجية".
وأكد أنه "خلافا لما ادعى نتنياهو في رده على قرار اللجنة، وبموجبه كان على حق في قراره شراء الغواصات، لكن الحقيقة التي كشفتها اللجنة أنه لم يتعامل إطلاقا مع متن القرارات وسلطة السلطة التقديرية لدى صناع القرار، صحيح أن لجنة التحقيق لا تبدي أي موقف بشأن مسألة عدد الغواصات المطلوبة للدولة، لكنها ركزت على الإخفاقات في عمليات اتخاذ القرار، دون الدخول في تفاصيل فنية متمثلة في ضرورة شراء سفن من نوع أو آخر".
ولفت إلى أنه "على الجانب الشخصي، ترى اللجنة إمكانية فرض المسؤولية، أو التوصل لاستنتاجات نهائية ستؤثر على المدانين بها: نتنياهو ويعلون وكوهين، والقائد السابق لسلاح البحرية رام روتنبرغ، وقد بدا لافتا أن اللجنة اختارت استخدام لغة قاسية، وكتبت أن سلوك هؤلاء في القضية ما زالت قيد التحقيق، لأنه أدى إلى اضطراب عميق في سير العمل، وبناء القوة، وأضرّ بآليات اتخاذ القرارات في سلسلة من القضايا الحساسة، ومن خلال قيامهم بذلك، فقد عرّضوا أمن الدولة للخطر، ومسّوا بعلاقاتها الخارجية، ومصالحها الاقتصادية".
وأوضح أنه "في ما يتعلق بـ"يعلون"، فقد تصرف بشكل مخالف لقرار حكومي، وتسبب في تأخير إنشاء نظام الدفاع لمنشآت الغاز، بل وقدم، من بين أمور أخرى، تمثيلا كاذبا في إفادة خطية للمحكمة العليا، مفادها أن جهات أخرى، وليس هو، دفعت لشراء سفن ذات خصائص مختلفة وأغلى من المقدمة والموافقة عليها في الحكومة، ما قد يفرض المسؤولية الشخصية، مصحوبة بعنصر الذنب، بموجبها أدى فعله المباشر أو الإغفال إلى كارثة، أو فشل في تقييم إهمال نتائج أفعاله".
عديدة هي الاستنتاجات التي ستخرج بها لجنة التحقيق في هذه القضية الجديدة من الفساد، لكن أخطرها قد يتمثل في عدم صلاحية أي من المتورطين فيها بشغل مناصب وزارية في الحكومة مستقبلا، وهي التوصية التي ستكون الأكثر جدية، لاسيما أن هناك سوابق قانونية وقضائية في دولة الاحتلال بهذا الخصوص، وهذا يعني أن قراراتها النهائية المتوقع صدورها بعد أشهر قليلة ستكون مقدمة لزلزال سياسي وقانوني، ويضع مزيدا من العقبات أمام استمرار نتنياهو شخصيا في مهامه الحكومية، ما سيصب مزيدا من الزيت على نار التوتر الإسرائيلي الداخلي.