أعرب رئيس الوزراء
الباكستاني السابق،
عمران خان، من زنزانته في السجن، عن انتقاداته المتصاعدة لقائد الجيش الباكستاني
عاصم منير، في سعيه للاستيلاء على السلطة السياسية، وذلك وفقا لمصادر متعددة لا تزال على اتصال وثيق مع خان.
وأوضح موقع "
إنترسبت" في تقرير ترجمته "عربي21"، أن الاتصالات تضمنت مزاعم جديدة حول تاريخ خان مع منير، ووفقا لأولئك الذين هم على اتصال برئيس الوزراء المعزول؛ فإن خان يطلق مزاعم جديدة بأن منير انتهك اتفاقا يقضي بالبقاء على الحياد في السياسة الباكستانية مقابل قبول خان بتعيينه قائدا للجيش.
وأفاد الموقع أن رئيس الوزراء المعزول أيضا يزعم أن منير تآمر مع خصومه السياسيين المدنيين، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق نواز شريف، للتعاون ضده مقابل إسقاط تهم الفساد التي أجبرت شريف على الذهاب إلى المنفى.
وأضاف الموقع أن الصراع الشخصي المتصاعد بين خان ومنير يظهر بوضوح في المراسلات. ويزعم خان أن منير أمر عملاء جهاز الاستخبارات الباكستاني سيئ السمعة بقتله وأن الجنرال تستر على محاولات الاغتيال من خلال إحباط تحقيق الشرطة ودفن لقطات كاميرات المراقبة.
وتأتي مزاعم خان بشأن منير في الوقت الذي واصل فيه الجنرال تكديس السلطة السياسية وقيادة حملة قمع وحشية ضد الأحزاب السياسية المنافسة والنشطاء والصحافة في باكستان.
وشملت حملة القمع عزل وسجن خان، السياسي الأكثر شعبية في باكستان، وأعمال العنف والاعتقالات التي استهدفت حزب حركة الإنصاف الباكستانية الذي يتزعمه، بالإضافة إلى تزوير الانتخابات في شباط/ فبراير الماضي.
وأشار الموقع إلى أن مصير خان يبقى أكبر سؤال بلا إجابة في سياسة البلاد التي تشير الرسائل المسربة من السجن إلى أن الدافع وراءها هو العداء بينه وبين منير.
ومع وصول القمع العابر للحدود إلى الولايات المتحدة - حيث ورد أن الجيش اعتقل أفرادًا من عائلات معارضيه الباكستانيين المقيمين في الولايات المتحدة وكندا - فإن حملة القمع تستدعي إدانات متزايدة من المسؤولين الأمريكيين.
وذكر الموقع أن النائب رو خانا، الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، أصدر بيانًا مصورًا، في الأسبوع الماضي، يدين استهداف أفراد عائلات الأمريكيين ودعا إلى فرض عقوبات على القادة العسكريين الباكستانيين بمن فيهم منير.
ونقل الموقع عن خانا قوله: "إن الحاكم العسكري الباكستاني عاصم منير يستهدف الآن عائلات الأمريكيين من النشطاء المؤيدين للديمقراطية. كلنا نعلم جميعًا أن الانتخابات في باكستان تم تزويرها، ولا يزال عمران خان في السجن. يجب على الولايات المتحدة أن تفرض عقوبات على عاصم منير وأي قائد عسكري في باكستان يستهدف الأمريكيين".
محاولات الاغتيال
وأشار الموقع إلى أن خان يزعم في الرسائل المسربة وجود لقطات من كاميرات المراقبة وأدلة أخرى تُظهر أن منير دبر مخططًا لقتل خان أثناء مثوله أمام المحكمة في 18 آذار/ مارس 2023.
وأضاف الموقع أن سيارة خان قد تعرضت للتجمهر من قبل المتفرجين في طريقها إلى المحكمة، ويزعم خان أن بعضهم كانوا عملاء من المخابرات الداخلية يرتدون ملابس مدنية. ويقول خان إن محاولة اغتياله لم يحبطها سوى حشد من أنصار حزب العمال الباكستاني الذين أحاطوا بسيارته.
وذكر الموقع أن خان قدم روايته الخاصة عن حادثة وقعت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 عندما أصيب في هجوم بالرصاص في تجمع سياسي أسفر عن مقتل أحد أنصاره. وقد احتجزت الحكومة الباكستانية شخصًا واحدًا على خلفية الهجوم، وزعم المسؤولون أن الدافع وراءه هو التطرف الديني.
ووفقا لمصادر مقربة من رئيس الوزراء السابق، اتهم خان منير بالوقوف وراء التستر على الحادث. ويزعم أن الجنرال منع إجراء تحقيق مستقل في الهجوم، وأن روايات شهود العيان تشير إلى تورط عدة مهاجمين.
مسرحيات منير السياسية
وبين الموقع أن باكستان كانت رهينة الصدام السياسي بين خان ومنير؛ حيث سُجن رئيس الوزراء السابق بتهم يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مسيسة.
ووفق الموقع، يزعم خان أن منير ساوم خصومه السياسيين المدنيين، بمن فيهم شريف، رئيس الوزراء السابق، على تجنيبهم تهم الفساد. وفي المقابل، دعم السياسيون مثل شريف سجن خان وقمع حزبه.
وأفاد الموقع أن حملة القمع - مثل عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والاعتقالات الجماعية، وغيرها من الإجراءات الكاسحة التي تهدف إلى تفكيك حزب الإنصاف - قد فشلت حتى الآن في إضعاف شعبية خان. ففي الانتخابات التي جرت في شباط/ فبراير الماضي؛ فاز المرشحون التابعون لحزب الإنصاف بتأييد كاسح، وفقًا لاستطلاعات الرأي، قبل أن يسمح التزوير الانتخابي الذي دبره الجيش بتشكيل حكومة ائتلافية من معارضة خان.
وقال الموقع إن خان يصف الأحداث بأنها خيانة من جانب منير. وفي رواية خان، وفقًا للمصادر المقربة منه؛ فإن سقوط رئيس الوزراء جاء بعد أن نكث منير بالاتفاق. ويقول خان إن الرئيس الباكستاني آنذاك عارف علوي، وهو عضو بارز في حزبه، كان لديه القدرة على منع صعود منير إلى أعلى منصب عسكري في البلاد، لكنه سمح له بالمضي قدمًا بعد أن قال مبعوثو الجنرال إنه يعتزم البقاء بعيدًا عن السياسة. ويلعب منير، مثل القادة العسكريين الباكستانيين من قبله، دورًا رئيسيًا في الشؤون السياسية في البلاد.
وأوضح الموقع أن الوضع القانوني لخان لا يزال في حالة تغير مستمر بعد أن ألغت المحكمة اتهامات خطيرة بالفساد والتجسس ضده. ولا يزال رئيس الوزراء السابق مسجونًا الآن فقط بتهمة زواجه من زوجته الثالثة بشكل غير لائق بما يتعارض مع المبادئ التوجيهية الدينية.
وفي الوقت نفسه، لا يزال حزب الإنصاف على خلاف مع المؤسسة العسكرية؛ حيث لم تنجح حتى الآن محاولات التوسط لحل الأزمة السياسية المستمرة في باكستان.
الأزمات وتعميق الحملة
وذكر الموقع أن إقالة خان جاءت من قبل منافسيه العسكريين والمدنيين في تصويت على حجب الثقة سنة 2022، والذي تم تنظيمه وسط ضغوط من الولايات المتحدة بسبب مواقف رئيس الوزراء في السياسة الخارجية.
وقال الموقع إن باكستان تعصف بها أزمات اقتصادية وسياسية متداخلة، منذ الإقالة، والتي أصابت الأمة التي يبلغ عدد سكانها 200 مليون نسمة بالشلل.
وأضاف الموقع أنه حتى مع تهميش خان وحزب الإنصاف، يواصل الجيش محاولاته لقمع التعبير عن الرأي. ففي هذه السنة حجب الجيش موقع إكس وأصدر بيانًا يندد بـ"الإرهاب الرقمي". كما أشار المسؤولون الحكوميون إلى فرض جدار حماية وطني على الإنترنت في البلاد.
وبين الموقع أن مؤيدي خان يعتقدون على نطاق واسع أن سلامته الشخصية في خطر، بما في ذلك الأمريكيون الباكستانيون الذين ضغطوا مؤخرًا على السيناتور تشاك شومر، الديمقراطي عن ولاية نيويورك، للاتصال بالحكومة الباكستانية بشأن سلامته.
وبالإضافة إلى إلقاء اللوم على منير لخيانة ثقته ومحاولة تدبير قتله، أثار خان من السجن مرارًا وتكرارًا شبح أن يقود الجنرال البلاد نحو تكرار التقسيم المؤلم الذي حدث سنة 1971، وهو ما يمثل إحراجًا لاذعًا للقوميين الباكستانيين.
واختتم الموقع تقريره قائلًا إن التقسيم حدث في أعقاب حملة قمع ومجزرة قادها الجيش بعد فوز منافس للجيش في الانتخابات، وأدت الحرب الأهلية إلى انفصال النصف الشرقي من البلاد إلى دولة بنغلاديش.