تراقب أوساط
الاحتلال الاسرائيلي الميل المتصاعد في المواقف
الصينية لصالح الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، لكن اندلاع العدوان على
غزة في أكتوبر 2023 قفز خطاب
بكين تجاه تل أبيب خطوات أكثر عدائية، ما دفع الأخيرة لمحاولة معرفة السبب وراء التوجه الصيني الجديد، وما علاقة الدول العربية والولايات المتحدة بذلك، وماذا يجب على الاحتلال أن يفعله لوقف التدهور الحاصل، بعد أن شهدت علاقاتهما في السنوات الماضية تحسّناً ملحوظا، ولو على الأقل في الجانب الاقتصادي.
توفيا غيرينغ، الباحثة بمركز "ديان وغيلفورد غلاسر" للسياسة الإسرائيلية الصينية، والزميلة في مركز الصين العالمي التابع للمجلس الأطلسي، ربطت هذا التدهور "بانعقاد منتدى التعاون الصيني العربي CASCF هذا العام بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيسه، وعلى مر السنين، أصبح المنتدى منصة للصين لزيادة نفوذها على الدول العربية على حساب الولايات المتحدة والغرب، لكن في الوقت نفسه تؤثر عليه الدول العربية لتبني مواقف متطرفة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقد جاء البيان المشترك هذا العام على خلفية الحرب في غزة، هو الأكثر أحادية وعدائية للاحتلال حتى الآن، ويعكس أدنى نقطة وصلت إليها العلاقات الصينية الإسرائيلية".
وأضافت في ورقة بحثية نشرها معهد دراسات الأمن القومي بجامعة "
تل أبيب"، وترجمتها "عربي21" أنه "طالما استمرت حرب غزة، وتزايد التنافس بين القوى، فمن المحتمل أن تفضل الصين استخدام ورقة الاحتلال الإسرائيلي كعصا للتغلب على الأمريكيين، حتى على حساب الإضرار بالعلاقات الثنائية بينهما، ما يستدعي من الاحتلال الحفاظ على حوار مباشر ومفتوح مع بكين خلف الأبواب المغلقة لتخفيف الاتجاهات السلبية في سياستها، مع العلم أن انحياز الصين ضد الاحتلال ليس جديدا، وترى أن دعمها للفلسطينيين لا يأتي على حساب التعاون الاقتصادي مع الاحتلال".
وأشارت إلى أن "إقامة العلاقات الدبلوماسية بين تل أبيب وبكين منذ 1992، وبقاء القضية الفلسطينية دون حل، جعل الصين مستمرة في تقليدها السياسي المتمثل بزيادة الضغط على الاحتلال، حتى إن المنتدى الصيني العربي المنعقد كل عامين بات يشهد تصريحات ضده أكثر عدائية، بما في ذلك الدعوات المتكررة لـ"وقف الاحتلال"، ورفض "المستوطنات"، ودعم عضوية فلسطين في الأمم المتحدة واليونسكو، حتى جاء البيان الأخير الأكثر تطرفاً، ويكشف عن النقطة المتدنية التي وصلت إليها العلاقات الثنائية، والأكثر تشاؤماً لمستقبلها".
ورصدت الباحثة "إشادات حماس المتصاعدة ببكين، وتمتعهم بالشرعية التي توفرها، ما دفع "المعتدلين" الفلسطينيين لزيادة تشددهم ومواقفهم ضد الاحتلال، مع الحديث المتواتر حول أن "الصين ستقود العالم"، وبينما كشف استطلاع دولي لمركز "بيو" عام 2019 أن إسرائيل من بين الدول الخمس الأكثر تأييدا للصين في العالم، فقد أظهر استطلاع جديد في مايو أجراه معهد دراسات الأمن القومي أن غالبية الإسرائيليين يعتبر الصين حاليا غير ودية 42%، أو حتى معادية 12%، فيما أقلية صغيرة 15% تعتبرها صديقة أو حليفة، وهذه جميعاً معطيات قاتمة".
تكشف هذه الدراسة أنه مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتصاعد التنافس مع الولايات المتحدة، فستواصل بكين استخدام ورقة الاحتلال كـ"عصا" للتغلب على واشنطن، التي تستخدم ورقة حرب أوكرانيا ضدها، صحيح أن للاحتلال مصلحة بالحفاظ على العلاقات مع الصين، لكن ذلك قد يتطلب منه تجنب الإجراءات التي من شأنها أن تفاجئها، ولهذا السبب فإن رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو ووزير الخارجية يسرائيل كاتس لم يردا على الموقف المناهض الذي عبرت عنه منذ بداية حرب غزة، لكنهما في ذات الوقت لم يتحدثا مع نظرائهما هناك، ولم يحضر ممثلون عنها هنا، فضلا عن تحذير رعاياها بعدم زيارة دولة الاحتلال.