تواصل
الضفة الغربية
تنفيذ المزيد من هجمات
المقاومة المسلحة التي أسفرت عن مقتل وإصابة العديد من
الجنود والمستوطنين، لاسيما نتيجة انفجار
العبوات الناسفة القوية، حيث تشهد مدنها
ومخيماتها صناعة متطورة لتطوير وصقل المتفجرات.
وهذه الحالة تذكر
الاحتلال بالتهديد الذي تم تطويره في التسعينيات في الحزام الأمني جنوب لبنان، حيث
يتحدث جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية عن منحنى تعلم سريع جدا للفلسطينيين، وبالتالي
الانتقال إلى مزيد من تدابير الحماية، واعتزام مخابراته على زيادة القدرة على جمع
المعلومات الاستخبارية الأولية.
أمير بار شالوم الخبير
العسكري في موقع
زمان إسرائيل، أكد ان "الأسبوعين الماضيين شهدا فقد جيش
الاحتلال لاثنين من جنوده نتيجة انفجار عبوة ناسفة قوية بالضفة الغربية، في مخيمي
جنين ونور شمس للاجئين الفلسطينيين، وتتحدث القيادة الوسطى في الجيش علنا عن
التهديد الذي تزايد في الأشهر الأخيرة، ما يتطلب من الجيش دخول هذه المناطق بشكل
متكرر من أجل الحفاظ على استمرار العدوان العسكري، في ضوء نجاح الفلسطينيين في
تطوير وإتقان العبوات المزروعة على طول محاور الضفة الغربية".
وأضاف في مقال ترجمته
"عربي21" أن "زراعة العبوات داخل مخيمات اللاجئين والمدن والأحياء
من شأنه التضييق على خطوات الجيش، والحديث يدور عن خلايا محلية تنشأ على أساس محلي
في حي سكني يكون من الصعب الدخول إليه، والتحرك فيه. ولمواجهة هذا التهديد، بدأ
الجيش باستخدام الجرافات المدرعة ومدافع D9 عند كل مدخل
لمخيمات اللاجئين في شمال الضفة، التي تتقدم أمام قوة الجيش، وتزيل الطبقة العليا
من الأسفلت، وقد أدرك المسلحون طريقة العمل هذه، وسرعان ما بدأوا بدفن الشحنات في
عمق الأرض، تحت ارتفاع الأسفلت والتربة التي يكشطها الجرار".
وكشف أن
"الانفجار الأخير في جنين الذي قتل أحد الجنود، زاد وزن العبوة فيه على المائة
كيلوغرام، وتم دفنها على عمق متر ونصف في الأرض، ويتحدث الجيش عن منحنى تعلم سريع
للغاية بالنسبة للفلسطينيين، وأصبح هذا ممكنا بشكل أساسي بفضل الكثير من المعلومات
الموجودة على الإنترنت، لأن جميع العبوات الناسفة في العام الماضي تكونت من متفجرات
بدائية الصنع، وبعضها بدرجة عالية جدا، ومن وجهة نظر الجيش، فهذه مشكلة أساسية".
وزعم أن "هذا
التطور يرجع أساسا إلى سهولة تصنيع المتفجرات التي يمكن تجميعها في المنزل من مواد
ذات استخدام مزدوج كالأسمدة الزراعية وبيروكسيد الهيدروجين والأسيتون والأحماض الصناعية
وغيرها من المكونات المدنية التي يتم نقلها دون رقابة من الاحتلال إلى الضفة
الغربية، بعكس قطاع غزة حيث الحرص على حصر المواد ذات الاستخدام المزدوج من خلال
اللوائح المقيدة، ما قد يدفع الاحتلال لتكرار النموذج في الضفة الغربية اعتبارا
من الآن، مع إنشاء آلية مراقبة لكميات المواد، وأنواعها، والوجهة النهائية التي
تصل إليها".
وأوضح أنه "في
الوقت نفسه، يعيد الجيش فحص حماية المركبات المدرعة لنقل الجنود، والمحمية من
أسفلها ضد الذخائر، وقد تعرض عدد منها في الآونة الأخيرة لأضرار بالغة، وانقلبت،
وتشير التقديرات إلى أن العبوة المدفونة تحت الطريق كانت كبيرة بشكل خاص، وبالتالي
جاءت موجة الصدمة قوية للغاية، وتسببت في نتائج قاتلة، ولذلك يتم اختبار حلول حماية
أكثر تقدما، مماثلة لتلك الخاصة بسلاح المدرعات، بما في ذلك إضافة ألواح فولاذية
في نقاط الضعف على المركبات".
وأكد أن "قيادة
الجيش تركز الآن على التهديدات المستقبلية التي قد تظهر في ميدان الضفة، مثل
صواريخ آر بي جي، وفي هذه الحالة، يشكل هذا تهديدا مميتا لقواته، عندما لا يكون
المستوى الحالي لحماية المركبات كافيا، في ضوء نجاح الإيرانيين بنقل العبوات
الناسفة والصواريخ عبر غور الأردن الذي يعتبر نقطة ضعف للاحتلال، بعد أن واجه
الجيش الآلاف منها في جنوب لبنان في سنوات سابقة، ما سيدفعه لزيادة القدرة على
جمع المعلومات الاستخبارية الأولية في ما يتعلق بالمواقع المتفجرة".
وكشف أنه "لهذا
الغرض، فإن وحدة القمر الصناعي 9900 في جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، على وشك
البدء بالعمل في الضفة الغربية قريبا، ويفترض أن تؤدي القدرات المتقدمة للوحدة
لبناء صورة استخباراتية أكثر دقة وأفضل في الوقت الفعلي بفضل التكنولوجيا المتقدمة
لما يسميه الجيش السيطرة على الأراضي...
أضف إلى ذلك القدرة على
مراقبة مناطق معينة بشكل مستمر، واستخدام تقنيات التحليل، ودمج المعلومات المتقدمة
للغاية، لا يمكن الخوض في تفاصيلها لأسباب أمنية، لكن دراسة البيانات الرقمية
لصناعة المتفجرات في الضفة منذ بداية العام ترسم صورة مثيرة للقلق لجيش الاحتلال،
حيث فجّر أكثر من 50 معمل إنتاج؛ وإلقاء أكثر من 1000 عبوة ناسفة على قواته،
وتحييد 150 عبوة تحت الأرض تحت البنية التحتية المدنية من المباني والطرق".
وتشير هذه الأرقام
التي ينشرها جيش الاحتلال إلى اتجاه واضح مفاده أن التهديد في الضفة الغربية يمر
بمرحلة انتقالية، من المقاومة الشعبية إلى المقاومة المتطورة والقاتلة.. صحيح أنها
لم تصل بعد إلى حجم وكمية ونوعية جيش حماس منذ السابع من أكتوبر، لكنها بالتأكيد تشكل تهديدا كبيرا للاحتلال، لأن نسيج الحياة في الضفة الغربية، على عكس قطاع غزة،
متشابك بين الفلسطينيين والمستوطنين، وفي المرحلة التالية سيواجه الإسرائيليون حين
يستخدمون الطرق العامة فيها نتائج وخيمة وقاتلة.