انطلقت أعمال
قمة زعماء حلف شمال الأطلسي "ناتو" بمراسم احتفال بالذكرى السنوية الـ 75
لتأسيس الحلف في العاصمة الأمريكية واشنطن، وبمشاركة زعيم 32 دولة عضوا حيث تستمر
لمدة 3 أيام.
وفي الجلسة
الأولى بعد التقاط الصورة العائلية في 10 تموز/ يوليو، يناقش الزعماء القضايا
المتعلقة بتحسين قدرات الدفاع والردع لحلف شمال الأطلسي.
وقال المعلق في
صحيفة "
واشنطن بوست" إيشان ثارور، في تقرير، إن قمة
الناتو المنعقدة في واشنطن لن
تلتفت كثيرا للحرب في
غزة مع أنها "الفيل في الغرفة" فكل الاهتمام سيوجه
نحو أوكرانيا.
ففي قاعة
المؤتمرات في وسط واشنطن، سيخيم موضوع واحد على اجتماعات قادة دول الناتو، وهو
أوكرانيا ومأزقها وهي تكافح ضد الغزو الروسي. ومع أن قادتها لن يخرجوا من قاعة الاجتماعات
بدعوة رسمية للانضمام إلى الناتو، إلا أن المسؤولين الأمريكيين وشركاءهم يناقشون
مجموعة من الالتزامات السياسية والعسكرية لمساعدة أوكرانيا على حرف مسار الحرب إلى
صالحها، حسب التقرير.
وظهر إلحاح
اللحظة بعد قصف روسيا مستشفى للأطفال بالصواريخ في كييف. ويناشد القادة
الأوكرانيون الولايات المتحدة وحلفاءها بتزويدهم بمنصات دفاعية وذخيرة قادرة على وقف
وابل الصواريخ والمسيرات الروسية.
وقال رئيس هيئة
الأركان الأوكرانية، أندريه يرماك، للصحفيين في واشنطن قبل انعقاد القمة "نتطلع
لبعض القرارات الجدية من قمة واشنطن وفيما يتعلق بأنظمة دفاع تقوية لأنها واحدة من
أهم اللحظات الحرجة". وكشف الرئيس جو بايدن الثلاثاء عن خطط لتزويد
أوكرانيا بدفاعات جوية إضافية، مع أن البيان الختامي للناتو الذي سيوقعه كل
المشاركين قد يناقش طريق انضمام أوكرانيا في الناتو "لا يمكن التراجع
عنه"، إلا أن جدولا زمنيا لم يحدد لهذه العملية. ويبدو بايدن مترددا بشأن ضم
كييف إلى التحالف الدفاعي وأمر مساعديه بتضمين عبارات في الوثيقة النهائية التي
تؤكد على ضرورة تحقيق تقدم سياسي وإصلاحات تتعلق بمكافحة الفساد والواجب تحقيقها
قبل اتخاذ القرار النهائي.
ويعلق ثارور أن
موضوعا آخر يخيم فوق قمة الناتو وبعيدا عن المداولات بشأن أوكرانيا. فمنذ 7 تشرين
الأول/أكتوبر، شن الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة جذبت انتباه العالم
وحرفته عن الغزو الروسي وأشعلت المشاعر بشأن النفاق الغربي. وأشار عدد كبير من
النقاد إلى الفجوة بين الغضب الأمريكي والأوروبي على الضربات الروسية للمستشفيات
في أوكرانيا وقبولهم النسبي بالضربات الإسرائيلية المتكررة للمنشآت الطبية
والمدارس في الحرب ضد حركة حماس.
ومع ذلك فلن
تثير غزة اهتماما كبيرا في قمة الناتو هذا الأسبوع، مع أن دولة عضوا تريد أن تتحدث
عنها، فقبل وصوله إلى واشنطن، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان ناقدا
حادا للاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب، إنه يريد أن يثير موضوع الحرب الكارثية
في غزة ويضعه في مركز اهتمام القمة، وفقا للتقرير.
وفي بيان تحسر
فيه على "فشل المجتمع الدولي لوقف الاحتلال الإسرائيلي في هذا الوضع
الخطير" وقال فيه إن "من المستحيل تخليص الضمير الدولي بدون سلام عادل
ومنصف للفلسطينيين". لكن هذا السلام، لا يبدو قريبا في الشرق الأوسط ولا في
أوكرانيا، والتي يأمل قادتها بأن يغيروا مسار الحرب لصالحهم، لكن في غياب الضغط
الحقيقي من الغرب على بنيامين نتنياهو أو شجب بعض أفعال الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين،
فإن تبني الناتو لأوكرانيا يبدو صارخا كما ناقش عضو بارز في الوفد التركي. وقال نعمان قورتولموش، رئيس البرلمان التركي وأحد حلفاء أردوغان: "النفاق
واضح والمعايير المزدوجة".
وأضاف في مقابلة
مع الكاتب يوم الاثنين: "هذا نوع من العنصرية لأنك لا تقبل مساواة الضحايا
الفلسطينيين بالضحايا الأوكرانيين، ويعني أنك تريد إقامة تسلسل هيكلي في داخل الإنسانية،
وهذا غير مقبول".
ويقول ثارور إن
قصفا إسرائيليا على غزة أدى لأنقاض وركام أكثر مما خلفته سنوات الحرب في أوكرانيا.
وتم تسوية المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية بالتراب. ولو بدأت عملية إعادة
الإعمار، فإنها ستستغرق عقودا طويلة. وقد أجبر معظم الغزيين على ترك بيوتهم ومساكنهم
وأدى لأزمة إنسانية مستشرية وتحذيرات من خبراء الأمم المتحدة من مجاعة. وقتلت
الحرب قريبا من 40,000 شخص حسب السلطات المحلية وتقديرات الأمم المتحدة. وقدرت
المجلة الطبية البريطانية، لانسيت، عدد الضحايا الحقيقيين نتيجة الحرب وعوامل أخرى
مثل الجوع والمرض بحوالي 186,000 شخص، أي نسبة 8% من سكان غزة.
وفي وضع كهذا
عبر قادة ما يسمى عالم الجنوب عن عدم ارتياحهم. وكتب الرئيس الإندونيسي المنتخب
بداية العام الحالي برابو سوبيانتو: "عندما غزت روسيا أوكرانيا، قاد الغرب
حملة شجب عالمية، وطالب العالم بشجب روسيا باسم حقوق الإنسان والقانون
الدولي" و"اليوم، تسمح الدول نفسها بحدوث نزاع دموي، وهذه المرة في
غزة".
وفي تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي رفض الأمين العام السابق للناتو
يان ستولتنبرغ تهمة المعايير المزدوجة قائلا "لم تمثل أوكرانيا أي تهديد أبدا
لروسيا" و"الغزو الروسي لأوكرانيا لم يكن مبررا، وكان غزوا شاملا،
وبالطبع فلأوكرانيا الحق بالدفاع عن نفسها ضد هجوم غير مبرر دفاعا عن وحدة
أراضيها"، وفقا للتقرير.
وتبنى خليفة
ستولتنبرغ، مارك روته، رئيس الوزراء الهولندي السابق خطا محرجا ومرتبكا من الشرق الأوسط.
فقد عبر عن نقد لطريقة الحرب الإسرائيلية في غزة، لكن النقاد اتهموه وحلفاءه بقمع
الشجب الداخلي في الحكومة ضد إسرائيل. ربما من أجل تأمين طريقه نحو قيادة الناتو،
وقد نفى روته هذه الاتهامات. لكن مذكرة داخلية سربت وكتبها الملحق العسكري
الهولندي في تل أبيب اتهم فيها فعليا إسرائيل بالتخطيط لارتكاب جرائم حرب، واقترح
فيها أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "ينوي عمدا التسبب بدمار كامل للبنى التحتية
والمراكز المدنية".
وقال وزير
الدفاع في حينه أن المذكرة لا تعكس السياسة الرسمية ووصف بعض ما ورد في التقرير
بأنها "مجحفة". ولكن التسريب في حد ذاته، هو صورة عن السخط الأوروبي
المستمر مع طريقة إدارة إسرائيل الحرب، وهو سخط يهدد بأنه يصبح واضحا مع مرور
الوقت. ولكن لا تتوقع أن تسمع عنه في قمة واشنطن هذا الأسبوع، بحسب التقرير.