انتقد
مرشحون للانتخابات الرئاسية في
تونس، ما
قالوا إنه مضايقات شديدة أمام كل المترشحين لهذه المحطة الانتخابية، ودعوا السلطات
في بلادهم إلى ضرورة احترام شروط العملية الانتخابية وضمان نزاهتها، وتمكين جميع
المرشحين من الفرص المتساوية لذلك.
جاء ذلك في بيان وقع عليه 11 مرشحا
للانتخابات الرئاسية، اشتكوا من مضايقات شديدة وعراقيل تضعها السلطات الرسمية أمام
الراغبين في المنافسة الانتخابية.
وطالب الموقعون على البيان بتحييد الإدارة
ومنع استعمال مؤسّسات الدّولة عموماً، وسلك العمد والمعتمدين والولاة خصوصاً، في
تجميع التّزكيات لصالح مرشّح بعينه وتسخيرها في أيّ حملة انتخابية.
كما دعوا المؤسّستين العسكريّة والأمنية
إلى الاضطلاع بواجباتها الوطنيّة والتزام الحياد في كلّ ما يحيط بالعمليّة
الانتخابيّة، وصولاً إلى ضمان حماية صناديق الاقتراع من أي تلاعب ممكن، هذا في حال
ما توفرت الظروف الموضوعية في شروطها الدنيا لإجراء
انتخابات تعددّية نزيهة يتنافس
فيها الجميع دون قيد أو شرط.
وقال الموقعون على البيان: "تعيش
بلادنا على وقع مسار الانتخابات الرئاسيّة المرتقبة في تونس خلال شهر أكتوبر من
هذا العام، وقد تعدّدت الانتهاكات والتجاوزات فطالت جلّ المترشحين الجديين
المعنيين بهذا الاستحقاق الوطني، حتّى صارت تشي بوجود رغبة جليّة في إقصائهم، ما
صار يهدّد مصداقيّة العمليّة من أساسها".
وأضاف البيان: "أمام هذا الوضع الذي
يضرب أبسط مقوّمات التّنافس النّزيه، تؤكد الشخصيات الموقعة في أسفل البيان، أنّها
وإن تواجهت في المنافسة في الاستحقاق الانتخابي، فإنّها تلتقي في القيم الوطنيّة
والديمقراطية واحترام الشعب كصاحب الكلمة الفصل في اختيار من يمثّله، وفي حرصها
على ضمانها نزاهة هذه الانتخابات كشرط أساسي لنجاحها".
وندّد الموقعون على البيان بما قالوا إنه
"مضايقات تعسفيّة وهرسلة أمنية طالت العديد من النشطاء المنخرطين في حملات
تجميع التزكيات"، وذكروا أنها بلغت حدّ اعتقال العديد من المنسّقين وافتكاك
التزكيات، وحمّلوا وزير الداخلية وكاتب الدولة للأمن مسؤوليّة هذا الخروج عن
الحياد، وطالبوهم بالإفراج عن الموقوفين وإرجاع ما حجز من تزكيات.
وشدّد البيان على أنّ حرمان أغلب المترشحين
للانتخابات من حقهم في الحصول على بطاقة السوابق العدلية هو انتهاك لحقّ دستوري
ومدني، كما يفتح الباب لتدخّل وزارة الدّاخليّة ولتوظيف أجهزة الدولة في العمليّة
الانتخابيّة بشكل غير قانوني يتناقض وأبسط قواعد الحقوق السياسيّة والمدنيّة.
وتؤكّد أنّه كان باستطاعة هيئة الانتخابات أن تطلب هذه البطاقة مباشرة من مصالح
وزارة الدّاخليّة لاجتناب مثل هذا الانحراف والتّوظيفات.
ودعوا إلى منح البطاقة عدد 3 فورا لجميع
المترشحين، وذكّروا بأنّ "الحرمان من الحقوق المدنيّة والسياسيّة لا يكون إلا
بحكم قضائي تكميلي وبات، وهو ما لا ينسحب على جميع المترشحين".
وحمّل المترشحون للرئاسيات في تونس، هيئة
الانتخابات، والتي أعلنت ولاية كاملة على هذا المسار، مسؤولية تعقيد الإجراءات
والشّروط، بما يخالف النّصوص النّافذة والقانون الانتخابي، بالإضافة إلى الخروقات
الخطيرة المسجلة والصّمت المريب الذي رافق الأيام الفارطة رغم صيحات الفزع
والتنديد التي أطلقها العديد من المترشحين، وتعتبر أنّ هذا السكوت غير المبرّر
يرتقي إلى مرتبة التواطؤ مع إرادة خفيّة تهدف إلى تحويل السباق الانتخابي إلى
مسخرة وجريمة في حقّ الشعب التونسي.
ودعوا هيئة الانتخابات إلى التعويض في فترة
جمع التزكيات، احتراماً للرزنامة الانتخابية، وباعتبار أن مدّ المرشّحين
بالتّزكيات لم ينطلق فعليّاً إلا يوم 10 تموز / يوليو الماضي، كما طالبوا الهيئة
بضرورة السهر على حريّة المواطنين في تزكيّة أيّ مرشح واحترام معطياتهم الشخصية
بعيدا عن التخويف والترهيب.
ودعوا كلّ وسائل الإعلام التونسيّة إلى
القيام بدورها في الإخبار ومناقشة البرامج الانتخابية وتنظيم المناظرات بين
المترشحين في كنف الموضوعيّة والإنصاف وتكافؤ الفرص، وحثوا الإعلام العمومي
المموّل من أموال دافعي الضرائب على الخروج من جلباب الإعلام الرئاسي وذلك بفتح
المنابر مركزيا وجهويا في كنف الحريّة والاستقلاليّة والمساواة واحترام أخلاقيات
المهنة وحقّ الجمهور في الحصول على المعلومات الموثوقة التي تهمّ كلّ المترشحين.
كما دعا الموقعون على البيان المحكمة
الإدارية إلى القيام بدورها التاريخي في ظلّ التغييب المتعمد للمحكمة الدستورية
تجنبا لأيّ تأويلات أحادية للدستور والقوانين سارية المفعول بشكل قد يتماشى ورغبات
البعض في إقصاء جلّ المرشحين الجديين لصالح مرشح بعينه.
ودعوا القضاء التونسي إلى تكريس العدل
والإنصاف والعمل في كنف الاستقلالية دون أي ضغط سياسي وتمكين الشخصيات التي تقبع
في السجن في قضايا سياسيّة من حقها الدستوري في الترشح لخوض الانتخابات، وأكدوا
أنّ الشعب التونسي هو وحده المخوّل لإقصاء أي مرشح من السباق وذلك عبر صناديق
الاقتراع.
وأهاب المرشحون للرئاسيات بالشعب التونسي
ممارسة مواطنته وحقوقه الدستوريّة في التزكية والاقتراع ودعم أي مرشح يراه جديرا
في كنف الحريّة لاختيار رئيس قادم للبلاد قطعا للطريق أمام ما قالوا إنه "محاولات
تصحير المشهد الانتخابي وفرض الوصاية والإقصاء لتعبيد الطريق لمرشح دون غيره"، وأكدوا أنّ "الانتخابات الديمقراطية هي الوحيدة القادرة على إخراج البلاد من
أزمتها السياسيّة وحسم الصراعات بناء على البرامج والأفكار لا التشويه والإقصاء".
كما شدّدوا على أنّه "في حال غياب الحدّ
الأدنى من احترام الحدود الدّنيا لظروف المنافسة النّزيهة والنّأي باستعمال
المؤسسات الرّسميّة للتّأثير بشكل مباشر وسافر في عملية تقديم التّرشّحات، أو في
قادم المحطّات من المسار الانتخابي، مع ضمان المساواة في التّعاطي بين جميع المتنافسين،
فإنّهم يخشون من أن يتحوّل الاستحقاق الانتخابي إلى مسرحيّة شكليّة فاقدة لأي
مصداقيّة، وهو ما أكد المرشحون رفضهم أن يكونوا طرفاً فيه، وهو ما يجعلهم يبقون
على جميع الخيارات المواطنيّة مفتوحة لضمان حماية المسار الانتخابي مما يشهده من
انحراف"، وفق البيان.
ووقع على البيان كل من: الصافي سعيد، ذاكر
لهيذب، عبد اللطيف المكي، عماد الدايمي، غازي الشواشي، كمال العكروت، لطفي
المرايحي، مراد المسعودي، نزار الشعري، ناجي جلول.
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات
في تونس، الاثنين الماضي، بدء فترة استلام ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية
المقرّرة في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر، في تصريحات
إعلامية بمقرها بالعاصمة تونس، إن "فترة قبول ملف الترشحات للرئاسية تنطلق
اليوم وتتواصل إلى غاية يوم 6 أغسطس/ آب الجاري، من الثامنة صباحا إلى السادسة
مساء (بالتوقيت المحلي) دون انقطاع".
وأضاف: "تلي فترة قبول ملفات الترشح،
فترة البتّ في الملفات من قبل الهيئة، وذلك من 7 إلى 10 أغسطس الجاري".
وبحسب بوعسكر، فإن "مجلس الهيئة (أعلى
هيكل فيها) ينظر يوم 11 أغسطس الجاري في الملفات، ويعلن رسميا عن قائمة المترشحين
المقبولين أوليا، وبلوغ مرحلة حاسمة في المسار الانتخابي بمعرفة المقبولين والمرور
لمرحلة إمكانية وجود طعون في الترشحات، وبعدها الدخول في مرحلة الحملة الانتخابية".
وفي 2 يوليو/ تموز الماضي، دعا الرئيس قيس
سعيد الناخبين إلى انتخابات رئاسية في 6 أكتوبر المقبل.
وفي 19 يوليو الماضي، أعلن سعيد ترشّحه
للانتخابات المرتقبة، وكان قد فاز بولاية مدتها 5 سنوات في أكتوبر 2019.
وأعلنت جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف
للمعارضة التونسية في أبريل/ نيسان الماضي أنها لن تشارك في الانتخابات، بداعي
"غياب شروط التنافس".
وقاطعت المعارضة كل الاستحقاقات التي
تضمنتها إجراءات استثنائية بدأها سعيد في 25 يوليو 2021، وأوجدت أزمة واستقطابا
سياسيا حادًّا.
وشملت هذه الإجراءات حلّ مجلسي القضاء
والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي،
وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات
"انقلابا على دستور (2014) الثورة وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها
قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس
آنذاك زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).
إقرأ أيضا: رسميا.. تحديد موعد الانتخابات الرئاسية بتونس في أكتوبر القادم