انتقدت شخصيات
تونسية معارضة؛ وضع الحريات في تونس، مع انطلاق التنافس على الرئاسة في البلاد، مؤكدين أن انتهاكات "طالت معظم المرشحين الجادين إلى
درجة تشير إلى الرغبة في استبعادهم من
الانتخابات المقرر إقامتها في تشرين الأول/
أكتوبر، وتقييدهم من أجل إفساح المجال لمرشح معين".
ونشر موقع
"
أفريقيا إكسبوننت" تقريرًا سلط الضوء على المشهد السياسي المثير للجدل
في تونس مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 6 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث وجّهت أحزاب المعارضة والمرشحون للرئاسة ومنظمات حقوق الإنسان اتهامات خطيرة
للسلطات باستخدام "
قيود تعسفية" وأساليب ترهيبية لضمان إعادة انتخاب
الرئيس الحالي قيس سعيّد.
وقال الموقع، في
هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21”، إن هذا الجدل جاء في أعقاب إعلان سعيّد في
19 تموز/ يوليو ترشّحه لولاية أخرى مدتها خمس سنوات. وقد واجه سعيّد، الذي انتُخب
لأول مرة في سنة 2019، انتقادات بسبب حل البرلمان في سنة 2021 والحكم بمرسوم، وهي
إجراءات وصفتها المعارضة بالانقلاب. وقد أدى تصريحه بأنه لن يتخلى عن السلطة لمن
يعتبرهم "غير وطنيين" إلى زيادة المخاوف بشأن العملية الديمقراطية.
وفي الوقت الذي
يقترب فيه الموعد النهائي لتسجيل المرشحين في 6 آب/ أغسطس بسرعة كبيرة، أصدرت 11
شخصية معارضة تطمح إلى تحدي سعيّد بياناً مشتركاً ينتقد السلطات، أشاروا فيه إلى
أن الانتهاكات "طالت معظم المرشحين الجادين إلى درجة تشير إلى الرغبة في
استبعادهم (من الانتخابات) وتقييدهم من أجل إفساح المجال لمرشح معين".
وأوضح الموقع أن
إحدى نقاط الخلاف الرئيسية تتمثل في الشرط الجديد الذي يفرض على المرشّحين الحصول
على وثيقة تثبت خلوّ سجلهم من سوابق جنائية (بطاقة عدد 3). وحتى الآن لم يحصل أي
من مرشحي المعارضة الـ 11 على هذه الوثيقة المهمة ما يعيق فعلياً قدرتهم على
التسجيل. وقد ذكر المتحدث باسم لجنة الانتخابات أن وزارة الداخلية ستتواصل بالمرشحين
لتقديم الوثائق اللازمة، ولكن لم يتم تحديد جدول زمني لذلك.
وما زاد من حدة
الجدل أن 17 منظمة غير حكومية، بما في ذلك رابطة حقوق الإنسان إلى جانب ستة أحزاب
معارضة، يدقون ناقوس الخطر بشأن سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام العامة والقضاء
ولجنة الانتخابات. وحذّر بيانهم المشترك من أن "مناخ الترهيب الحالي
للمعارضين والصحفيين من خلال استخدام القضاء ولجنة الانتخابات لخدمة مصالح السلطات
وانعدام تكافؤ الفرص لا يوفر ضمانات لانتخابات حرة ونزيهة".
وأبرزت الحالات
الفردية المزيد من التوترات، فقد ذكر المرشح الرئاسي نزار الشعري أنه تم اعتقال
مدير حملته الانتخابية وأحد المتطوعين في حملته الانتخابية، وأن الشرطة صادرت
التوقيعات التي تؤيّد ترشحه. وبينما يزعم مكتب المدعي العام أن الاعتقالات تتعلق
بمصادرة قاعدة البيانات وتزوير التأييدات، فإنها تنفي حملة الشعري هذه الاتهامات.
وأضاف الموقع أن
شخصيّات معارضة أخرى واجهت تحديات قانونية أيضًا، فقد حُكم على لطفي المرايحي، وهو
زعيم حزب معارض ومن أشد منتقدي سعيّد، بالسجن ثمانية أشهر بتهمة شراء الأصوات،
ومُنع من الترشح للانتخابات الرئاسية مدى الحياة. أما المرشح الآخر، عبد اللطيف
المكي، فقد منعه قاضٍ من الظهور الإعلامي والسفر.
أدت هذه
التطورات إلى دعوات للتحرك من داخل المؤسسة السياسية، فقد حثت هالة بن جاب الله،
رئيسة لجنة الحريات في البرلمان، على رفع القيود المفروضة على المرشحين، ودعت لجنة
الانتخابات إلى الحفاظ على الحياد في دورها.
ومن جانبها،
رفضت هيئة الانتخابات اتهامها بالتحّيز وأصرت على أنها تؤدي واجباتها بحيادية، لكن
هذه الادعاءات والقيود المتصاعدة تلقي بظلالها على نزاهة الانتخابات المقبلة
وعدالتها.
وأفاد الموقع
بأن المجتمع الدولي يراقب عن كثب بينما تخوض تونس هذه الفترة السياسية المضطربة،
ومن المرجح أن يكون لنتائج هذه الانتخابات والطريقة التي ستُجرى بها تداعيات كبيرة
على المسار الديمقراطي في تونس وعلاقاتها مع شركائها الدوليين.
ومع بقاء أقل من
شهرين على موعد الانتخابات، تتزايد الضغوط على جميع الأطراف لضمان إجراء عملية
انتخابية حرة ونزيهة وشفافة تدعم مبادئ الديمقراطية التي سعت تونس إلى ترسيخها منذ
ثورتها في سنة 2011.