أعلنت الحكومة البريطانية، الأحد، أنها ستوفر تدابير أمنية إضافية للمساجد التي تطلب الحماية على خلفية أعمال العنف المتصاعدة من قبل جماعات يمينية متطرفة.
وذكرت وزارة الداخلية في بيان، أنه سيتم توفير تدابير أمنية إضافية للمساجد التي تبلغ عن تهديدات يمينية متطرفة من خلال لائحة إضافية وضعت لـ"خطة الأمن الوقائي للمساجد" التي تم تفعيلها العام الماضي من أجل
المساجد والمدارس الإسلامية. وتشمل التدابير توفير أمن شرطي إضافي للمساجد التي تبلغ عن التهديدات في أقرب وقت ممكن.
بدورها، قالت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر في بيان إن "
بريطانيا بلد فخور ومتسامح ولا ينبغي لأحد أن يبرر الأعمال المشينة التي يقوم بها المشاغبون والبلطجية والجماعات المتطرفة التي تهاجم أفراد الشرطة وتنهب المتاجر أو تهاجم الناس على أساس لون بشرتهم".
وشددت كوبر على أنه لا يمكن التسامح مع الجريمة والتطرف الخطير والهجمات العنصرية ضد كل ما تدافع عنه بريطانيا.
كما أوقفت السلطات البريطانية 92 شخصا بعد أعمال عنف قام بها متطرفون يمينيون في أنحاء مختلفة من البلاد وفي أيرلندا الشمالية.
جاء ذلك بحسب بيانات لأقسام الشرطة المسؤولة عن مناطق ليفربول وهال وبريستول وبلاكبول وبريستون وبلاكبيرن وستوك أون ترينت بشأن الاحتجاجات التي بدأت مطلع الأسبوع الفائت.
وزادت أعمال العنف بعد الحادثة التي وقعت في الإثنين الماضي٬ عندما قتل ثلاث فتيات صغيرات في حادثة طعن مأساوي٬ وهن بيبي كينج (6 سنوات)، إلسي دوت ستانكومب (7 سنوات)، وأليس داسيلفا أجويار (9 سنوات).
في مساء الثلاثاء الماضي، وقعت اشتباكات عنيفة خارج مسجد في مدينة ساوثبورت بعد حادثة الطعن٬ وقام مثيرو الشغب بتنظيم احتجاجات خارج المسجد للتعبير عن آرائهم
اليمينية المتطرفة، مستغلين المعلومات المضللة المنتشرة على الإنترنت والتي ادعت أن المهاجم البالغ من العمر 17 عامًا مسلم، لتبرير تصرفاتهم العدائية.
واستغل أنصار اليمين المتطرف الحادثة لإثارة العنف في ساوثبورت، حيث هاجمت مجموعات منهم المسجد في المدينة، وأضرموا النار في سيارات الشرطة، واستهدفوا الضباط وعناصر الشرطة.
وفي بيان صدر مساء الثلاثاء الماضي، ذكرت شرطة ميرسيسايد أنها تعتقد أن رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL) تقف وراء هذه الاضطرابات.
وفي أول رد فعل دولية على أحداث العنف٬ حذرت ماليزيا مواطنيها من السفر إلى بريطانيا بعد تصاعد أعمال العنف ضد
المسلمين والمهاجرين والتي يقودها اليمين المتطرف في البلاد.
رابطة الدفاع البريطانية اليمينية المتطرفة (EDL)
تأسست رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL) في عام 2009 وهي مجموعة يمينية متطرفة معادية للإسلام، وجذبت العديد من أعضائها الأوائل من مشجعي نادي لوتون لكرة القدم.
وقاد الرابطة المواطن البريطاني ستيفن ياكسلي لينون، الشهير بتومي روبنسون، بشكل غير رسمي بين عامي 2009 و2012، وخلال هذه الفترة سُجن عدة مرات بسبب سلوكياته العدوانية.
بعد خروجه من السجن في قضية جنائية مكث فيها ١٢ شهرا٬ أعلن روبنسون أنه بدأ يهتم أكثر بالسياسة، وأصبح كل حديثه عما يسميه "التهديد الإسلامي" في مدينة لوتن، وكان يدعي أن الشرطة لا تقوم بأي شيء من مواجهة هذا التهديد.
ووصف روبنسون الإسلام بأنه "مرض وتهديد لأسلوب حياتنا"، وفي مقال كتبه عام 2016، قال: "أنا لا أنتمي إلى اليمين المتطرف، أنا فقط ضد الإسلام. أعتقد أنه دين متخلف وفاشي." كما اعتبر أن أزمة اللاجئين التي اندلعت في عام 2014 ليست سوى "غزو إسلامي لأوروبا" ولا تتعلق باللجوء.
وفي البداية كانت تنحصر معظم أنشطة الرابطة في مظاهرات ذات طابع عنصري٬ ففي عام 2010، برزت توجهاتها المعادية للإسلام عندما بدأ أعضاؤها في ترديد شعارات تسيء إلى الذات الإلهية والنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، بالإضافة إلى تبادل التحية النازية فيما بينهم.
ورغم تقييد محتوى روبنسون العنصري والمعادي للعرب والمسلمين وحذف حساباته من على منصات التواصل سابقا٬ إلا أن للرابطة حضور قوي على وسائل التواصل الاجتماعي.
ففي عام 2017، كشفت زوجة المتطرف الذي هاجم مسجد "فينسبري بارك" وحاول دهس المصلين أن زوجها تأثر بشكل كبير بالمحتوى والأفكار التي ينشرها تومي روبنسون على الإنترنت، مما أدى به إلى اتخاذ قرار مهاجمة المسلمين.
كما انتشر على مواقع التواصل صور ومقاطع فيديو لروبنسون وهو يعلن دعمه لجيش
الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي العام الماضي، نظم المتظاهرون اليمينيون احتجاجًا معارضًا للمسيرات المؤيدة لفلسطين التي جرت في يوم الهدنة، مما تسبب في اشتباكات مع الشرطة واعتقال 145 شخصًا.
عقب هذه الأحداث، صرح رئيس الوزراء آنذاك ريشي سوناك: "أدين المشاهد العنيفة غير المقبولة تمامًا التي رأيناها اليوم من رابطة الدفاع الإنجليزية والجماعات المرتبطة بها".
الاحتلال الإسرائيلي يحرق بريطانيا
ووفقا للبروفيسور البريطاني وأستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة بريستول سابقًا ديفيد ميلر٬ فإن الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يقف خلف التحركات الأخيرة لرابطة الدفاع البريطانية٬ وذلك لمحاولة زعزعة الأمن في بريطانيا ومعاقبة المسلمين فيها بسبب خروجهم في مظاهرات أسبوعية تعكر صفو السياسيين في إسرائيل وتزيد الضغط على الحكومات والمؤسسات الدولية.
ويضيف ميلر في منشور على حسابه الرسمي على منصة إكس: "ما الذي يسبب أعمال الشغب المعادية للإسلام في جميع أنحاء المملكة المتحدة، ولماذا الآن؟ تم التحريض على أعمال الشغب من قبل الأصولي الصهيوني ستيفن ياكسلي لينون (تومي روبنسون)، الذي يعمل لصالح دولة إسرائيل منذ عام 2009 كجزء مما يسمى بحركة الإسلاموفوبيا التي أنشأتها تلك الدولة".
وتابع: "عندما تأسست رابطة الدفاع الإنجليزية، في عام 2011، بعد عامين من إنشائها، تم تسميتها برابطة الدفاع الإنجليزية واليهودية. وكانت رابطة الدفاع اليهودية، وهي منظمة إرهابية صهيونية، جزءًا رئيسيًا من أعمال البلطجة العنيفة المعادية للإسلام في الشوارع في بريطانيا على مدار العقد الماضي".
وأكد أن: "ياكسلي لينون هو أحد أبرز الممثلين في برنامج المؤثرين عبر الإنترنت التابع لدولة إسرائيل ردًا على عملية طوفان الأقصى. هو وآخرون، مثل أولي لندن ونوعا تيشبي وهين مازيغ وأرسين أوستروفسكي وإميلي شريدر وغيرهم الكثير ممن يحصلون على أموال مقابل الترويج للدعاية الصهيونية، والتي تعتبر التصدي للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين وزرع الإسلاموفوبيا هدفين مهمين ومترابطين".
كما قال أستاذ علم الاجتماع السياسي: "ينبغي النظر إلى أعمال الشغب الأخيرة المعادية للإسلام في المملكة المتحدة على أنها المرحلة الأخيرة من حرب دولة إسرائيل على المسلمين البريطانيين، الذين تعتبرهم مصدر حركة الاحتجاج في المملكة المتحدة. تهدف أعمال الشغب هذه إلى معاقبة المسلمين على مشاعرهم المعادية للصهيونية بعد إحباط أساليب أخرى مختلفة لقمع معارضة دولة إسرائيل للصهيونية".
وأكد أن كل محاولات دولة الاحتلال لاستخدام "أصولها ونشطائها في الطبقة السياسية والإعلامية البريطانية – مثل سويلا برافرمان ومايكل جوف – لإحباط الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين باءت بالفشل".