أكدت بعض
المعتقلات المصريات في سجن النساء بالعاشر من رمضان (شرق القاهرة)، في رسالة وصلت "عربي21"، أنهن لم يعد لديهن القدرة على تحمل البقاء في المعتقل، ولا تحمل الضغوط النفسية والمعاملة غير الآدمية والألم والإهانة والذل الذي يتعرضن له بشكل يومي.
الرسالة التي نقلتها أسر بعض المعتقلات، قالت إنهن "في كل زيارة يؤكدن أنهن لم يعدن يحتملن تلك الأوضاع، ولا بقائهن في السجن أكثر من ذلك"، مشيرات إلى "انعدام الأمل لديهن في الخروج من المعتقل، وسوء الحالة النفسية لديهن، وخسارة الكثير من أوزانهن، وفقدانهن الرغبة في الحياة"، وفق تعبيرهن.
وأوضحت الرسالة الشفهية، أنهن "في كل زيارة يسألن: هل هناك أي أمل؟، هل هناك أية أخبار سارة؟، هل هناك أي حديث عن افراجات عن المعتقلين، والمعتقلات؟، هل هناك أمل في الخلاص من حكم
السيسي؟، هل يمكن أن يقوم الناس بثورة ضده، وبالتالي نخرج من المعتقل؟".
وطالبت الرسالة المصريين بأن يتذكروا المعتقلات، وحرمانهن من "كل حقوقهن في الحياة، من أسرة وزوج وأبناء وأم وأب وأهل وأصدقاء، وبيت وهواء نقي ومعيشة كريمة وملابس وفرش وفسح، وعلاج"، مشيرة إلى حرمانهن من كل تلك الأمور.
كما أنها دعت الحقوقيين والإعلام الحر إلى تبني قضاياهن، مبينات أنه "في كل يوم تصاب فتاة أو سيدة معتقلة بأزمة قد تقودها إلى الانتحار، لولا تدخل البعض لإنقاذها من المشاعر السلبية، وإعادة بث الأمل لديها".
وأشارت إلى أن "حجم معاناتهن يتزايد مع تسلط الجنائيات على المعتقلات بأوامر من أمن السجن، وضابط الأمن الوطني به، ومع منع السلطات الأمنية للسجن إدخال الأدوية والطعام والمتعلقات الشخصية وخاصة ما تحتاجه النساء، من أدوات ومستلزمات صحية، ومصادرة كل ما يتم العثور عليه".
ومنذ أسابيع قامت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان برصد والنشر عن انتحار سجينة روسية داخل محبسها بسجن العاشر من رمضان للنساء (مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان ) نتيجة لظروف الاحتجاز القاسية، وإصابتها بحالة نفسية نتيجة للضغوط الكثيرة التي مورست عليها وعلى الكثير من المعتقلات على ذمة قضايا سياسية وجنائية من قبل إدارة السجن والمسيرات الجنائيات.
وقبل 11 عاما، ومنذ انقلاب رئيس النظام الحالي عبدالفتاح السيسي، حينما كان قائدا للجيش، على أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا في العصر الحديث، الراحل محمد مرسي، في 30 من حزيران/ يوليو 2013، قادت أجهزته الأمنية حملة استهداف واسعة بحق النساء بين قتل واعتقالات خاصة لطالبات الجامعات ومن المنتميات لجماعة الإخوان المسلمين، ومن المعارضات لنظام الحكم ومن الصحفيات والحقوقيات.
ويصل عدد المعتقلين احتياطيا والمحتجزين بحسب "الشبكة العربية لمعلومات
حقوق الإنسان" إلى 120 ألف مصري حتى آذار/ مارس 2021، فيما يبلغ عدد المحكوم عليهم 82 ألفا، بجانب أكثر من 37 ألفا رهن الحبس الاحتياطي، داخل 78 سجنا، بني منها 53 في عهد السيسي.
وتنعدم الأرقام المؤكدة حول عدد المعتقلات السياسيات في مصر، إلا أن التقديرات تشير إلى وجود المئات في نحو 11 سجنا مخصصا للنساء، بجانب المحتجزات بأماكن احتجاز النساء في مديريات الأمن ومراكز وأقسام الشرطة، فيما يقبع العدد الأكبر في سجن العاشر من رمضان وبرج العرب بالإسكندرية، ومجمع سجون وادي النطرون.
وبرغم تدشين نظام السيسي، الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في 11 أيلول/ سبتمبر 2020، وتشكيله لجنة العفو الرئاسي في 2020، والإفراج من آن إلى آخر عن بعض المعتقلين السياسيين، إلا أن قوائم العفو قلما تضم أسماء معتقلات مصريات، وسط صمت تام وتجاهل من منظمات حقوق المرأة والمجلس القومي للمرأة.
وهناك العشرات من المعتقلات المصريات التي صدر بحقهن أحكام مغلظة من فتيات جامعة الأزهر وجامعات مصر، والفتيات اللاتي تظاهرن رفضا للانقلاب كحركة "فتيات 7 الصبح"، أعوام 2013 و2014 و2015، وصلت بعض الأحكام إلى الإعدام، كحالة المعتقلة سامية شنن.
وتصر السلطات الأمنية على استمرار حبس ناشطات وحقوقيات مصريات حبسا احتياطيا بالمخالفة للقانون، وبينهن المحامية هدى عبد المنعم، والناشطة عائشة الشاطر، وسيدة الأعمال حسيبة محسوب، والمترجمة مروة عرفة، والناشطة نرمين حسين، والإعلامية دنيا سمير، وغيرهن، مثل أم زبيدة صاحبة القضية الشهيرة مع الإعلامي عمرو أديب، والمثيرة للجدل، والتي لم يعرف مصيرها وابنتها "زبيدة" حتى اليوم.