يستعد الشرق الأوسط وجزء كبير من العالم للرد
الإيراني على اغتيال الرئيس الفلسطيني المنتخب إسماعيل
هنية، الذي تم في طهران، بينما يتم تداول الحديث عن مدى إمكانية قبول إيران للتراجع عن ذلك مقابل التقدم في محادثات وقف إطلاق النار السلام في قطاع غزة.
وقالت شبكة "
سي إن إن" في تحليل لها، إن العالم يعيش حالة من التوتر، بعدما ألغيت الرحلات الجوية عبر إيران وجيرانها، وسط مخاوف من أن تنطلق الصواريخ في أي لحظة، ما قد يؤدي إلى تصعيد الحرب
الإسرائيلية في غزة.
ومع انعقاد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في الرياض، سلّط التحليل الضوء على الجهود الرامية إلى إقناع إيران بالعدول عن التصعيد، وأن القادة الإقليميين يأملون في أن تكون طهران مستعدة للتراجع مقابل تحقيق تقدم ملموس في المحادثات المتعلقة بغزة.
وأضافت الشبكة أنه "منذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران الأسبوع الماضي، تعهد زعماء الجمهورية الإسلامية بالانتقام من إسرائيل، التي يزعمون أنها مسؤولة عن الحادث، ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي مسؤوليتها عنه".
واعتبرت أن الدفع لإقناع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتخفيف موقفه في مفاوضات وقف إطلاق النار مع حماس ليست جديدة، لكن العائد هذه المرة قد يكون أكثر جاذبية من المحاولات السابقة.
ويقول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة والحلفاء أبلغوا "إسرائيل" وإيران بشكل مباشر "أنه لا ينبغي لأحد أن يصعد هذا الصراع"، مضيفا أن مفاوضات وقف إطلاق النار دخلت "مرحلة نهائية"، وقد تتعرض للخطر بسبب المزيد من التصعيد في أماكن أخرى من المنطقة.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في طهران خلال عطلة نهاية الأسبوع، والتقى بكل من القائم بأعمال الخارجية الإيراني علي باقري، والرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، ويبدو أنه يعتقد أن إيران ربما "تبحث عن مخرج للتصعيد".
واعتبرت الشبكة أن إيران تحتاج إلى "غطاء دبلوماسي للتراجع عن تهديداتها المتسرعة ضد إسرائيل في أعقاب مقتل هنية مباشرة، ووقف إطلاق النار في غزة الذي من شأنه أن يسمح لطهران بالزعم بأنها تهتم بحياة الفلسطينيين أكثر من اهتمامها بالانتقام، لكن العائد يجب أن يكون كبيرا بما يكفي لإيران، حيث إن شرفها وردعها على المحك".
وبهذا وضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ثقله الدبلوماسي، وأعلن في مكالمة هاتفية مع بيزيشكيان أن الرد على إسرائيل "يجب أن يتوقف".
ويشير رد بيزيشكيان إلى أنه يستمع. وقال: "إذا كانت أمريكا والدول الغربية تريد حقا منع الحرب وانعدام الأمن في المنطقة، وإثبات هذا الادعاء، فيجب عليهم التوقف فورا عن بيع الأسلحة ودعم النظام الصهيوني، وإجبار هذا النظام على وقف الإبادة الجماعية والهجمات على غزة، وقبول وقف إطلاق النار".
هل يمكن لحزب الله أن يتصرف بمفرده؟
وقالت شبكة "سي إن إن" في تحقيقها، إنه بعد ما يقرب من عشرة أشهر منذ حرب "إسرائيل" في غزة، والتي "اندلعت بسبب هجوم حماس في السابع من أكتوبر، الذي شهد مقتل حوالي 1200 شخص في إسرائيل واحتجاز ما لا يقل عن 250 آخرين، قُتل ما يقرب من 40 ألف فلسطيني".
وأضافت أن "المشكلة في لعبة تصعيد وقف إطلاق النار في غزة هي أنها مليئة بالأمل، وتفتقر إلى الجوهر، ولكي تنجح، سيتعين على نتنياهو أن يشارك فيها أيضا".
وذكرت أن "حماس جعلت هذا الأمر أكثر صعوبة من خلال استبدالها بهنية نظيره الأكثر صرامة داخل غزة، يحيى السنوار، مهندس هجمات السابع من أكتوبر، وعلى أي حال، فهم الآن ليسوا في مزاج لإجراء محادثات ذات مغزى".
وبينت أن التغيير إذا كان سيأتي فيجب أن يكون من الخارج، ومن الشخص الوحيد الذي لديه النفوذ لتهدئة نتنياهو، وهو الرئيس الأمريكي جو بايدن، ولكن بعد مرور ما يقرب من عام على الصراع، يرفض بايدن المواجهة مع الحكومة الإسرائيلية الأكثر تشددا ويمينية في تاريخها، الأمر الذي يزيد أيضًا من الإحباطات".
وقالت إن ما حصل عليه باقري في جدة خلال اجتماع منظمة العالم الإسلامي هو نوع الدعم الدبلوماسي المقصود منه مساعدتهم على "الخروج من الحافة"، حيث قال مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور: "فيما يتعلق بما تريده إيران بشأن احترام سلامة أراضيها وسيادتها، كان هناك، كما تعلمون، دعم قوي لهذا الشعور".
ومع مغادرة القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني إلى طهران بعد الاجتماع الطارئ الذي دام أربع ساعات، تحول التركيز قليلاً مرة أخرى إلى حزب الله
اللبناني، وهو عازم أيضا على الانتقام لاغتيال قائده العسكري البارز فؤاد شكر في بيروت قبل ساعات من استشهاد هنية.
وقال مسؤول أمريكي ومسؤول استخباراتي غربي لشبكة الأمريكية، إن المخاوف الآن بشأن قيام حزب الله بالتحرك أكبر من إيران، ما يثير احتمال أن يتحرك الحزب الذي يتخذ من لبنان مقرا له.
وقد يبدو هذا بالنسبة لنتنياهو كأنه دلالات لغوية تهدف إلى تثبيط رغبة "إسرائيل" في رد ساحق ضد أي من المعتدين، وهو ينظر إلى إيران وحزب الله باعتبارهما أيادي مختلفة لنفس "الرأس اللاهوتي"، بحسب التحليل.
وباستثناء تبادل إطلاق النار الإيراني الإسرائيلي المباشر في نيسان/ أبريل الماضي، كان حزب الله دائما يوجه الضربات إلى "إسرائيل" التي تتردد إيران في فعل مثلها، بينما وقد توجه هذه المرة ضربة مزدوجة، واحدة من أجل شكر، وأخرى من أجل هنية.
وجاء في ختام التحليل أنه "إن كان الأمر كذلك، فإن رد إسرائيل على حزب الله قد يتحول بسرعة إلى تصعيد إقليمي يجر إيران إلى الداخل، وهو ما يخشاه الجميع، ومن الواضح أن اجتماع جدة والدبلوماسية عبر القنوات الخلفية توفر مساحة دبلوماسية ووقتا لتطوير مخرج لا يزال يحظى بقدر ضئيل من الجاذبية في الوقت الحالي".