قال مسؤول
العلاقات الدولية في
الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين، ونائب الأمين العام للمؤتمر
القومي العربي، الدكتور ماهر الطاهر، إن هناك ما
وصفها بـ"المشاريع الشيطانية" التي تُحاك ضد قطاع
غزة في مرحلة ما بعد
انتهاء العدوان
الإسرائيلي، داعيا جميع الفصائل الفلسطينية المختلفة إلى
"التصدي لهذه المخططات الخبيثة من خلال التوافق على مشروع فلسطيني واضح المعالم".
وأوضح، في
مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "هناك سيناريوهات عديدة طرحتها الولايات
المتحدة الأمريكية لما يُعرف باليوم التالي للحرب، وسيناريوهات أخرى طرحها الكيان الصهيوني،
بالإضافة إلى سيناريوهات طرحتها أطراف عربية (لم يسمّها)، لكننا نقول بكل ثقة بأن اليوم
التالي في قطاع غزة يحدده الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية".
وأشار الطاهر إلى أن "المشاريع
الأمريكية والإسرائيلية التي تُحضّر لليوم التالي للحرب في قطاع غزة ترتكز على
تشكيل إدارات عميلة وخاضعة للاحتلال الإسرائيلي، وعلينا جميعا التصدي بقوة وحزم
لهذا المخطط الشيطاني".
وأضاف: "نحن
كشعب فلسطيني ومقاومة لا نقبل بأي تواجد خارجي على أرض قطاع غزة أو إعادة السيطرة على
القطاع بشكل أو بآخر. الذي سيقرر طبيعة اليوم التالي في قطاع غزة هو الشعب الفلسطيني
والمقاومة الباسلة التي دفعت ثمنا باهظا في هذا العدوان، وبالتالي فإنها لن تنجح أي مُخططات
تستهدف إجراء ترتيبات في قطاع غزة بمعزل عن شعبنا ومقاومته الباسلة".
وأردف: "لا
شك أن الأوضاع صعبة جدا؛ فنحن أمام وضع يحتاج إلى جهد كبير وإلى عملية إعادة بناء،
وسنواجه بلا شك ظروفا وضغوطات كبيرة من القوى المعادية، لكننا واثقون تماما أن اليوم
التالي للحرب لن يكتبه أي أحد سوى أبناء شعبنا في قطاع غزة ومقاومته الباسلة".
تنفيذ مخرجات اتفاق بكين
وذكر مسؤول
العلاقات الدولية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن "أهمية إعلان بكين تكمن
في أنه انعقد في العاصمة الصينية. والصين -كما تعلمون- قوة عالمية صاعدة وقوة
اقتصادية كبيرة، وتلعب دورا متناميا على الصعيد العالمي، وتعمل باتجاه بناء نظام
عالمي متعدد الأقطاب. وأن يُعقد هذا اللقاء في بكين فلا شك أنه يكتسب أهمية خاصة".
وأردف:
"ما أُعلن في اتفاق بكين أنه تم التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة،
ومشاركة كل القوى ضمن إطار منظمة التحرير، ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني، لكن
يجب ترجمة ما تم الاتفاق عليه على الأرض، خاصة أن هذا الاتفاق تضمن نقاط مهمة وأساسية وإذا جرى تطبيقها فسنطوي صفحة الانقسام السوداء من تاريخ شعبنا".
وتابع:
"نأمل ألا يكون إعلان بكين مثل الإعلانات السابقة التي لم يجرِ تنفيذها على
أرض الواقع وما يجري على أرض فلسطين اليوم من تطورات خطيرة للغاية تتطلب عملا جديا لإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، ونأمل أن يتم ذلك في أسرع وقت، وهذا الأمر مرهون بمدى توفر الإرادة السياسية
والقرار الوطني الفلسطيني".
وبشأن
مدى تنفيذ مخرجات اتفاق بكين على أرض الواقع، قال الطاهر: "العبرة في تنفيذ
ما تم الاتفاق عليه في الصين؛ أننا بصراحة توصلنا للكثير من الاتفاقات سابقا سواء
في حوارات أجريت في القاهرة أو الجزائر أو موسكو أو في أماكن أخرى، ولكن مع الأسف لم
يجرِ ترجمة وتنفيذ هذه الاتفاقات التي تم التوصل إليها".
وأضاف:
"هناك تساؤلات حقيقية وجدية من الشعب الفلسطيني بخصوص ما إذا كان سيجري تنفيذ
الاتفاق الجديد هذه المرة أم إنه سيتكرر ما جرى سابقا بعدم ترجمة ما يتم الاتفاق عليه. نحن نقول بكل صراحة إن تنفيذ الاتفاق يتطلب من السلطة الفلسطينية أن تتخذ مواقف
واضحة بضرورة بلورة قيادة جماعية للشعب الفلسطيني، وإعادة الاعتبار لمنظمة
التحرير الفلسطينية، ومشاركة كافة القوى الوطنية والإسلامية ضمن إطارها، بما في
ذلك حركتا
حماس والجهاد الإسلامي".
وشدّد
على أهمية "عقد مجلس وطني فلسطيني (برلمان
فلسطينيي الداخل والشتات التابع لمنظمة التحرير) بشكل كامل لرسم وبلورة استراتيجية
عمل فلسطيني تقوم على قاعدة استمرار وتصعيد المقاومة، خاصة بعد أن اتضح أننا أمام
عدو يريد السيطرة على كل شيء في فلسطين، واتخذ الكنيست الصهيوني قرارا بعدم
الاعتراف بأي شكل من الأشكال بدولة فلسطينية. إذن فالعدو الصهيوني يرفض أية حلول
ويستهدف التصفية الشاملة لقضية فلسطين والسيطرة الكاملة على الضفة الفلسطينية
والقدس وتهجير شعبنا من الأراضي الفلسطينية".
إلغاء اتفاقات أوسلو
وذكر مسؤول
العلاقات الدولية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن "التطورات السياسية
الخطيرة على الأرض تتطلب فعلا تنفيذ مخرجات اتفاق بكين على أرض الواقع. وإذا كنّا
لا نستطيع إنهاء الانقسام بعد ارتقاء 40 ألف شهيد و90 ألف جريح غالبيتهم من
الأطفال والنساء، فمتى يمكن أن ننهي هذا الانقسام؟".
وطالب الطاهر
قيادة السلطة الفلسطينية بضرورة "إلغاء اتفاقات أوسلو التي دفع الشعب
الفلسطيني ثمنها باهظا، وسحب اعترافها بالكيان الإسرائيلي بشكل كامل؛ لأن قيادة
منظمة التحرير اعترفت بالكيان الإسرائيلي عبر اتفاقات أوسلو، ولا مفر من فعل ذلك
إذا كانت هناك جدية لبناء وحدة وطنية فلسطينية حقيقية".
وأشار إلى أن "الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين قدّمت للفصائل الفلسطينية، قبل أيام، ورقة إجراءات تنفيذية لتطبيق
اتفاق بكين، والجميع يدرس الآن هذه الإجراءات التنفيذية، ونؤكد أن مفتاح عملية
إنهاء الانقسام كان ولا يزال في يد قيادة السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود
عباس".
مفاوضات ما بعد استشهاد هنية
وبسؤاله
عن مدى تأثر المفاوضات باستشهاد إسماعيل هنية، أجاب: "نتنياهو، وحكومة
الإجرام في الكيان الصهيوني، لا يريدون التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار؛ فهم
يماطلون ويناورون لكسب الوقت، ويريدون استمرار حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، ويحلمون
بالقضاء على المقاومة التي تصرفت بمسؤولية ووطنية عالية وتمكنت من أن تضع دائما
الكرة في ملعب نتنياهو بأنه هو الذي يعرقل المفاوضات".
وأشار
إلى أن "نتنياهو يدرك أن وقف شامل لإطلاق النار سيعني انتحاره السياسي وسيكشف
حتما فشله الذريع، وربما يؤدي لمحاسبته وتقديمه للمحاكمة، ولذلك فهو يماطل ولا يريد
الوصول لوقف شامل لإطلاق النار، ولا شك أن اغتيال الشهيد الكبير إسماعيل هنية سوف
يؤثر على المفاوضات، وأعتقد أن أحد أهداف نتنياهو هو أن يعرقل من خلال هذا
الاغتيال عملية المفاوضات".
وأضاف:
"لا شك أن اغتيال الشهيد الكبير إسماعيل هنية سوف يؤثر بشكل ملموس على
المفاوضات، وأعتقد أن أحد أهداف نتنياهو هو عرقلة عملية المفاوضات من خلال هذا
الاغتيال، لأنه -كما أشرت- لا يريد وقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني".
وذكر الطاهر
أن "نتنياهو يتوهم أنه سيحقق إنجازات مزعومة، لكنه عندما فشل في تحقيق أي من
أهدافه على أرض قطاع غزة فقد لجأ لسياسة الاغتيالات الجبانة، لأنه يريد تحقيق صورة نصر
ما كي يقدّمه للمستوطنين الصهاينة بعد فشله الذريع على مدى 10 أشهر في كسر إرادة
المقاومة".
وتابع:
"نحن كمقاومة فلسطينية يهمنا بشكل أساسي وقف حرب الإبادة ضد شعبنا، ووقف قتل
الأطفال والنساء وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها ووقف هذه المجازر البشعة، وسنعمل
باتجاه أن تستمر محاولاتنا لوقف شامل لإطلاق النار، ولكن لن تنكسر إرادتنا بأي
صورة من الصور، ولن نخضع لشروط نتنياهو وحكومة الإجرام الصهيوني".
وأكمل:
"سوف نسعى للوصول إلى اتفاق، لكن على أساس التمسك بثوابتنا الفلسطينية، وهي
وقف شامل لإطلاق النار، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وإعادة الإعمار، والانسحاب
من المعابر (محور فيلادلفيا ونتساريم ورفح)، وتبادل الأسرى، وبدون ذلك لن نرضخ -مهما
حدث- لأي من شروط نتنياهو الذي يضع كل يوم شروطا جديدة تعجيزية بهدف عرقلة وقف هذه
المذبحة".
ولفت إلى
أن "المقاومة الفلسطينية مدعومة من شعبها الصامد مارست عملية الموازنة بين
الصمود والعمل المسلح في التصدي للعدوان والمسار التفاوضي، وخاضت مفاوضات غير
مباشرة في أكثر من مكان، وتصرفت بكامل المسؤولية لوقف العدوان، وبالتالي سنستمر
بعملية الموازنة بين العمل المسلح والتصدي للعدوان والاستمرار في المسار التفاوضي،
لكن على أساس التمسك بثوابتنا الراسخة وعدم الرضوخ لمطالب حكومة الإرهاب الصهيوني".
رد محور
المقاومة قادم لا محالة
ونوّه مسؤول العلاقات الدولية في الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين، إلى أن "جريمة
اغتيال إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران تجاوز لكل الخطوط الحمر، وتطور
نوعي خطير للغاية، ونقل للمواجهة مع العدو الصهيوني إلى مستويات ومرحلة جديدة، وأعتقد أن الاحتلال الإسرائيلي لم يحسب هذه الحسابات
الكبرى التي ستترتب على جريمته التي مسّت السيادة الإيرانية".
وأكد أن
"رد محور المقاومة على غطرسة العدو قادم لا محالة، وسياسة الاغتيالات لن تزيد
الشعب الفلسطيني وكل فصائل المقاومة إلا إصرارا على مواصلة الكفاح وإيقاع المزيد من
الخسائر في صفوف العدو المجرم، والذي يعاني أزمة وجودية بكل معنى الكلمة، وسيدرك نتنياهو
أنه سيدفع ثمنا باهظا نتيجة لجرائمه ومغامراته".
وذكر أن "الاحتلال
الإسرائيلي يحاول الآن الوصول إلى صفقة معينة وفق شروط جديدة يتمسك بها، وواشنطن تريد
صفقة مؤقتة لإنهاء الحرب، وفي إطار حسابات معينة، من أجل خدمة الأهداف الأمريكية
في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية لأمريكا، لكن وقف العدوان لا يمكن أن يتم بأي ثمن؛
فالمقاومة تريد إنهاء حرب الإبادة وتحقيق أهداف شعبنا الباسل".
معركة دفاع عن النفس
وشدّد
على أن "معركة طوفان الأقصى هي معركة دفاع عن النفس في مواجهة غزوة صهيونية
مستمرة منذ 76 عاما اقترف خلالها العدو الصهيوني مئات المجازر ضد الشعب الفلسطيني،
وكان يعمل باتجاه التصفية الشاملة للقضية الفلسطينية، وكانوا يقولون بأنه يجب
الحسم وتصفية قضية فلسطين؛ لأنهم يتنكرون لأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني".
واستطرد
قائلا: "لقد جاءت ملحمة 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي كدفاع شرعي عن النفس في
وجه العدوان الصهيوني المتواصل والاستيطان وتهويد القدس وتدنيس المسجد الأقصى
والاعتقالات والاغتيالات وقتل الناس".
وزاد: "كان
من الطبيعي أن يوجّه الشعب الفلسطيني، والمقاومة، على أرض قطاع غزة رسالة مفادها أننا
سنواجه العدوان وسنقاتل دفاعا عن حقوقنا. في الواقع، تمكّن شعبنا من تسجيل صفحة
مجد في تاريخنا حيث صمدنا طيلة 10 أشهر، بينما لم يتمكن الجيش الصهيوني بكل ما
يملكه من أسلحة وتكنولوجيا وطائرات من تحقيق أي إنجاز من الإنجازات التي أعلنها".
وواصل الطاهر
حديثه بالقول: "لقد صمد شعبنا صمودا أسطوريا أذهل العالم أجمع، واهتزت هيبة
الجيش الإسرائيلي أمام المستوطنين وأمام العالم بأسره، وبالتالي، فقد تمكّن شعبنا من
خوض معركة تاريخية بكل معنى الكلمة، رغم أننا دفعنا ثمنا باهظا كشعب فلسطيني".
وقال:
"واجهنا حرب إبادة غير مسبوقة وحرب تمييز عنصري بكل معنى الكلمة، وجرت تلك
المجازر على مرأى ومسمع من العالم أجمع، وبدعم كامل من الولايات المتحدة الأمريكية،
لكننا صمدنا في وجه هذا العدوان وأوقعنا خسائر حقيقية وفادحة بصفوف العدو وسنستمر
بالصمود والمقاومة".
أوضاع كارثية لأبعد مدى
وشدّد مسؤول
العلاقات الدولية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على أن "الأوضاع في قطاع
غزة كارثية لأبعد مدى على الصعيد الإنساني، لأن الكيان الإسرائيلي أراد تحويل قطاع
غزة إلى منطقة غير قابلة للحياة، وهم استعملوا تعابير في الكيان الإسرائيلي من نوع
الإبادة المجتمعية، والإبادة السكانية، والإبادة البيئية، وبالتالي فالوضع في قطاع
غزة صعب للغاية ولا يمكن وصفه".
وزاد:
"سيحتاج قطاع غزة إلى وقت طويل من أجل إدخال المساعدات وإعادة الإعمار، وهناك
ضغوطات كبيرة تُمارس على الشعب الفلسطيني والمقاومة لربط موضوع المساعدات وإعادة
الإعمار بشروط سياسية، لكن شعبنا ومقاومتنا لن تقبل بأي شروط سياسية".
ولفت الطاهر
إلى أن "إعادة بناء ما دمّرته الحرب في قطاع غزة سيحتاج إلى وقت طويل، لكن
شعبنا الصامد الصابر سيتمكن بعد وقف حرب الإبادة من أن يعمل بشكل جدي لإعادة بناء
قطاع غزة واستمرار الحياة واستمرار المقاومة والكفاح من أجل انتزاع كامل حقوقنا
الوطنية وتحرير أرضنا وبلادنا، ورغم صعوبة تلك المهمة، فإن الشعب الفلسطيني
سيتصدى لها بدعم من حلفائه وأصدقائه في العالم أجمع".
وهاجم الإدارة الأمريكية
قائلا: "الولايات المتحدة هي التي تمد إسرائيل بوسائل القتل والتدمير؛ حيث
تُقدّم كل أنواع السلاح للعدو الصهيوني الذي يسعى لإشعال حرب إقليمية كبرى، والقنابل
التي تُلقى على أطفال ونساء غزة هي قنابل أمريكية، وبالتالي فأمريكا شريك أساسي في
العدوان الغاشم، وهي أيضا قادرة على وقف الحرب إن أرادت ذلك، لكنها في واقع الأمر
لا تريد وقف الحرب".
وتابع مسؤول
العلاقات الدولية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: "الولايات المتحدة
الأمريكية تتحدث عن ضرورة وقف إطلاق النار، ولكنها لا تمارس أي ضغط حقيقي أو جاد على
الكيان الصهيوني".
واختتم الطاهر بقوله: "الحديث عن وجود خلافات بين بايدن ونتنياهو
هو مجرد اختلافات تكتيكية لا يمكن التعويل عليها، وتصريحات الإدارة الأمريكية حول استمرار
الجهود لوقف حرب الإبادة ليست سوى مناورات وخداع لتضليل الرأي العام في العالم أجمع".