شددت صحيفة "
نيويورك تايمز" على أن جزءا كبيرا من صمود حركة المقاومة الإسلامية "
حماس" أمام
الاحتلال الإسرائيلي يعود إلى "استراتيجية
الأنفاق"، التي مكنت مقاتلي المقاومة من مباغتة جيش الاحتلال في مناطق ضيقة وبطرق فتاكة.
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير ترجمته "عربي21"، إن "هناك دليلا لحماس وصف بالتفصيل كيفية التحرك في الظلام والتنقل بقوة وإطلاق النار من مناطق ضيقة وبطريقة فتاكة".
وأوضحت أن دليل الإرشادات الذي يعود إلى عام 2019، والذي عثر عليه جيش الاحتلال وراجعته "نيويورك تايمز"، طلب من المقاومين الفلسطينيين عد الدقائق والثواني التي يتمكن من خلالها المقاتلون من التحرك بين نقاط عدة تحت الأرض.
واعتبرت الصحيفة، أن هذا الدليل "يمثل جزءا من جهود أنفقتها حماس على مدى عدة سنوات وقبل هجمات 7 أكتوبر والحرب الحالية، لبناء عمليات عسكرية تحت الأرض تستطيع الصمود لمدة طويلة وإبطاء تقدم القوات الإسرائيلية في الأنفاق المظلمة".
وبحسب التقرير، فإن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وافق قبل عام من الهجمات الإسرائيلية، على ميزانية نفقات لبناء جدار عازل لحماية شبكة الأنفاق من الهجمات البرية. وراجع قادة كتائب حماس الأنفاق تحت
غزة وحددوا المناطق الحيوية تحت الأرض والمناطق على السطح التي تحتاج لتحصين.
وأوضحت الصحيفة، أن "الوثائق والمقابلات مع الخبراء وقادة الجيش الإسرائيلي، كشفت عن السبب الذي أدى لفشل القوات الإسرائيلية وبعد عام تقريبا على الحرب بتفكيك حماس. فقد أمضى المسؤولون الإسرائيليون سنوات في البحث عن وتدمير الأنفاق التي بنتها حماس من أجل التسلل والقيام بهجمات في داخل الأراضي الإسرائيلية، لكن تقييم شبكة الأنفاق في داخل غزة لم يكن أولوية، كما يقول المسؤولون الإسرائيليون البارزون، لأن الغزو وحربا شاملة لم تكن قائمة على الأرجح".
و"لكن المسؤولين، اكتشفوا أن حماس كانت تحضر لمثل هذه الحرب ومنذ وقت. ويقول الخبراء إن حماس لم تكن لتصمد أمام القوة الإسرائيلية المتفوقة لولا شبكة الأنفاق. ويحتوي الدليل عن الأنفاق الأرضية على تعليمات حول تمويه مداخل الأنفاق، والتعرف عليها من خلال البوصلات أو جي بي أس والدخول إليها بسرعة والتحرك بشكل فعال داخلها"، حسب التقرير.
وجاء في الدليل المكتوب باللغة العربية: "أثناء التحرك داخل النفق، يحتاج المقاتل إلى مناظير رؤية ليلية مزودة بأشعة تحت الحمراء" و"يجب ضبط الأسلحة على الوضع الأتوماتيكي وإطلاقها من الكتف".
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن "المسؤولين الإسرائيليين كانوا يعرفون قبل الحرب أن حماس لديها شبكة أنفاق واسعة النطاق، لكن ما اكتشفوه هي أنها كانت متطورة وأوسع مما يفكرون".
وفي بداية العام الحالي قدر مسؤولو الاحتلال الإسرائيلي طول شبكة الأنفاق بأنها 250 ميلا، ولكنهم يعتقدون الآن أنها ضعفا الحجم الأول، ولا يزال جيش الاحتلال يكتشف أنفاقا جديدة، حسب التقرير.
وتظهر "الوثائق كيف تكيف الجانبان للحرب، ففي الوقت الذي قللت فيه إسرائيل من أهمية الأنفاق وتجنبت إرسال قواتها إلى تحت الأرض خوفا من مواجهة قتال شرس، استعدت حماس لمعارك لم تندلع بعد وكانت تنصب الكمائن للجنود بالقرب من مداخل الأنفاق، في حين تتجنب المواجهات المباشرة. وهو ما منح حماس القدرة لاستخدام الأنفاق الأرضية كي تخطط لهجمات وشنها فوق الأرض إلى جانب تفخيخ القنابل وتفجيرها عن بعد".
وبحسب الصحيفة، فإن "هذه المناورات نجحت في إبطاء تقدم القوات الإسرائيلية التي قضت على مقاتلي حماس وأجبرتهم على التخلي عن مناطق واسعة من الأنفاق"
وقالت الصحيفة، إن "الوثيقة عن الأنفاق وخرائط الحرب الأرضية عثر عليها الجنود الإسرائيليون في حي الزيتون بغزة في تشرين الثاني /نوفمبر. وتم العثور على رسالة من السنوار لقادة الكتائب في نفس الشهر، جنوب غزة".
وحصلت الصحيفة على الوثائق من جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقال متحدث باسم جيش الاحتلال إن "واقع اختباء حماس في الأنفاق وإدارته الحرب منها يطيل أمد الحرب"، ولم يعلق مسؤول بارز في حماس على هذا الكلام.
وذكرت "نيويورك تايمز، أن "الشعارات والعلامات الموجودة على الوثائق المكتشفة لا تختلف عن تلك التي تستخدمها حماس في وثائقها العامة أو تلك التي قامت نيويورك تايمز بفحصها".
وتصف الوثائق أيضا "استخدام أجهزة الكشف عن الغاز ونظارات الرؤية الليلية، وهي المعدات التي عثرت عليها القوات الإسرائيلية داخل الأنفاق"، حسب التقرير.
ونقلت الصحيفة، عن مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق، تامير هاميان، قوله إن "استراتيجية حماس القتالية تقوم على أساليب الأنفاق الأرضية" و"هذا واحد من الأسباب الرئيسية التي استطاعت فيها الصمود أمام الجيش الإسرائيلي".
وتم الكشف منذ بداية الحرب عن شبكة الأنفاق التي أطلق عليها "مترو غزة"، وتستخدم حماس "أنفاقا بدائية وبسيطة لشن هجمات". ويصف الدليل كيفية التحرك في الأنفاق الضيقة والمظلمة بيد على الجدار والأخرى على كتف المقاتل في الأمام.
وبحسب التقرير، فإن "هناك أنفاقا متقدمة وتعتبر مراكز قيادة وتحكم أو شرايين تربط شبكة الأنفاق بمصانع الأسلحة أو مراكز تخزين السلاح، مما أخفى كامل البنية التحتية العسكرية لحماس. وفي بعض الحالات استخدمت الحركة الألواح الشمسية المثبتة على أسطح المنازل لتوفير الطاقة للأنفاق تحت الأرض. كما وتستخدم بعض الأنفاق كمراكز اتصال".
ونقلت الصحيفة، عن الخبيرة في حرب الأنفاق بجامعة "رايخمان" الإسرائيلية، دافني ريتشموند باراك، قولها "لا أستطيع أن أبالغ في تقدير أهمية هذا الأمر بأي حال. فالأنفاق تؤثر على وتيرة العمليات. فلا يمكنك التقدم. ولا يمكنك تأمين التضاريس، وأنت تتعامل مع حربين، واحدة على السطح وأخرى تحته".
وقال مسؤول إسرائيلي إن "تدمير كامل الشبكة يحتاج إلى عدة سنين".
من جهته، قال رالف أف غوف، المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، إن "نظام أنفاق حماس كان جزءا ضروريا إن لم يكن وجوديا في خطة الحرب الأصلية لهم".
ولا يعرف متى بدأت حماس باستخدام الأبواب المقاومة للمتفجرات، لكن ريتشموند باراك قالت إن "اعتماد الحركة الشديد عليها كان جديدا. ولم تعثر على دليل لاستخدام حماس لها خلال حرب عام 2014 مع إسرائيل".
وتغلق الأبواب المقاومة للانفجار أجزاء الأنفاق عن بعضها البعض ومن الخارج، ما يحميها من التفجيرات والثغرات. كما تعيق استخدام جيش الاحتلال للطائرات بدون طيار لتفتيش الأنفاق ورسم خرائطها، حسب التقرير.