قالت منظمة "
هيومن رايتس ووتش"، الأربعاء، إن "القوات المسلحة
اللبنانية والسلطات
القبرصية تعملان معا لمنع اللاجئين السوريين من الوصول إلى أوروبا، ثم ترحيلهم ليواجهوا الخطر في
سوريا".
وأضافت في تقرير مكون من 90 صفحة، جاء تحت عنوان، "’لا أستطيع العودة إلى بلدي أو البقاء هنا أو الرحيل‘: صد وإرجاع اللاجئين السوريين من قبرص ولبنان"، أنها قابلت "16 لاجئا سوريا حاولوا مغادرة لبنان بشكل غير نظامي بالقوارب بين آب /أغسطس عام 2021 وأيلول /سبتمبر عام 2023".
وأشار التقرير إلى "أسباب سعي اللاجئين السوريين في لبنان اليائس إلى المغادرة ومحاولة الوصول إلى أوروبا، وكيفية اعتراض الجيش اللبناني لهم وإرجاعه لهم وطردهم فورا إلى سوريا". بالتزامن مع ذلك، "قام خفر السواحل القبرصي والقوى الأمنية القبرصية الأخرى بإعادة السوريين الذين وصلت قواربهم إلى قبرص إلى لبنان، دون اعتبار لوضعهم كلاجئين أو خطر طردهم إلى سوريا".
ولفت إلى أن "الجيش اللبناني قام بطرد العديد من الذين أعادتهم قبرص إلى لبنان إلى سوريا على الفور".
وأوضحت المنظمة، أنها "تحققت من الصور الفوتوغرافية والفيديوهات المرسلة مباشرة من الأشخاص الذين قابلتهم، ووصلت إلى بيانات تتبع الطائرات والقوارب لتأكيد روايات هؤلاء الأشخاص، وقدمت طلبات حرية المعلومات للحصول على وثائق تمويل الاتحاد الأوروبي".
ووثقت المنظمة حالات الأشخاص الذين أعيدوا ما بين آب /أغسطس عام 2021 وأيلول /سبتمبر عام 2023"، لكن لبنان أكد لـ"هيومن رايتس ووتش" أنه طرد السوريين الذين أعادتهم قبرص في نيسان /أبريل عام 2024، وأعلن عن عمليات إرجاع جديدة في آب /أغسطس عام 2024.
ونقل التقرير عن الباحثة في مجال حقوق اللاجئين والمهاجرين في "هيومن رايتس ووتش"، نادية هادردمان، قولها إنه "عبر منع اللاجئين السوريين من المغادرة لطلب الحماية في بلد آخر، ثم إعادتهم قسرا إلى سوريا، ينتهك لبنان الحظر الأساسي على إعادة اللاجئين إلى حيث يواجهون الاضطهاد، بينما يساعد الاتحاد الأوروبي في دفع التكلفة. تنتهك قبرص هذا الحظر أيضا من خلال دفع اللاجئين إلى لبنان حيث قد يتعرضون للإعادة إلى الخطر في سوريا".
وذكرت المنظمة أنها شاركت نتائج التقرير التي توصلت إليها مع 12 جهة معنية ودعتها إلى التعليق عليها، بما في ذلك حكومتا لبنان وقبرص ومؤسسات وهيئات الاتحاد الأوروبي وجهات خاصة. وردت إجابات من عشرة منها.
وبموجب التقرير، فإن "السلطات القبرصية طردت المئات من طالبي اللجوء السوريين بشكل جماعي دون السماح لهم بالوصول إلى إجراءات اللجوء، وأجبرتهم على ركوب سفن سافرت بهم مباشرة إلى لبنان".
وقال الأشخاص المُبعدون لـ"رايتس ووتش"، إن "عناصر الجيش اللبناني سلموهم مباشرة إلى جنود سوريين ومسلحين مجهولين داخل سوريا".
وبمجرد وصولهم إلى سوريا، تعرض
اللاجئون المبعدون ليس فقط للاحتجاز من قبل الجيش السوري، بل للابتزاز من قبل مسلحين مقابل دفع المال لتهريبهم إلى لبنان مجددا، وفقا للمنظمة.
وشددت المنظمة، على أن عمليات الصد في قبرص تعتبر عمليات طرد جماعي محظورة بموجب "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"، وتنتهك حظر الإعادة القسرية غير المباشرة أو المتسلسلة أو الثانوية.
وأشارت إلى أن "مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين" المكلفة بتوفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للاجئين، تؤكد أن سوريا غير آمنة للعودة القسرية وأنها لا تُسهل ولا تُشجع العودة الطوعية.
وفي أيار/ مايو الماضي، شددت منظمة العفو الدولية على اتفاق منظمات حقوق الإنسان بالإجماع على عدم وجود أي مكان في سوريا يمكن اعتباره آمنا لعودة اللاجئين إليه.
وتعاني سوريا من صراع داخلي منذ انطلاق الثورة السورية في 15 آذار/ مارس 2011، التي تحولت بفعل العنف والقمع الوحشي الذي قوبلت به من قبل النظام السوري إلى حرب دموية، أسفرت عن مقتل مئات الآلاف ودمار هائل في المباني والبنى التحتية، بالإضافة إلى كارثة إنسانية عميقة لا تزال البلاد ترزح تحت وطأتها.