تظاهر أكثر من مائتي ألف شخص من أنصار فلسطين في العاصمة البريطانية لندن، رفضا لحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع
غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
وجاءت
المظاهرة الـ19 من نوعها التي تشهدها لندن منذ اندلاع
الحرب على غزة، والتي انطلقت من شارع "ريجينس ستريت وسط لندن باتجاه السفارة الإسرائيلية، عقب خلاف بين المنظمين والشرطة البريطانية حول توقيت وطريق المسيرة، حيث اشتكى المنظمون من مسعى رسمي لتغيير التوقيت وفرض بعض القيود على المظاهرة، لكن تشبث القائمين على المظاهرة بحقهم في التظاهر السلمي، انتهى في الأخير بتراجع الشرطة عن تعديلاتها".
المظاهرة التي جرت تحت شعار "إنهاء الإبادة الجماعية ـ إيقاف تسليح إسرائيل ـ لا للحرب في الشرق الأوسط ـ لا للإسلاموفوبيا"، وحضرها مراسل "عربي21" تأتي بعد أيام قليلة من موجة عنف قادتها بعض الجماعات اليمينية المتطرفة، وواجهتها الحكومة بقوة القانون.
وأوضح المنظمون أن هذه المسيرة تأتي في الوقت الذي تستمر فيه الإبادة الجماعية التي تنفذها دولة الاحتلال في غزة منذ ما يقرب من 11 شهراً، حيث تتعرض المدارس والمستشفيات بشكل متواصل للهجمات الإسرائيلية. في الوقت نفسه، تتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وذكر المنظمون أن هذه المظاهرة جزء من سلسلة من الاحتجاجات التي أظهرت
بريطانيا كواحدة من أهم مراكز التضامن العالمي مع الفلسطينيين.
ورفع المشاركون في المظاهرة بالإضافة إلى أعلام فلسطين لافتات تطالب بالوقف الفوري لحرب الإبادة، كما أنها تدعو الحكومة البريطانية إلى وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل، على اعتبار أن ذلك يمثل مشاركة في حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
ورفعت إلى جانب ذلك لأول مرة شعارات واضحة بالدعوة لمحاربة تصاعد الإسلاموفوبيا في البلاد بعد أحداث الشغب الأخيرة التي قام بها اليمين المتطرف، إثر شائعات كاذبة ضد المسلمين.
وفي وقت سابق حذر القائمون على المظاهرة أنصار فلسطين المشاركين في المظاهرة من الانضمام إلى أبي مجموعات دخيلة على المنظمين، أو الاحتكاك بالشرطة أو القيام بأي أعمال مخالفة للقانون.
وحث تحالف فلسطين المشاركين في المظاهرة على البقاء داخل المناطق المحددة كما أشارت الشرطة، ولكنه أكّد أن صوت الحق لا يمكن إسكاته، وأنه ملتزم بتنظيم المظاهرات السلمية، والدفاع حتى آخر رمق عن حقوق الفلسطينيين بالعيش بسلام وكرامة على أرضهم.
وقال زاهر بيراوي، رئيس المنتدى الفلسطيني عضو التحالف التضامني البريطاني المنظم لهذه المسيرة: "إن المظاهرات واشكال الاحتجاج المختلفة ضد حرب الإبادة التي تمارسها دولة الاحتلال ضد شعبنا في غزة، تعتبر أكثر أهمية اليوم من اي وقت مضى ، لأن البعض أخذ بالاعتياد على مشهد القتل والدمار، والبعض أصابه قدر من الاحباط ، ولكننا على يقين بأن هذه الفعاليات تبعث الأمل في نفوس اهلنا لأنها تعتبر النقطة البيضاء في سواد الخذلان الغربي الرسمي والشعبي".
واضاف بيراوي في تصريحات خاصة لـ
"عربي21": "إن هذه المظاهرات تتم مواجهتها من قبل اللوبي ومحاولة وقفها ومنعها بكل السبل الممكنة وعبر التشويه أحيانا والضغط على أجهزة البوليس احيانا اخرى لعرقلة تنظيمها. ونحن نؤمن أن هذه المظاهرات هي أحد أهم الأسباب لمراجعة حكومة العمال لموقفها الداعم لحرب الإبادة وخاصة وقف والغاء نسبة من عقود التسليح لدولة الاحتلال ودعوتها لوقف الحرب".
نائب رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا عدنان حميدان من جهته أكد لـ
"عربي21"، إصرار المنظمين على المضي قدما في مظاهرتهم وعدم الرضوخ لأي ضغوط قائلا: "إن هذا أقل ما يمكن أن نقدمه لأهلنا الذين يبادون كل دقيقة في غزة، وهم الآن يتعرضون للتنكيل أيضا في الضفة، ونحن نتظاهر سلميا وخلال الشهور الأحد عشر الماضية لم يسجل علينا أي أذى لأي شخص، فمعركتنا مع الاحتلال وليست مع أي أشخاص أو جهات أخرى، ونحن هنا في بريطانيا في ساحة نصرة وتضامن وضغط سياسي وشعبي للمساهمة في وقف العدوان".
وتأتي هذه المسيرات المتتالية في سياق مظاهرات مؤيدة لفلسطين شهدتها لندن بانتظام منذ اندلاع العدوان على غزة في أكتوبر الماضي، حيث شارك فيها مئات الآلاف.
وتعتبر المسيرة المقررة لهذا السبت الأولى منذ نحو عام من حيث التوجه نحو السفارة الإسرائيلية في منطقة كينسينغتون غرب المدينة.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المسيرة تتزامن مع مظاهرة مضادة دعت إليها مجموعة تسمي نفسها "أوقفوا الكراهية في المملكة المتحدة"، وهي مجموعة صهيونية موالية للاحتلال وتهدف للتخريب على المظاهرة الوطنية والضغط على الشرطة لتقييدها.
وخلال المسيرات السابقة، فرضت الشرطة قيودًا على الاحتجاجات في محيط السفارة الإسرائيلية، ما منحها صلاحيات لاعتقال أي شخص يخطط للتظاهر هناك.
ووفقًا للتوجيهات الأخيرة التي نشرتها الشرطة، فقد حُددت أوقات وأماكن التجمع للمشاركين في مسيرة يوم السبت، إلى جانب المسار المحدد الذي يمتد من شارع ريجنت إلى طريق كينسينغتون، جنوب هايد بارك. وقد حُظر دخول المتظاهرين إلى الشارع الذي تقع فيه السفارة الإسرائيلية ومنطقة محددة من شارع كينسينغتون هاي ستريت.
ووصلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى مرحلة حرجة، جراء إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب على القطاع، وعدم الانسحاب من محوري نتساريم وفيلادلفيا وسط وجنوب القطاع، بينما تتمسك حركة حماس بإنهاء الحرب وعودة النازحين والانسحاب الإسرائيلي من كامل القطاع.
وبدعم أمريكي تشن دولة الاحتلال حربا مدمرة على غزة، خلفت أكثر من 135 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على الـ10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.